عنوان الموضوع : السجين يهرب الجزء الاول- من القصص
كاتب الموضوع : hamida
مقدم من طرف منتديات ايمازيغن

الرواية للكاتب خالد بن سليمان الجبرين .. وتقع في 14 فصلا .. مشوقة ممتعة .. وذات أحداث تجبرك على المتابعة
وحقيقة جدا جدا قيمة وذات عبرة ..
تحكي صراع النفس مع التوبة والرجوع للحق وكيف أن المعصية إذا تمكنت في القلب
صعب جدا إخراجها إلا بعزيمة ونية صادقة في الرجوع والإنابة ..
ورغم أن القصة تحكي عن ذنب السرقة والمال الحرام . لكني أجدها تنطبق على كل الذنوب
في حياتنا صغيرها وكبيرها مما ران على القلب وانطبع فيه ..
حتى عز على النفوس انتزاعها وتخليص القلب من براثنها إلا من صدق نيته وصدق الله ليصدقه..

الفصل الأول ..

"الممرة" قرية صغيرة ذات بيوت صغيرة متلاصقة وسخة00تقع في قعر العراق في الشمال بعيداً عن بغداد مسيرة يومين للماشي على قدميه0في أحد دروب الممرة الضيقة يسمع وقع أقدام متعثرة00 غير منتظمة00الوقت ليلاً00وبسبب من ضوء القمر الشحيح إنطرح على الأرض ظلال شخص يمشي مترنحاً00وعندما لفه الدرب إلى باحة مغلقة على جنباتها عدة أبواب مغلقة00 تبينت هيئته واضحة تحت شحوب القمر00شاب في السابعة والعشرين00بثياب بالية00وطاقية فقدت لونها الأصلي00متوسط القامة 00متين العضلات00حزين الملامح،بعينين نصف مغمضتين00كان سكراناً إلى درجة متوسطة00ثقيل الخطى00يغطي زوايا فمه المليح زبد من اللعاب0
وقف الشاب أمام أحد الأبواب المغلقة وطرقه00كان البيت يدل على مستوى ساكينه00بيت صغير لصياد فقير00بعد فترة فتح الباب وأطلًت منه وجه امرأة مُسنًة،تمسك خمارها على وجهها،فلما عرفت في الشاب ولدها الوحيد ترت خمارها يسقط عن وجهها وهتفت في حزن وألم:
- أنت سكران ياولدي؟!
أجابها الشاب بصبر نافذ:
- أريد أن أنام00
وقبل أن يدفع الباب للدخول أغلقته بسرعة فصاح الشاب:
- أفتحي ياأماه00أنا لاأقوى على الوقوف!
ومن وراء الباب أجابته:
- سيرتك السيئة ياولدي سترديك00 وسيطردك أبوك من البيت0
- أفتحي الباب،ولم يعلم أبي أنه نائم0
- لن أدعك تدخل حتى أخبره0
- لا تخبريه بشيء00إن علم بحالي فسيطردني إلى الأبد00 لقد هددني بذلك0
- لقد أقسم عليً بان أوقظه حال وصولك0
- الويل لي!
كان يتكلم بلسان ثقيل00 وزال عنه شيء من غبش السكر عندما سمع وقع أقدام والده يتجه نحو الباب0 وتوقع حدوث أسوأ الأشياء0 فظل واقفاً مستسلماً لما سيحدث00 إنه يخشى هذا الكهل فقد هدده مراراً0وفتح الباب لتخرج منه عصا غليظة، وتهوي على رأسه فيسقط مرعوبا متألماَ00وجلس على الأرض يتحسس رأسه00ورفع عينيه فصدم بمرأى والده الذي خلت ملامحه من أي بشائر التسامح00كان لحيته البيضاء المستطيلة ترتجف بإرتجاف فكه الأسفل وفي عينيه نظرات الغضب والحسرة ونهره الشيخ بغلظة:
- لماذا جئت؟
أجاب وهو يتحسس الكرة الصغيرة التي نبتت في رأسه:
- أريد أن أنام0
- ليس عندي مكان لك بعد اليوم!
فسأل الشاب في لهفة:
- وأين أذهب؟!
- إلى أي أرض تعجبك0
- أعف عني يا أبتاه وأعدك أني00
- أصمت00 لقد سئمت وعودك الكاذبة00عليك الآن أن تتدبر شئونك0
وقال الشاب بخجل:
- دعني أنام هذه الليلة فقط!
وقالت أم الشاب التي كانت تقف خلف زوجها:
- دعه ينام هذه الليلة ياعبد المغيث ويرحل في الصباح؟
- رد الكهل بحزم:
- لن يتعدى هذه العتبة00اعطني صرة ثيابه0
وبعين دامعة ناولته المرأة صرة كانت في يدها فأخذها وقذف بها في وجه ولده الوحيد وهتف محنقاً:
- هذه ثيابك ياغياث لست ولدي ولست والداً لك00!
وتناول الشاب الصرة وقام من على الأرض،وهم بأن يلقي بنفسه على والده ويقبل قدميه رجاء عفوه،لكن ما فعله الشيخ قطع عليه آماله، فقد قبض ثوبه من جهة صدره وهزًه بعنف وكأنه طفل وصاح في وجهه:
- إسمع00 إذا رأيتك في هذا المكان مرة أخرى00سأهشم رأسك00 ثم طرحه على الأرض ودخل مغلقاً الباب وراءه0
لفترة جمد الشاب في مكانه ثم تحرك بتراخ00لم يدر إلى أين سيذهب، فهام على وجهه مدة حتى صار في ظاهر القرية00 ثم وجد نفسه يسير جنوباً بمحاذاة نهر دجلة متجهاً إلى بغداد00 كان يلزمه مسيرة يومين ليصل إلى عاصمة الخلافة00 لكنه مشا متباطئاً بغير حرص على الوصول00كان يجر رجليه جراً!



قد تكوني مهتمة بالمواضيع التالية ايضاً:





©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©