عنوان الموضوع : خـــــادم السحـــــــــر (ممنوع على ذوي القلوب الضعيفة) .... ثقافة عربية
كاتب الموضوع : chahinez
مقدم من طرف منتديات ايمازيغن

(أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق

أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء

في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم...)

كانت آخر الكلمات التي بلغت مسامعه وهو يرى نفسه يتحول إلى رماد

صار بصره حديدا حتى سبق الزمن وعاد إلى الوراء.. سنة وسنتين وعقود... ثم قرون...

تذكر نفسه يوم كان شابا يافعا يخرج مع تلك الحسناء التي كانت تظهر على أي شكل أرادت

كانا يخرجان ويبتعدان عن الخلاء الذي أهلهما له ساكنون..

يتخطيان الأخضر واليابس والحواجز، يمران من خلال كل شيء

يستمتعان بتناول بقايا العظام وروث الحيوانات

يتحول هو إلى كلب أسود وهي إلى أفعى سوداء ويلعبان مع بعضهما البعض

يتعرضان إلى شخص يمشي وحيدا في وادي

أو يبيت وحيدا في غرفة، يخيفانه وينفجران عليه ضحكا يسخران من حالة الهلع التي تلم به

كانت مجرد مداعبة عندهما... ولكنها ليست كذلك بالنسبة لذلك الشاب الذي كان يسير ورائحة النجاسة

تنطلق من خلاله، لم ترد (داركيشا) إلا إخافته فقط، لم تكن تنو إذاءه حينما ظهرت على شكل قطة سوداء

أمامه...

لم يسم الله ولم يستأذن...

بل حمل قضيبا معدنيا وضربها فصرعها فماتت وهي على ذلك الشكل

وما هي إلا ثوان حتى وقع ذلك الشاب أرضا صريعا، وقد خرجت عيناه كأنه اختنق...

(لقد انتقمت لك يا حبيبتي داركيشا سريعا) هكذا قال (كوزاليس) وهو يقف على جثة الشاب

وجثة حبيبته الصريعة على شكل قطة...

كانت أول جريمة يرتكبها في حق البشر، احمرت عيناه وبلغ الغضب منه مبلغا فأقسم أن

يجعل نفسه خادما وفيا للسحر ضد البشر، انتقاما منهم لحبيبته التي قتلت على أيديهم

.......... يتبع

أن تكون خادما للسحر يعني أنك ستتقرب من البشر، يعني أنك ستتحداهم

ستتحدى الراقي، الوسيط الروحاني، وحتى الساحر الذي تخدمه مرة وتتحداه مرة

(قد تحترق في أي لحظة أيها الفتى) هي نصائح ساقها المارد أبو هبل في كلمات بسيطة

(سأتحدى كل المخاطر حتى أراهم يتألمون، حتى أراهم يفترقون، حتى أراهم يتنازعون ويتقاتلون..)

وهكذا رد كوزاليس بعزم...

(حسنا... أنت لست طيارا بعد... اركب على ظهري.. سنزور كهف العنقاء في المشتري

ستقدم ولاءك هناك ولنر الأمر بعدها..)

فرش أبو هبل جناحيه الأسودين فاحتجب الجبل من خلفها، كأن النار كانت تشتعل خلالهما...)

أفاق كوزاليس من الإغماءة.. من الحلم الذي عاد بذاكرته إلى الخلف...

وجد جزءا من ساقه قد احترق وتحول إلى رماد، ولا زال الصوت يزلزل مسامعه...

(اخرج أيها الطاغية، اخرج يا عدو الله... إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارا

كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب...)

(لا.. لا..هاععععع.. هاععععع)

صرخات مدوية كان يرسلها على لسان المرأة التي كانت تتخبط في أرضية الغرفة

تخدش الذراعين وتشق الجيوب وتضرب رأسها على الكنبة

...(لا.. أرجوك.. أرجوك بهبهبهبهبهبه... لا.. لا.. دعني أرجوك.. لا أستطيع

واعع واععع )

تزيد المرأة من حدة صراخها وزوجها وأخوها يمسكان بها بكل ما أوتيا من قوة

ولا زال ذلك الرجل يلقي بكلامه المزلزل عليها، ومن خلالها يصل إلى كوزاليس الجاثم في

مكان ما في جسمها الذي كاد يتحول لونه إلى أزرق دامي من شدة الضنى...

(إلا من استرق السمع فأتبعه شهاب ثاقب... وجعلناها رجوما للشياطين وأعتدنا لهم عذاب السعير..)

ومع هذه الكلمات التي خبرها كوزاليس من قبل ولكن ليس بهذه القوة أغمي عليه مجددا

وعاد إلى الخلف.. إلى الوقت الذي زار فيه المشتري وقدم الولاء للجنية الماردة الملقبة بالعنقاء....

عالم السحر في كهف العنقاء عالم آخر، بعيد تماما عن البراءة

كان يسير ن خلف المارد أبي هبل في طريق مظلم يتوسط مجموعة من الزنازين

في كل زنزانة يوجد جني عظيم الخلقة، مربوط بالأغلال، مصفد من أعلاه إلى أسفله

على كل واحد منهم تظهر آثار التعذيب والضرب والحرق

كل واحد منهم كان يحمل قصة فشل في خدمة السحر الذي كلف بحمايته

كل واحد منهم كان يخاطبه قائلا هذا مصيرك إن فشلت في المهمة

صرخاتهم كان تدوي في ذلك الكهف المظلم الذي كان يضيء مرة على مرة

بفعل سوط النار الذي ينزل على أحدهم على حين غرة

فيقطع الجزء من الجسم الناري الذي أصابه

كإنسان يُقطع جسده الصلصال وهو مخلوق منه.

.............

ليس هناك وقت لبلع الريق خوفا والفتى كوزاليس ساجد بين يدي الساحرة

العنقاء مقدما ولاءه التام لها، كافرا بكل أمر من سواها، مستعدا لتنفيذ أي مهمة تكلفه بها

طقوس غريبة، ومستحضرات أغرب، جعلت كوزاليس يرتقي في سلم مراتب الجان بسرعة

جعلته يحس بالقوة والحقد، برغبة في التدمير، بطاقة انتقامية بديعة...

(لقد أرغمتني على استعمال القوة... أنت الذي اخترت ذلك، كان يكنك

أن تقول لا إله إلا الله محمد رسول الله وتيسر الأمر عليك وعلي..)

أفاق كوزاليس مرة أخرى على كلمات رقيقة من الرجل كأنه سيعطيه فرصة أخرى...

فرصة ليعود إلى طريق الحق، ليعترف بذنبه في حق هذه الزوجة المسكينة

ويدلهم على مكان السحر ليرشدوه بعدها إلى مكان يحميه من العنقاء وسحرة الجان..

...... يتبع

****************************

هدأت المرأة وهدأ كوزاليس في داخلها وهو يتذكر مغامراته معها..

هي بريئة من نساء البشر، كانت تدرس في الجامعة، قلبها الطاهر جعلها لا تعتقد بوجود الشر

كانت تظن أن الناس كلهم طيبون، على الأقل لا يمكن لهم أن يؤذوا بعضهم بهذه الطريقة..

خطبت في سن مبكرة من طرف شاب ملتزم لطالما تمنت مثله

أحبته وأحبها، حتى أنه عقد عليها القران وهي في سنتها الثالثة من التعليم العالي..

كوزاليس يتذكر جيدا حينما كلف بسحر مكون من قطعة قماش كانت ترتديها (سليمة)

هو يتذكر تلك قريبتها العجوز التي استطاعت الوصول إلى حقيبة الألبسة الخاصة بسليمة

لقد كان هناك يرافقها في كل خطواتها الشريرة، لا يزال يستشعر تلك الطمأنينة التي نزلت على قلبه

حينما اقتطعت العجوز قطعة من فستان من فساتين سليمة...

(هي لا تستحق السعادة، يكفيها أنها انتقلت إلى الجامعة، هي لا تستحق أن تتزوج

ومادامت ستتزوج فإنها ستجنّ ويذهب عقلها وتطلق لتمكث بين الحيطان كما مكثت ابنتاي...)

هذه كلمات العجوز الشريرة وهي في حضرة الساحر.. لا زال كوزاليس يتذكر كيف أعجبه الأمر

وكيف سخر من حقد البشر على بعضهم البعض، وكيف يستعينون بالشيطان ألد أعدائهم من أجل

أذية بعضهم البعض، غريبة تصرفات البشر حقا، لكن ذلك يصب في مصلحته ليحقق

انتقامه لحبيبته التي قتلوها...

كوزاليس موشك على الهلاك تحت وقع الآيات القرآنية المزلزلة

سليمة السقيمة تتمرغ في أرضية غرفة الزوجية التي سلبت من زواياها السعادة

(آعععع، آعععع، لم أعد أحتمل، أرجوك توقف.. توقف، آه.. آه.. آه..

لقد تعبت أكاد أموت.. يعيعيععيعيع أرجوك لا.. لا.. توقف.. توقف)

وزاد في حدة صراخه على لسان المرأة التي صارت كالحلس البالي

قريبتها العجوز الشريرة لا ترى هذه المأساة ولا تفكر في عواقب ما فعلت...

صرع كوزاليس مرة أخرى وتذكر كيف كان هو الرجل الثاني في حياة هذه المرأة..

في بداية زواجها، وبعد أن يعاشرها زوجها كان تقع مغشيا عليها لثوان ثم تستفيق

كأنها شخص آخر، ترمقه بنظرات مرعبة من عينين حمراوين كأنها ستأذيه، تسأله بنبرة

حادة وصوت دون الجهر من القول:

(من أنت؟ لماذا أحضروني إليك؟ ابتعد عني، انا لا أحبك ولا أعرفك..)

ثم يهتز رأسها ويرتعش جسدها وتبدو كأنها استفاقت من غيبوبة فترتمي في حضنه وتقول ممسكة بذراعه

ضامة إياه إلى صدرها:

(أرجوك حبيبي.. أرجوك لا تتركني، هناك من يريد أن يأخذني منك، أرجوك.. أرجوك إنه يسحبني

إلى الظلام، لا تفلت يدي.. ارجوك.. أرجوك..) وتغيب عن الوعي وتستفيق مرة أخرى على الشكل السابق

كانت كمن يعيش حالة هيستيرية وكوزاليس بداخلها يعلم تماما بما يحدث..

حيث كان يحملها في عالم خيالها فيمر بها على المقابر المظلمة، والكهوف المليئة بالسواد

وكومات الشعر والدبابيس والحيات والعقارب والكلاب السوداء...

يذهب بخيالها ويريها ما رآه في المشتري في كهف العنقاء حتى تجد الساحرة الماردة العنقاء

تقف قبالتها فيكاد فؤادها أن ينفجر لهول تلك الرؤى...

عالم هلامي عاشته المكسينة وهي حديثة الزواج، وحديثة التخرج من الجامعة وحديثة الحب...

أما زوجها فقد رضي بقضاء الله وقدره وقرر أن يتحدى تهديدات الجان له على لسانها

والاستمرار معها والحب، هو يذكر جيدا حينما خاطبه ذات مرة قائلا:

(ماذا تفعل في جسد زوجتي؟؟)

فرد كوزاليس: (أنا أحبها ولن أغادر أبدا) فرفع يده وضرب رقبتها بقوة صاح معها الجني وتألم ولم تشعر هي بشيء.

*************************

كوزاليس يتعذب، هو يشعر بالضعف، أفاق مرة أخرى بشعور آخر..

بدا متألما لحال هذه المسكينة، أحس أنه أذنب في حقها، وجد أنه مجبر على اتخاذ القرار الأهم في حياته

هل يحترق داخلها أم يغادرها إلى الأبد...

(ولو أنهم آمنوا واتقوا لمثوبة من عند الله خير لو كانوا يعلمون)

ومع هذه الآية بدأ يصيح بأعلى صوته على لسان المرأة:

(أنا تقي، أنا مؤمن، أنا تقي، أنا مؤمن..)

- وهل التقي المؤمن يظلم المؤمن ويدخل في جسمه.. رد الراقي

- ليس الأمر بيدي بل بأيديهم.. رد كوزاليس على لسان سليمة وكانت تحرك يديها ورجليها بطريقة غريبة.

- ما اسمك؟

- اسمي أحمد، أنا أحمد.

- لماذا دخلت هذا الجسم.. أجب.

- لقد أرسلوني.. لقد أرسلوني.. ارجوك لا ترفع صوتك.. قال ذلك كوزاليس بصوت باكي

- من أرسلك؟ تكلم من أرسلك؟

سكتت سليمة لثوان ثم أجاب الجني على لسانها:

- ناس... ناس... وسكتت مرة أخرى

لم يهتم الراقي بمعرفة هؤلاء الناس بل اهتم بخروج الجني وفقط..

- اخرج حالا، أعلن توبتك واذهب إلى مسجد الجان في الحجاز هناك ستجد من يحميك

من أعدائك الجان..

ارتفع قدم المرأة المستلقية على الأرض قليلا ثم وقع وافاقت سليمة لا تعلم بشيء

أفاقت وقد ازدان وجهها بالأمل بالسعادة بالطموح..

أما كوزاليس فلا أحد يعلم مصيره، هل هو أحمد حقا؟ هل هو تقي مؤمن؟

هل حقا غادر إلى مسجد الجان، أم تراه بقي قرب غرفة الزوجية يترقب

ضعفا من الزوجة ليعود إليها أو ضعفا من الزوج لينتقم منه؟

هل سار خلف الراقي يترقبه في لحظة ضعف ليثأر للحروق التي أصابته؟

هل عاد إلى كهف العنقاء وسجن هناك مع المعذبين من الجان؟

هل قصة كوزاليس وداركيشا حقيقية، رغم أن قصة فتاة مثل سليمة حقيقية؟

الجن مثلنا تماما فيهم كذب كثير، هل كانت ذكرياته هذه مجرد كذبة؟؟؟ الله أعلم



( الأسود واقعي 100/100)



©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©