عنوان الموضوع : وكيف لا نشتاق؟ في الاسلام
كاتب الموضوع : salima
مقدم من طرف منتديات ايمازيغن

الحمدلله رب العالمين والصلاةوالسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن اتبع هداه واقتفى أثرهإلى يوم الدين ، أما بعد :

فقد قال النبي -صلى اللهعليه وسلم- - قال الله -عز وجل- : أعددت لعبادي ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولاخطر على قلب بشر . فاقرأوا إن شئتم : {فلا تعلم نفس ماأخفي لهم من قرةِ أعين}(رواه البخاري ومسلم وغيرهما).


قال الإمام ابن
القيم-رحمه الله- : وكيف يقدر قدر دار غرسها الله بيده وجعلها مقراً لأحبابه ،وملأها من رحمته وكرامته ورضوانه ، ووصف نعيمها بالفوز العظيم ، وملكها بالملكالكبير ، وأودعها جميع الخير بحذافيره ، وطهرها من كل عيب وآفة ونقص.
فإن سألت: عن أرضها وتربتها ، فهي المسك والزعفران.
وإن سألت: عن سقفها ، فهو عرش الرحمن.
وإن سألت: عن ملاطها ، فهو المسك الأذفر.
وإن سألت: عن حصبائها ، فهو اللؤلؤ والجوهر.
وإن سألت: عن بنائها ، فلبنة من فضة ولبنة من ذهب ، لا منالحطب والخشب.
وإن سألت: عن أشجارها ، فما فيهاشجرة إلا وساقها من ذهب.
وإن سألت: عن ثمرها ،فأمثال القلال ، ألين من الزبد وأحلى من العسل.
وإنسألت: عن ورقها ، فأحسن ما يكون من رقائق الحلل.
وإن سألت: عن أنهارها ، فأنهارها من لبن لم يتغير طعمه وانهارمن خمر لذة للشاربين،وأنهار من عسل مصفى.
وإن سألت: عن طعامهم ، ففاكهة مما يتخيرون ، ولحم طير مما يشتهون.
وإن سألت: عن شرابهم ، فالتسنيم والزنجبيل والكافور.
وإن سألت: عن آنيتهم ، فآنية الذهب والفضة في صفاءالقوارير.
وإن سألت: عن سعة أبوابها ، فبينالمصراعين مسيرة أربعين من الأعوام ، وليأتين عليه يوم وهو كظيظ من الزحام.
وإن سألت: عن تصفيف الرياح لأشجارها ، فإنها تستفزبالطرب من يسمعها.
وإن سألت: عن ظلها ، ففيها شجرةواحدة يسير الراكب المجد السريع في ظلها مائه عام لا يقطعها.
وإن سألت: عن خيامها وقبابها ، فالخيمة من درة مجوفة طولهاستون ميلاً من تلك الخيام.
وإن سألت: عن علاليهاوجواسقها فهي غرف من فوقها غرف مبنيه ، تجري من تحتها الأنهار.
وإن سألت: عن إرتفاعها ، فانظر إلى الكواكب الطاع أو الغاربفي الأفق الذي لا تكاد تناله الأبصار.
وإن سألت: عنلباس أهلها ، فهو الحرير والذهب.
وإن سألت: عنفرشها ، فبطائنها من إستبرق مفروشة في أعلى الرتب.
وإنسألت: عن أرائكها ، فهي الأسرة عليها البشخانات ، وهي الحجال مزررة بأزرارالذهب ، فما لها من فروج ، ولا خلال.
وإن سألت: عنأسنانهم ، فأبناء ثلاثة وثلاثين ، على صورة آدم عليه السلام، أبي البشر.
وإن سألت: عن وجوه اهلها وحسنهم، فعلى صورة القمر.
وإن سألت: عن سماعهم ، فغناء أزواجهم من الحور العين ، وأعلىمنه سماع أصوات الملائكة والنبيين ، وأعلى منها سماع خطاب رب العالمين.


وإن سألت: عن مطاياهم التي يتزاورون عليها ، فنجائب أنشأهاالله مما شاء ، تسير بهم حيث شاؤوا من الجنان.

وإنسألت: عن حليهم وشارتهم،فأساور الذهب واللؤلؤ على الرؤوس ملابسالتيجان.
وإن سألت: عن غلمانهم فولدان مخلدون، كأنهملؤلؤ مكنون.
وإن سألت: عن عرائسهم وأزواجهم ، فهنالكواعب الأتراب، اللآتي جرى في أعضائهن ماء الشباب ، فللورد والتفاح ما لبستهالخدود ، وللرمان ما تضمنته النهود،وللؤلؤ المنظوم ما حوته الثغور ، وللدقةواللطافة ما دارت عليه الخصور.
وإن سألت: عن السن ،فأتراب في أعدل سن الشباب.
وإن سألت: عن الحسن ،فهل رأيت الشمس والقمر.
وإن سألت: عن الحَدَق(سوادالعيون) ، فأحسن سواد ، في أصفى بياض ، وفي أحسن حَوَر .
وإن سألت: عن القدود ، فهل رأيت أحسن الأغصان.
وإن سألت: عن اللون ، فكأنه الياقوت والمرجان.
وإن سألت: عن حسن الخلق، فهن الخيرات الحسان، اللاتي جمع لهنبين الحسن والإحسان، فأعطين جمال الباطن والظاهر، فهن أفراح النفوس،وقرة النواظر.
وإن سألت: عن حسن العشره، ولذة ما هنالك : فهنالعروب المتحببات إلى الأزواج ، بلطافة التبعل ، التي يمتزج بالزوج أي امتزاج.
هذا،وإن سألت: عن يوم المزيد ، وزيارة العزيزالحميد ، ورؤية وجهه المنزه عن التمثيل والتشبيه، كما ترى الشمس في الظهيره ،والقمر ليلة البدر ، كما تواتر النقل فيه عن الصادق المصدوق ، وذلك موجود في الصحاح، والسنن المسانيد ، ومن رواية جرير ، وصهيب ، وأنس ، وأبي هريرة ، وأبي موسى ،وأبي سعيد ، وفاستمع يوم ينادي المنادي:
ياأهل الجنة
إن ربكم -تبارك وتعالى- يستزيركم فحي على زيارته ،فيقولون سمعاً وطاعة ، وينهضون إلى الزياره مبادرين فإذا بالنجائب قد أعدت لهم ،فيستوون على ظهورها مسرعين ، حتى إذا انتهوا إلى الوادي الأفيح الذي جعل لهم موعداً، وجمعوا هناك ، فلم يغادر الداعي منهم أحداً ، أمر الرب- تبارك وتعالى- بكرسيه فنصبهناك ، ثم نصبت لهم منابر من نور ، ومنابر من لؤلؤ ، ومنابر من زبرجد ، ومنابر منذهب ، ومنابر من فضة ، وجلس أدناهم- وحاشاهم أن يكون بينهم دنئ- على كثبان المسك،مايرون أصحاب الكراسي فوقهم ال****ا،حتى إذا استقرت بهم مجالسهم واطمأنت بهم أماكنهم، نادى المنادي:
يا أهل الجنة
سلام عليكم.. فلا ترد هذه التحية بأحسن من قولهم : اللهم أنت السلام ومنكالسلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام . فيتجلى لهم الرب-تبارك وتعالى-يضحك إليهم ،ويقول:
يا أهل الجنة
فيكون أول ما يسمعون منه تعالى-: أين عبادي الذينأطاعوني بالغيب ولم يروني ، فهذا يوم المزيد . فيجتمعون على كلمة واحدة : أن قدرضينا ، فارض عنا ، فيقول:
يا أهلالجنة
إني لو لم أرض عنكم لم أسكنكم جنتي ، هذا يوم المزيد ،فاسألوني فيجتمعون على كلمة واحدة : أرنا وجهك ننظر إليه .
فيكشف الرب-جلجلاله-الحجب، ويتجلى لهم، فيغشاهم من نوره ما لولا أن الله-سبحانه وتعالى-قضى أن لايحترقوا لاحترقوا . ولا يبقى في ذلك المجلس أحد إلا حاضره ربه- تعالى - محاضرة، حتىأنه يقول : يا فلان ، أتذكر يوم فعلت كذا وكذا ، يذكره ببعض غدراته في الدنيا ،فيقول : يا رب ألم تغفر لي ؟ . فيقول : بلى بمغفرتي بلغت منزلتك هذه.
فيا لذةالاستماع بتلك المحاضرة. ويا قرة عيون الابرار بالنظر إلى وجهه الكريم في الدارالآخرة . ويا ذلة الراجعين بالصفقة الخاسرة (. وجوهٌ يومئذٍناضرة، إلى ربها ناظرة،ووجوهٌ يومئذٍ باسرة، تظن أن يفعل بهافاقرة}(القيامه22-25) .



عيون الجنة:



قال تعالى إن المتقين في جنات وعيون( [ الحجر45 ]، وقال سبحانه: ) إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا*عيناً يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيراً[ [ الإنسان 5-6 ] ،
قال بعض السلف: -معهم قضبان من حديد حيثما مالوا مالت معهم- *حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح *



اخوانى: بالك بقوم سلكوا طريق النجاة.. وتزودوا بالطاعات واتقوا ربهم حق التقاة..فأورثهم الله تلك الجنات, تتفجر عيونها كل حين, تارة تمزج بالكافور فتكون باردة طيبة الرائحة,وأخرى بالزنجبيل فتكون حارة طيبة الرائحة, قال تعالى:
) ويسقون فيها كأساً كان مزاجها زنجبيلا *عيناً فيها تسمى سلسبيلا ( [ الإنسان 17-18 ]



وقال سبحانه:
)إن المتقين في جنات وعيون *ادخلوها بسلام آمنين( [ الحجر 45-46 ]


فأحسن –أخي الكريم-يحسن الله إليك,وصفِّ سعيك إلى الجنة بالصدق والإخلاص والعمل الصالح, يسقيك الله من عيونه وشراب جنته:


صفى المقرب سعيه فصفا له ذاك الشراب فتلك تصفيتان وفي الجنة عينان: الأولى: عين الكافور: قال تعالى إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا *عينا ًيشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيراً( [ الإنسان 5-6 ] وهذه العين يشرب منها المقربون الماء الخالص.وأما الأبرار فيشربونه ممزوجاً.



الثانية: عين التسنيم: قال تعالى إن الأبرار لفي نعيم * على الأرائك ينظرون * تعرف في وجوههم نضرة النعيم *يسقون من رحيق مختوم*ختامه مسك وفي ذلك فليتنافس المتنافسون* ومزاجه من تسنيم*عينا ًيشرب بها المقربون(المطففين22-28

أنهار الجنة:



وبين تلك القصور الذهبية, والخيام البهية تجري أنهار عذبة لذة.. أعدها الله للمؤمنين ونوَّع أجناسها وشرابها, فمنها الماء ومنها العسل ومنها الخمر ومنها اللبن. قال تعالى مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى( [ محمد 15 ]



فماء الدنيا يأسن ويأجن من طول مكثه.. لكن مياه أنهار الجنة لا تأسن.. ولبن الدنيا تصيبه الحموضة إذا طال مكثه لكن لبن الآخرة لا يتغير طعمه, وخمر الدنيا كريهة المذاق كريهة الرائحة أما خمر الجنة ففيها من اللذة ما يبعث على الشرب, وعسل الدنيا تصيبه الأخلاط فلا يصفو, أما عسل الجنة فصاف لامع طري.

فأين هي الدنيا من الآخرة؟ وكيف يحرص عاقل على لذة ناقصة فانية ويترك اللذة الكاملة الباقية؟ فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور.

وقد أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه في إسرائه صلى الله عليه وسلم:- رأى أربعة أنهار يخرج من أصلها نهران ظاهران ونهران باطنان, فقلت: يا جبريل, ما هذه الأنهار؟ قال: أما النهران الباطنان فنهران في الجنة, وأما الظاهران فالنيل والفرات- ( مسلم )

وتأمل- أخي- في هذه الأنهار وما أودع الله فيها من خيرات لم تجر العادة بمثلها في الدنيا. وتأمل فيها وهي تجري في الجنة من غير أخدود, تحت القصور والمنازل والغرف وتحت الأشجار, قال تعالى:

) جنات تجري من تحتها الأنهار( [ البقرة 25 ] ،

وقال سبحانه تجري تحتها النهار( [ التوبة 100 ] ،

وقال سبحانه تجري من تحتهم الأنهار( [ الكهف ] ،

أما الكوثر فهو نهر من أنهار الجنة أعطاه الله سبحانه وتعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم إنا أعطيناك الكوثر (



وعن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم :-بينما أنا أسير في الجنة, إذ أنا بنهر حافتاه قباب الدر المجوف, فلت: ما هذا يا جبريل؟ قال: هذا الكوثر الذي أعطاك ربك, فإذا طيبه أو طينه مسك أذفر-( البخاري مع الفتح ) .



اعلموا ايها المسلمون: أن هذه الأنهار تنساب متفجرة من الأعلى ثم تنحدر في نزول, فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:- إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله , ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض, فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة, وفوقه عرش الرحمن, ومنه تفجر أنهار الجنة- ( البخاري )

وأخبر صلى الله عليه وسلم :- إن في الجنة بحر العسل, وبحر الخمر, وبحر اللبن, وبحر الماء,ثم تنشق الأنهار بعد- ( الترمذي وقال حسن صحيح )فإن الأمر جلل.. إن الجنة حق.. ونعيمها صدق..


اللهم تقبل منا صالح الاعمال *** فيما تحبه وترضاه



©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©