عنوان الموضوع : الزواج في ظل الإسلام **- الشريعة الاسلامية
كاتب الموضوع : madiha
مقدم من طرف منتديات ايمازيغن





آثار عقد النكاح
الآثار المترتبة على عقد النكاح تنقسم إلى ثلاثة أقسام‏:‏
القسم الأول هو الحقوق والواجبات المشتركة‏.‏
القسم الثاني حقوق وواجبات تخص الرجل‏.‏
القسم الثالث حقوق وواجبات تخص المرأة‏.‏
وسنناقش كل قسم من هذه الأقسام على حده‏.‏

أولاً‏:‏ الآثار المشتركة
حل المعاشرة والاستمتاع‏:‏
الأثر الأول من آثار عقد النكاح الصحيح هو حل المعاشرة والاستمتاع، ونعني بالمعاشرة الخلطة والسكنى تحت سقف واحد والحياة معاً، ونعني بالاستمتاع التلذذ البدني والنفسي لكل من الزوجين بالآخر‏.‏ وهذا حق مشترك للزوجين بالآخر، وواجب أيضاً على كل طرف نحو الآخر‏.‏
وقد جاء الإسلام بما يكفل سعادة الزوجين وإحسان معاشرة كل منهما للآخر، واستمتاعه به على أكمل وجه وأحسن صورة‏.‏ فقد جاءت الآيات الكثيرة التي تأمر الرجال بإحسان معاشرة النساء، وإمساك المرأة التي يرى الرجل فيها ما يكرهه رجاء أن يبارك الله له فيها كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً‏}‏‏.‏‏.‏ وحث النبي على حسن معاشرة النساء وأوصى بهن كثيراً كما قال صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏[‏خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي‏]‏‏.‏‏.‏ وقوله‏:‏ ‏[‏استوصوا بالنساء فإن المرأة خلقت من ضلع أعوج‏.‏ وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، وإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء‏]‏‏.‏ متفق عليه، وفي حديث آخر‏:‏ ‏[‏لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقاً رضي منها آخر‏]‏‏.‏ ‏(‏رواه أحمد ومسلم‏)‏، والفرك هو الكراهية‏.‏‏.‏ وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم خير مثال على حسن المعاشرة وطيب الخلق‏.‏ وجاءت الأوامر الكثيرة في القرآن والسنة أيضاً للمرأة كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله‏}‏‏.‏ والقنوت هنا فسره العلماء بطاعة الزوج‏.‏
هذا في المعاشرة والطاعة والعطف والحنان والحب وأما في الاستمتاع البدني فهدى الإسلام في هذا أحسن هدى، فقد جاء في الأمر العام بالاستمتاع بالنساء على أي كيفية كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم وقدموا لأنفسكم واتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه وبشر المؤمنين‏}‏‏.‏ غير أن الله سبحانه وتعالى نهى عن إتيان النساء وقت الحيض لما في هذا من الأذى والضرر على الزوجين كليهما وليس هذا مجال تفصيل ذلك كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض‏}‏‏.‏ ولقد جاءت السنة الصحيحة بجواز الاستمتاع بالحائض في غير مكان الحيض، وجاءت السنة والآثار الصحيحة أيضاً بحرمة إتيان النساء في أدبارهن‏.‏ وهذا من كمال الإسلام وطهارته‏.‏
كما جاءت السنة أيضاً بآداب تجعل المباضعة عبادة يتقرب بها إلى الله كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏[‏وفي بضع أحدكم صدقة‏]‏‏.‏‏.‏ قالوا يا رسول الله‏:‏ أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر‏؟‏ قال‏:‏ ‏[‏أرأيتم لو وضعها في الحرام أكان عليه فيها وزر وكذلك إذا وضعها في الحلال كان له فيها أجر‏]‏‏.‏ ولذلك قال صلى الله عليه وسلم معلماً ومؤدباً‏:‏ ‏[‏لو أن أحدكم إذا أتى أهله قال‏:‏ بسم الله، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا فإن قدر بينهما في ذلك ولد لن يضر ذلك الولد الشيطان أبداً‏]‏ ‏(‏رواه الجماعة إلا الخاص بالنساء‏)‏‏.‏
هذا وقد نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن إفشاء أسرار الجماع ونشر أخباره وهذا من كمال الأدب والأخلاق كما قال صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏[‏إن من شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى المرأة وتفضي إليه‏:‏ ثم ينشر سرها‏]‏‏.‏ ‏(‏رواه أحمد ومسلم‏)‏، وأخبر صلى الله عليه وسلم في حديث آخر إن مثل هذا كمثل شيطان وشيطانة لقي أحدهما بالسكة ‏(‏الطريق‏)‏ فقضى حاجته منها والناس ينظرون إليه، وهذا معناه أن الخبر في أمر النكاح كالعيان‏.‏
وبهذه الأخلاق والآداب يرسي الإسلام قواعده النظيفة الكاملة، في أول أثر من عقد النكاح وهو المعاشرة وحل الاستمتاع‏.‏
وهذا مما تجدر الإشارة إليه أنه لم يصح شيء عن تحريم نظر الرجل إلى أي جزء في امرأته ولا المرأة كذلك، هذا ولم يصح أيضاً شيء في نهي عن تجرد المرأة والرجل‏.‏ وبهذا نجد أن الإسلام لم ينه في هذا إلا بما يعيب على الحقيقة وأباح ما سوى ذلك مما يعد سعادة واستمتاعاً، وأحاط كل ذلك بحسن المعاشرة وطيبها‏.‏
ومن الآثار المشتركة التي تترتب على عقد النكاح‏:‏ الاستمتاع والمعاشرة، وقد فصلنا ذلك سابقاً ثم التوارث، وثبوت نسب الأولاد هذا مقام تفصيله بحمد الله وتوفيقه‏.‏
2- التوارث‏:‏
إذا تم عقد النكاح صحيحاً ومات أحد طرفي العقد ‏(‏الرجل أو المرأة‏)‏ ثبت الميراث في مال الميت للحي وقد جعل الله في هذا فريضة محكمة في كتابه فجعل للزوج نصف مال زوجته المتوفاة إذا لم يكن لها ولد منه أو من غيره، وجعل له الربع من مالها إذا كان لها ولد منه أو من غيره‏.‏
وأما الزوجة فقد فرض الله لها ربع تركة زوجها إذا لم يكن له ولد منها أو من غيرها ولها الثمن إذا كان له ولد منها أو من غيرها، غير أنها تشترك مع ضرائرها في هذا الثمن إن كان لزوجها المتوفى زوجات غيرها لم يفارقهن‏.‏ وهذا مفصل في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد، فإن كان لهن ولد فلكم الربع مما تركن من بعد وصية يوصين بها أو دين، ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد، فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم إن لم يكن لكم ولد، فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم من بعد وصية توصون بها أو دين‏}‏‏.‏
وهذا الميراث حق في مال الزوجة والزوج بمجرد العقد وحتى لو لم يحصل دخول ‏(‏ولهذه المسألة مزيد تفصيل مستقبلاً إن شاء الله‏)‏‏.‏
3- ثبوت النسب‏:‏
عقد النكاح وثيقة تثبت صحة نسب المولود لرجل معين ولكن ذلك لا يتم إلا بشرطين‏.‏
أولاً‏:‏ أن يكون هذا المولود قد ولد بعد مدة كافية لتخلقه جنيناً في بطن أمه وولادته حياً‏.‏ وجمهور علماء المسلمين أن أقل مدة يثبت فيها صحة النسب هي ستة أشهر، وقد فهموا هذا من الجمع بين النصوص الشرعية، واستقراء الحالات التي كانت في أزمانهم فقد جاء في الحديث الصحيح‏:‏ ‏[‏إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح‏.‏‏.‏‏]‏ الحديث‏.‏ وهذا يدل على أن حياة الجنين الإنسانية ‏(‏الروح‏)‏ لا تكون إلا بعد مائة وعشرين يوماً أي أربعة أشهر، وأما الحياة الحيوانية فالجنين حي منذ كان حيواناً منوياً وكذلك بعد إخصابه للبويضة وانفصال خلاياه لصناعة الجسم‏.‏ ولكن الحياة الإنسانية أي الروح لا تكون إلا بعد أربعة أشهر، ويبدو أن حالات الولادة قبل الشهور الستة لا يكتب لها الحياة، وعلى كل حال فعلوم الطب تستطيع الآن الحكم على عمر الجنين وبذلك يعلم صحة النسب بكونه قبل العقد أو بعده‏.‏
ثانياً‏:‏ وأما الشرط الثاني لثبوت النسب فهو الدخول بالمرأة، وهذا الشرط اشترطه جمهور العلماء إلا الإمام أبو حنيفة رحمه الله الذي لم يعد هذا شرطاً ولذلك فصحيح في مذهبه أن يعقد رجل قرانه وهو في المشرق بامرأة في المغرب ولم يلتقيا مطلقاً بعد عقد النكاح ثم جاءت بولد أن ينسب هذا الولد له شاء أم أبى ولا يخفى شذوذ هذا القول ومجانبته للصواب وإن كان قائله قد راعى مصلحة الولد في هذا الأمر ولكن لا يجوز لكي نراعي مصلحة الولد والأم أن نهدر مصلحة الأب الذي يجبر على أن ينسب له غير ولده الذي يعلم قطعاً أنه ليس ولده، وكذلك مصلحة المجتمع المسلم الذي يجب التمييز فيه بين أولاد النكاح وأولاد السفاح‏.‏
والذين اشترطوا الخلوة من العلماء اكتفوا بأن يثبت خلو الرجل بزوجته أي وقت بعد العقد، وعلى كل حال هذه مسألة اعتبارية خاضعة للعرف والظروف، والمهم في هذا الصدد أن عقد النكاح ضمان للمرأة أن ينسب مولودها إلى نكاح صحيح لا إلى سفاح، وإلزام للرجل أن ينسب له من ولد على فراشه من زوجته التي دخل بها‏.‏
وبهذا نرى أن عقد النكاح يترتب عليه من الأمور المشتركة ما لا يترتب على أي عقد في الدنيا فإنه يترتب عليه المخالطة والاستمتاع والتوارث وثبوت النسب وكلها أمور في غاية الأهمية والحساسية، ولذلك كان الاحتياط في هذا العقد والميثاق الغليظ كما سماه الله سبحانه وتعالى واجباً وكان إيقاعه كما أمر الله بشروطه وانتفاء موانعه في غاية الأهمية، ولهذا نقول أيضاً إن هدم القواعد التي يبني عليها عقد النكاح معناه هدم للحضارة الإنسانية الأخلاقية وإرجاع للإنسان إلى مرتبة الحيوان الذي يكتفي بالتناسل فقط دون هوية واسم ودون شخصية مستقلة‏.‏





قد تكوني مهتمة بالمواضيع التالية ايضاً:





©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©