عنوان الموضوع : العلاقات الجزائرية ـ الإيرانية : من القطيعة إلى بدايات الانفراج - من تاريخ الجزائر
كاتب الموضوع : imilla
مقدم من طرف منتديات ايمازيغن

العلاقات الجزائرية ـ الإيرانية : من القطيعة إلى بداياتالانفراج
دورية مختارات إيرانية – العدد 52- نوفمبر 2015م
تككتسب زيارة الرئيس الإيراني محمد خاتمي للجزائر في الثاني من أكتوبر 2015 لمدة ثلاثة أيام وبدعوة رسمية من نظيره الجزائري أهمية خاصة لكونها الأولى من نوعها لرئيس إيراني منذ قيام الجمهورية الإسلامية في إيران عام 1979، كما تأتي تتويجاً لمساعي البلدين لطي صفحة توتر وقطيعة طبعت العلاقات الثنائية لأكثر من ثماني سنوات، واستكمالاً للزيارة التي قام بها الرئيس الجزائري، عبد العزيز بتوتفليقة، إلى إيران في 19 أكتوبر عام 2015، والتي كان لها الأثر الكبير في إذابة الجليد في علاقات البلدين، تشكل تلك الزيارة التاريخية منعطفاً بارزاً ، في سبيل تحسين العلاقات ووضعها في مسارها الطبيعي، بما يتوافق ومكانة البلدين، ومواقفهما الثورية لجهة مكافحة الإرهاب والعنف وويلات الحرب، والدفاع عن التنمية والأمن والديمقراطية والاستقلال والمصالح الوطنية، وتنسيق المواقف في المنظمات الدولية، ومنظمة الدول المصدرة للنفط ( أوبك) ، وحركة عدم الانحياز. من ناحية ثانية، تدشن الزيارة بدايات جادة وواثقة، بفعل توافر الإرادة السياسية لقيادة البلدين للمضي قدماً في تكريس تطبيع العلاقات، ومساعدتها على ارتياد آفاق جديدة ورحبة للتعاون والتنسيق المشترك لمواجهة المتغيرات والتحديات الإقليمية والدولية ، ولمزيد من تعزيز القواسم المشتركة بين البلدين، ومن شأن توافر إرادة السلطات العليا في الجزائر وإيران المساعدة الإيجابية على وضع أساس متينة تقوم على الصداقة والتضامن والتفاهم المتبادل مما يتيح المجال إلى إقامة تعاون بناء يعود بالمنفعة المتبادلة.
أولاً : من الخصوصية إلى القطيعة:
في الاتجاه المعاكس لخصوصية العلاقات بين طهران والجزائر، ومدى ما تمثله القيم الثورية للثورتين الإيرانية والجزائرية ، وما تمثله الجزائر التي اعتبرت بمثابة نقطة الارتكاز الأساسية للحضور الإيراني في المغرب العربي، والتي كانت السفارة الإيرانية فيها تحظى بثقل وإمكانات تتجاوز المطلوب في الساحة الجزائرية، تسبب مبدأ " تصدير " الثورة الإسلامية وعالميتها وفق النموذج والتجربة التي جسدتها الثورة الإسلامية في إيران، في بروز مؤشرات عدة على توتر العلاقات ووصولها إلى مرحلة القطيعة. وبعد اندلاع الثورة الإيرانية في عام 1979، والتي أيدتها الجزائر، توثقت العلاقات ونمت بصورة ملحوظة وملموسة ، ومثلت زيارة الرئيس الجزائري ، الشاذلي بن جديد لإيران في عام 1982، في أثناء الحرب بين العراق وإيران ، تحولاً هاماً في سياق ما قامت به الجزائر من تمثيل ورعاية المصالح الإيرانية في الولايات المتحدة بعد قطع العلاقات الدبلوماسية بين إيران والولايات المتحدة في السابع من أبريل 1980، وما قامت به الجزائر من دور الوسيط من أجل الإفراج عن الـ 50 دبلوماسياً أمريكياً الذين احتجزوا كرهائن في السفارة الأمريكية في طهران في الرابع من نوفمبر 1979، كما كثفت الجزائر من مهام الوساطة الحميدة خلال الحرب بين العراق وإيران ( 1980 ـ 1988 ) إلى حد أنه في خلال إحدى هذه المهام قتل وزير خارجيتها ، محمد الصديق بن يحيى إثر تحطم طائرته في ظروف لم تتضح بعد في 3 مايو 1982، عند الحدود العراقية ـ التركية . بيد أن إصرار القيادة الإيرانية على تجسيد تعبيرات دعم " مسلمي العالم" الذي ينص عليه دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية تسبب في توتير العلاقات التاريخية والأخوية بين البلدين الإسلاميين، وما حملته التقارير الأمنية الجزائرية عن تورط محتمل لطهران في دعم قيادة الجبهة الإسلامية للإنقاذ مباشرة بعد إلغاء المسار الانتخابي مطلع العام 1992. وبعد فوز الجبهة في الدورة الأولى من الانتخابات التشريعية في ديسمبر 1991، وما أعقب ذلك من إلغاء نتائج هذه الانتخابات أواخر عام 1992، وعلى الرغم من النفي الرسمي الإيراني ، فقد اتخذت طهران ، وقتئذ موقفاً مساندًا لجبهة الإنقاذ، اعتبرته الجزائر تدخلاً في شئونها الداخلية، كما ظهرت تقارير عن قيام مسئولين إيرانيين بإرسال أصوليين جزائريين إلى لبنان لتلقي تدريبات شبه عسكرية في مخيمات حزب الله، وتزامن ذلك مع مبادرة الجزائر بإبعاد سبعة دبلوماسيين إيرانيين ، من بينهم الملحقان العسكري والثقافي في السفارة الإيرانية، تطبيقاً لقرار تقليص مستوى التمثيل الدبلوماسي بين البلدين، واضطرار الجزائر إلى سحب سفيرها وعدد من كبار مساعديه من طهران بعد قيام إيرانيين بمحاصرة السفارة الجزائرية ومنزل السفير الجزائري، وتسبب قرار السلطات الجزائرية. وتسبب قرار السلطات الجزائرية باعتقال قادة الجبهة الإسلامية، صيف 1991، وعلى رأسهم الشيخ عباس مدني ، وقبل إلغاء الانتخابات ، في مزيد من توتير العلاقات، إلى حد استدعاء الجزائر لسفيرها، في طهران ، لكنها لم تسحب سفيرها ، السيد عبد القادر حجار، إلا في أوائل عام 1992، بيد أنها أنهت في ذلك الوقت رعايتها للشئون الإيرانية في الولايات المتحدة وهو ما تولته منذ قيام الثورة الإيرانية، وازدادت العلاقات توتراً بعد قرار حل الجبهة الإسلامية إذ تصاعد التهجم الإيراني على الجزائر، وباءت محاولات الدبلوماسية الجزائرية بالفشل في إقناع القيادة الإيرانية عن موقفها، عبر وساطات عدة منها السورية والليبية والتي فشلت جميعها ،وأشارت صحيفة الديلي تلغراف البريطانية في تقرير لها ، إبان هذه الأزمة، إلى أن طهران وعدت الجبهة الإسلامية للإنقاذ منحها خمسة ملايين دولار إذا تمكنت من الوصول إلى السلطة في الجزائر، بيد أن الحيلولة دون وصول الإسلاميين إلى سدة الحكم في الجزائر إصاب الدبلوماسية الإيرانية" بخيبة أمل " أفقدتها توازنها في التواصل مع الجزائر الحليف المفضل للإيرانيين في المنطقة المغاربية. وبسبب تقلب علاقاتهم مع ليبيا منذ واقعة اختفاء الإمام موسى الصدر، في ظروف غامضة خلال زيارته ليبيا في العام 1977، وإصرار الإيرانيين على جلاء الغموض في هذه القضية قبل التجاوب مع مساعي ليبيا لمعاودة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، واللافت للانتباه أن مستوى التنسيق الوثيق والحميم بين محور طهران ـ الخرطوم وانعكساته المحتملة على المنطقة المغاربية قد ألقى بظلاله على العلاقات التونسية ـ السودانية والتي شهدت في هذه الآونة أزمة حادة أدت إلى سحب السفراء من عاصمتي البلدين وإغلاق السفارتين بعدما اتهمت تونس الخرطوم بتقديم الدعم لحركة النهضة " المحظورة" . وباتت المخاوف والهواجس من النزعة الإيرانية المعلنة لتصدير الثورة الإسلامية والتجارب السابقة لإيران في التعاون مع الحركات الإصولية المغاربية على مسافة واضحة مع إيران. وباستمرارية هذا التأييد لم يكن هناك مفر أمام تونس والمغرب من قطع علاقتهما الدبلوماسية مع إيران في النصف الأول من الثمانينيات وبالتحديد عام 1987، إلا أن العلاقات استؤنفت لاحقاً في العام 1988، وعاود البلدين المغاربيان تبادل السفراء مع طهران.
وتحت مظلة وهيستيريا دعم الحركات الأصولية، دون إدراك لحقيقة ما تسببه من قطيعة حتمية تشكل ضربة قوية للوجود الإيراني في المنطقة، وإضعافاً للدور الذي يمكن أن تلعبه إيران فيها، أصاب التصريحات الإيرانية حالة من الرعونة وعدم الكياسة إلى حد إعلان آية الله أحمد جنتي سروره باغتيال الرئيس الراحل محمد بوضياف،وهو ما اعتبره المسئوليون الجزائريون تصرفاً دنيئاً ، تستنكره وتدينه تعاليم الإسلام، والسلوك المتحضر ،وبالتداعي المنطقي، يمثل قرار الجزائر قطع العلاقات مع إيران، في مارس 1993، انتكاسة قوية لإيران، كون الجزائر شكلت منذ أيام الشاه أبرز أصدقاء طهران في العالم العربي وأفريقيا ، ولم يفلح مع هذه الخسارة الاستراتيجية سعي إيران إلى فتح صفحة جديدة في علاقتها مع تونس والمغرب في محاولة للتعويض عن خسارة العلاقات الوثيقة التي كانت تحتفظ بها مع جزائر الشاذلي بن جديد.
ثانياً : إرهاصات الانفراج والانفتاح:
سعى الإيرانيون إلى مصالحة مع الجزائر في عهد الرئيسين السابقين، على كافي واليمين زروال، بيد أن هذه الجهود ظلت من دون نتائج ، بسبب إصرار الجزائريين على اعتبار طهران داعمة للإرهاب، ولم تثمر مساعي عواصم عربية، أبرزها، دمشق ، لكسر الجليد بين البلدين، ووضع العلاقات على طريق المصالحة تعزيزاً للصف الإسلامي، ويجدر رصد أن التعديلات التي أدخلت على السياسة الخارجية الإيرانية ، مع تفوق جناح الرئيس هاشمي رفسنجاني على الجناح المتشدد بزعامة على أكبر محتشمي أتاحت إعادة تقييم الموقف الإيراني من الأوضاع في المغرب العربي ومراجعة التأييد الواضح الذي كانت تظهره إيران للحركات الأصولية المحلية. وتجسيداً لذلك، سعى الإيرانيون إلى توسيع العلاقات الدبلوماسية العادية مع الدول المغاربية إلى علاقات أكثر تقدماً بعدما تعرضت علاقاتهم مع دول المشرق العربي إلى أزمات لم تكن تنتهي هنا إلا لتتأجج هناك، وبالتالي تدشين سياسة انفتاح واسع على الحكومات المغاربية، ويشكل فوز الرئيس محمد خاتمي في الانتخابات الرئاسية التي أجريت في 22 مايو 1997، بداية عهد جديد في السياسة الخارجية الإيرانية، إذ تركزت هذه السياسة على محاور ثلاثة هامة، في الصدارة، توافر الإرادة السياسية للسعي لإزالة التوتر في العلاقات مع سائر البلدان، وبناء الثقة الذي يعد الحجر الأساسي لإزالة مثل هذه التوترات ، ورفع شعار بناء مجتمع مدني عالمي، تكون السلطة العالمية فيه ، في إطار صيغةجديدة لا يمكن استبعاد دور أي شعب فيها، وتكون الشعوب المحور الرئيسي لتشكيل هذه الصيغةالجديدة،وضمنياً فإن سياسة الانفتاح الإيراني وترميم الجسور مع البلدان العربية، وخاصة الجزائر ، تشكل ملمحاً بارزاً وهاماً في سياسة وتوجهات الرئيس الإيراني محمد خاتمي، وبهذا الخصوص ،وعلى الرغم من أن إيران استقبلت " بفتور" انتخاب الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، في إبريل 1999، إلا أن إيران دعمت سياسته للمصالحة الوطنية وتحقيق الوئام الوطني والسلم الأهلي، مما فتح آفاقاً لتحسين العلاقات، وبالفعل أعيدت العلاقات الدبلوماسية في سبتمبر 2015، بمناسبة لقاء قمة بين الرئيس خاتمي والرئيس الجزائري بوتفليقة على هامش قمة اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في قمة الألفية، وشكل هذا اللقاء التاريخي بداية مرحلة جديدة في العلاقات ، وبداية ترسيخ نهائي للتقارب بين البلدين ومهد لذلك تصريح الرئيس الجزائري في 15 أغسطس 2015، في ختام لقاء في العاصمة الجزائرية مع الرئيس الفنزويلي هوجو شافيز من أن إيران تمارس سياسة انفتاحية وأن الرئيس الإيراني ينتهج " سياسة جديدة" وهي تصريحات إيجابية وغير مسبوقة سبقتها في منتصف عام 1999، الزيارة الناجحة لرئيس لجنة العلاقات الخارجية في المجلس الشعبي الوطني ( البرلمان) الجزائري للمشاركة في الاجتماع التأسيسي لاتحاد البرلمانات الإسلامية ، في طهران وما تولد عنها من ترطيب الأجواء وكسر الجليد بين البلدين، فور شروع البلدين في تعيين وتبادل السفراء في أكتوبر 2015، كان هناك حديث إيجابي للمسئولين الإيرانيين عن الرغبة الصادقة في طي صفحة القطيعة وفتح صفحة جديدة ،على أساس الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشئون الداخلية، وتجسد الحرص على تكريس الطابع المؤسسي لتعاون البلدين ، بشأن العلاقات بين إيران والدول المغاربية، متمثلاً في اللجنة الاقتصادية المشتركة الجزائرية ـ الإيرانية والتي عقدت أول اجتماع لها في يناير 2015، بالعاصمة الجزائرية ، لتفعيل التعاون في جميع المجالات، خاصة القطاعات الصناعية والزراعية والثقافية والعلمية. وعلمياً تم التوقيع على 20 اتفاقية ومذكرة تفاهم بين البلدين. وبهذا الخصوص يمكن رصد دلالة الزيارة التي قام بها لطهران رئيس المجلس الشعبي الوطني الجزائري ومحادثاته مع الرئيس الإيراني محمد خاتمي ، في أغسطس 2015، والذي أكد أن القطيعة بين البلدين يستفيد منها أعداء الشعبين والبلدين. وتوجت الزيارة بالتوقيع على عدة اتفاقيات تعاون في قطاع الإسكان والمؤسسات الصغيرة والمالية والتجارة والصيد البحري، في السياق ذاته، جاءت زيارة رئيس مجلس الشورى الإسلامي الإيراني مهدي كروبي للجزائر في أكتوبر 2015، وسمحت الدورة الأولى للجنة المختلطة الجزائرية ـ الإيرانية للتعاون الاقتصادي والتي أنشئت عام 1983، في اجتماعها بالجزائر في ديسمبر 2015، بتحديد ملامح التعاون المتعدد للقطاعات الذي يرغب الطرفان في تطويرها من خلال إبرام اتفاق تعاون ثقافي وثلاث مذكرات تفاهم تخص التعليم العالي والرياضة وتهيئة الإقليم والبيئة ، والمساهمة في إعداد الإطار القانوني الثنائي من خلال التوقيع خاصة على مذكرة تفاهم في قطاع التكوين المهني وبرنامج تنفيذي في مجال الرياضة. وتعد المشاريع المشتركة والرامية إلى تطوير النشاط الاقتصادي بالمناطق الصناعية للبلدين ومشاريع الاستثمار المشترك في قطاع البتروكيماويات من أبرز ملامح التعاون المشترك بين البلدين، ومن الأهمية بيان أن الجزائر وإيران يتمتعان بطاقات هائلة ستسمح لهما بإقامة تعاون كفيل بأن يشكل نموذج تعاون جنوب ـ جنوب كما تطمح إليه الدول النامية. بيد أن التطور الأكثر بروزاً وأهمية دشنته الزيارة الرسمية التي قام بها الرئيس الجزائري ، عبد العزيز بوتفليقة لإيران في الفترة من 17 ـ 20 أكتوبر 2015 ،والتي توجت بتوقيع 18 اتفاقاً للتعاون الثنائي في مجالات القضاء والنقل والصناعة والمالية والحماية المتبادلة للاستثمارات . وساهمت هذه الزيارة في تكريس تطبيع العلاقات وارتياد آفاق جديدة للتعاون الثنائي، حيث تلتها تكثيف لقاءات المسئولين في جميع المجالات وفتح معارض خاصة لمنتجات البلدين وتطوير وإنضاج التعاون في المجالات العلمية والري والسدود والاستفادة من التجربة الإيرانية في الصيد البحري والخبرة الإيرانية في مجال ترميمت المواقع والآثار التاريخية والتعاون الثنائي في الترجمة للأعمال الأدبية والتاريخية الجزائرية من اللغة العربية إلى اللغة الفارسية.
ثالثاً : دلالات الزيارة التاريخية:
بات مستقراً أن العلاقات بين البلدين تتأسس على قوة الصلة التي تربطهما من خلال الإسلام والحضارة الإسلامية وقيم ثورة البلدين، والتعاون والصداقة الوثيقة، والمصالح والرؤية المشتركة للبلدين بهدف النهوض بالديمقراطية ودعم المؤسسات المدنية والتعاون في مكافحة الإرهاب في العالم ، مع ضرورة ألا يسوغ ذلك الوقوع في أدنى خلط أوأدنى انتقائية، وتجنيد سبل المواجهة للحملة الظالمة التي تصم ،عن قصد ،الإسلام بالإرهاب ،وقد أظهر حرص الرئيس خاتمي ومدى الحفاوة البالغة التي حظي بها خلال زيارته ، في رغبة البلدين توثيق سبل التعاون السياسي والاقتصادي وإزالة العقبات التي تعترض سبيل ذلك، ومدى ما تمثله الجزائر من موقع متميز في شمال أفريقيا وما تفرضه من أهمية خاصة للعلاقة المتطورة والمتنامية ،وضرورة تنسيق مواقف البلدين في القضايا الثنائية والمواضيع الإقليمية والعالمية، وفي المقابل، نوه الرئيس بوتفليقة بـ " الطابع المتميز " للعلاقات بين البلدين وقدرتهما على تخطي سوء الفهم ، ورفع اللبس وفتح صفحة جديدة ـ تأسيساً على العلاقلات التاريخية والأخوية بين الشعبين ـ قوامها تبادل الثقة والاحترام والمنفعة ، وضرورة بذل البلدين جهوداً مضاعفة لـ " توسيع وتعميق الروابط " والعمل من أجل تنفيذ كافة الاتفاقات المبرمة عبر التخطيط المناسب والمتابعة الجادة معبراً عن " ثقته " في المستقبل الذي ينتظر مجالات التعاون بين البلدين، وساعدت هذه الأريحية في بروز تطابق وجهتي نظر الجزائر وإيران حول القضايا الإقليمية والدولية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والوضع في العراق وبقية القضايا في العالم الإسلامي ، وقد تم التأكيد على ضرورة مواصلة التشاور والتعاون بين الجزائر وإيران باعتبارهما بدلين مهمين واستراتيجيين في كل من منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط ، وتبدو جلياً قناعة البلدين من زاوية أن خطورة الوضع في الشرق الأوسط ينبغي أن تستوقف المجموعة الدولية، وتحثها على قسر " إسرائيل " على وضع حد لسياستها القمعية، وعلى احترام واجباتها الدولية ،وتحثها على قسر " إسرائيل " على وضع حد لسياستها القمعية، وعلى احترام واجباتها الدولية، ومنها الجلاء عن كل الأراضي المحتلة، والقبول بحق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة ،وأن عودة السلم والأمن إلى ربوع العراق تبقى مرهونة بانتهاء الاحتلال الأجنبي واحترام وحدة هذا البلد، وباحترام حقه الثابت في حرية التصرف في ثرواته الوطنية، والتأكيد على أهمية أن ينبع حل الأزمة من العراقيين أنفسهم ، لتجاوز العنف الدامي وتجنيب الشعب العراقي المزيد من إراقة الدماء، وكان من الطبيعي أن تتمخض هذه الزيارة عن توقيع خمسة اتفاقات تعاون بين البلدين في الجزائر، تتعلق بالزراعة والتعليم والصناعات الصغيرة والمتوسطة والأعمال الحرفية والصيد البحري والإسكان، وثمة أهمية لإدراك أن الجزائر وإيران يتمتعان بطاقات هائلة ستسمح لهما بإقامة تعاون كفيل بأن يشكل نموذج تعاون جنوب - جنوب كما تطمح إليه الدول النامية، والأهم أن تتواصل السياسة الإيرانية على أساس الثقة والحوار والتفاهم والتعاون والمساعدة والترويج للسلام والتعايش الإقليمي والدولي ،وأن تكون علاقاتها السياسية الثنائية قائمة على عدم التدخل في الشئون الداخلية والنيات الحسنة والمصالح المشتركة في ضوء إدراك مدى أهمية الدول العربية والإسلامية ومنطقة شمال أفريقيا، وخاصة الجزائر والتي تحتل مكانة هامة وخاصة في خريطة السياسة الخارجية الإيرانية، وذلك نظراً للقواسم المشتركة بين البلدين التاريخية والثقافية والإسلامية والثورية، وتوحيد الصف لمواجهة التحديات التي تواجهها البلدان الإسلامية ، مما يستدعي ارتباطاً وثيقاً وتآزراً فكرياً وتعاوناً في كافة المجالات الثنائية والإقليمية والدولية، والمحصلة هي دفع العلاقات الإيرانية ـ العربية إلى مزيد من التطور والازدهار.





©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©