السؤال
ما هو حكم الشرع في عمليات التجميل؟ ِأفيدونا أفادكم الله
الِجواب
جراحة التجميل تنقسم قسمين:
القسم الأول: جراحة التجميل الحاجيّة، وهذا القسم يقصد به تلك العملية أو الجراحة التي يقصد منها إزالة العيب في بدن الإنسان سواء كان في صورة نقص، مثل انسداد فتحة الشرج، أو الشق في الشفة العليا (الشفة المفلوجة) الذي يسمى عند العامة الأشرم، ونحو ذلك، وسواء كان في صورة تلف، مثل: العيوب الناشئة بسبب من خارج الجسم كما في التشوهات الناشئة من الحوادث، أو الحروق، أو نحو ذلك، أو في صورة تشوه، مثل: تشوه الجلد بسبب الحروق، أو التصاق أصابع اليدين أو الرجلين، أو البثور السود الكثيرة غير العادية على الوجه، وغير ذلك، فهذا القسم يجوز إجراء العملية التجميلية، لأن هذا عيب يستضر الإنسان به حسَّاً ومعنى، وخروج المرء عن طبيعته التي وصفها الله بقوله: " لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقوم " بحيث يُعد عيباً فيه لخروجه عن المألوف، فهذا لا بأس به قال النووي - رحمه الله - في تفسيره لمعنى قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " المتفلجات للحسن " قال: " فمعناه يفعلن ذلك طلباً للحسن، وفيه إشارة إلى أن الحرام هو المفعول لطلب الحسن، أما لو احتاجت إليه لعلاج، أو عيب في السن ونحوه فلا بأس " فبين - رحمه الله تعالى - أن ما دعت الحاجة إلى فعله من غير قصد الجمال وطلب الزيادة في الحسن فإنه لا يشمله التحريم والمنع، ثم إن إزالة التشوهات والعيوب الخلقية الطارئة على بدن الإنسان لا يمكن اعتبارها بأنها تغيير لخلق الله تعالى-؛ لأن مقصود الفاعل طلب خلقة العضو وإرجاعه إلى حالته قبل العيب، فيكون من باب العلاج لا الجمال والتغيير.
القسم الثاني: جراحة التجميل التحسينية.
ويقصد بها إجراء العملية الجراحية في بدن الإنسان لتحسين منظره، وتجديد شبابه، وإبراز صورته بمنظر أحسن مما خلقه الله عليه، ومن أمثلة ذلك تحسين الأنف وتجميله بتصغيره طولاً أو عرضاً، وكذا تجميل الثديين بتصغيرهما إن كانا كبيرين، أو تكبيرهما إن كان صغيرين، وكذا تجميل الوجه بشد تجاعيده، وكذا بتقشير جلد الوجه ليبدو أملس رقيقاً أبيض، ومن ذلك أيضاً إجراء العمليات التجميلية لتغيير الجنس وتحويره إلى خلق آخر من ذكر إلى ما يشبه الأنثى أو العكس ونحو ذلك، فكل هذا محرّم لا يجوز، والأدلة على ذلك كثيرة، فمن أهمها:
1- قوله تعالى- حكاية عن إبليس: " ولآمرنهم فليغيَّرن خلق الله " وجه الدلالة: أن هذا الفعل تغيير لخلق الله تعالى-، وعبث فيه وقد جاءت هذه الآية في سياق الذم.
2 - ما جاء في الصحيحين عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: " لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - النامصات والمتنمصات، والواشمات والمستوشمات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله " فدل الحديث على لعن من فعل ذلك طلباً للجمال والحسن، وقد سبق كلام النووي في معنى هذا الحديث في القسم الأول.
3 - ولما في ذلك من التدليس والتلبيس، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: " المتشبع بما لم يُعْط كلابس ثوبي زور " متفق عليه، والله أعلم.