عنوان الموضوع : حكم الإجهاض في الفقه الاسلامي(بحث مع المراجع)
كاتب الموضوع : مريم
مقدم من طرف منتديات ايمازيغن

بسم الله الرحمن الرحيم

حكم الإجهاض في الفقه الاسلامي

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ... أما بعد:
فقد التحقت لدراسة الماجستير بالمعهد العالي للقضاء ، وكان من جملة ما يكلف به الطالب في تلك المرحلة بحوثاً في بعض المواد ومنها مادة فقه الأسرة التي تولى تدريسها صاحب الفضيلة د. يوسف الشبيلي –حفظه الله- وكان البحث الذي وقع اختياري عليه بعنوان " حكم الإجهاض في الفقه الإسلامي" . نظرا لتعلقه البين بباب النكاح والعشرة

فاستعنت بالله وتوكلت عليه في كتابة هذه الصفحات وكانت خطتي فيها :
1- المقدمة .
2- التمهيد وفيه خمس مطالب :
المطلب الأول, في تعريف الإجهاض وفيه فرعان :
الفرع الأول: تعريف الإجهاض لغة .
الفرع الثاني : تعريف الإجهاض اصطلاحاً.
المطلب الثاني: تأصيل المسألة كنازلة.
المطلب الثالث: نوع النازلة.
المطلب الرابع: سبب حدوث النازلة.
المطلب الخامس: تأصيل النازلة.


المبحث الأول : حكم الإجهاض قبل نفخ الروح.
المبحث الثاني : حكم الإجهاض بعد نفخ الروح.
النتائج
الخاتمة .
الفهرس .


















تمهيد :ويحتوي على مطالب.
المطلب الأول: في تعريف الإجهاض ويحتوي على فرعين:
الفرع الأول : تعريف الإجهاض لغة:

يطلق الإجهاض في اللّغة على : إلقاء الحمل ناقص الخلق ، أو ناقص المدّة ، سواء من المرأة أو غيرها ، والإطلاق اللّغويّ يصدق سواء كان الإلقاء بفعل فاعل أم تلقائيّاً .
قال ابن منظور : "أَجْهَضَت الناقةُ إِجْهاضاً وهي مُجْهِضٌ أَلقت ولدها لغير تمام والجمع مَجاهِيضُ"([1])
وقال الفيروزبادي: "الولَدُ السَّقْطُ أو ما تَمَّ خَلْقُهُ ونُفِخَ فيه رُوحُه من غيرِ أن يَعيشَ .... وجَهَضَه عن الأمرِ كمَنع وأجْهَضَه عليه : غلَبَه ونَحَّاهُ عنه . وأجْهَضَ : أعْجَلَ"([2])
"قال العَجاجُ يَصفُ رِكاباً أجهضتْ أولادها
والشَّدَنياتُ يُساقطنَ النُّغَر ... خوضُ العُيُونِ مُجهِضاتٌ ما استطر([3])"

الفرع الثاني: تعريف الإجهاض في الاصطلاح.
في الاصطلاح: هو إسقاط المرأة جنينها بفعل منها أو من غيرها.
وهذا المعنى هو الشائع ذكره عند العلماء السابقين:
قال ابن الأثير: "الإجْهاض : الإزْلاَقومنه الحديث " فأجْهَضَتْ جَنِينها "أي أسْقَطَت حَمْلهَا" ([4])
قال الخطابي: "الأصل في الإجهاض الإزلاق ولذلك قيل للسقط جهيض"([5])
قال المناوي: "الإجهاض إسقاط الجنين"([6])
والجنين / ما تحمله المرأة الحامل في رحمها فإن خرج حيا كان ولدا وان خرج ميتا كان سقطا([7]).

وفي اصطلاح الأطباء
عرف بأنه خروج محتويات الرحم قبل مرور ثمانية وعشرين أسبوعاً، وذلك أنه قبل مرور هذه المدة يكون غير قابل للحياة، فإذا سقط بعدها فلا يسمى إجهاضاً من الناحية الطبية،وإنما يسمى ولادة قبل الأوان([8]).

وعرف أيضا : بأنه التخلص من حمل موجود في الرحم سواء كان له أسبوع أو تسعة أشهر([9]).
وفي اصطلاح الفقهاء المعاصرين:
1- هو إخراج الحمل من الرحم في غير موعده الطبيعي ، عمداً وبلا ضرورة بأي وسيلة من الوسائل .
2- هو إلقاء المرأة جنينها ميتاً أو حياً دون أن يعيش ، وقد استبان بعض خلقه بفعل منها أو من غيرها([10]).
3- هو : إسقاط الجنين بفعل أمه أو بفعل غيرها، بناءً على طلبها أو رضاها([11]).

المطلب الثاني:في تصوير المسالة كنازلة :
الإجهاض أو بتعبير أكثر الفقهاء الإسقاط, من المسائل الموجودة والمطروقة عند السلف, وعند فقهاء المذاهب .
إلا أنها قد استشرت في العصر الحديث وكثر الخوض فيها عند سائر المجتمعات الشرقية والغربية, المسلمة منها وغير المسلمة ، بل لقد صارت ورقة إباحة الإجهاض من أهم الأوراق المطروحة لكسب أصوات الناخبين في كثير من البلدان خاصة الغربية منها بدعوى الحرية والتقدم .
وتصنفيها كنازلة إنما هونسبي لكثرة وقوعه في هذه الأزمان وتعدد أسبابه وطرقه, فاحتاجت المسألة لمزيد من التأمل والنظر وبحث الوسائل والعوامل المستجدة.
وما أدل على انتشار الإجهاض من الإحصائيات التي تنشر بين فينة وأخرى, فقد وصلت حالات الإجهاض عام (1976)م الى أكثر من خمس وعشرون حالة, ثم زادت بعد ثمان سنوات _أي عام (1984م) الى أكثر من خمسين مليون حالة إجهاض([12])
والدول إزاء هذه القضية الشائكة تباينت وجهتها فمنها من سنت القوانين لاباحته وتسهيله إما بدعوى تنظيم النسل أو تحديده ، وإما والعياذ بالله – لمساعدة المنحلات أخلاقياً والمومسات خاصة في الحضارة الغربية .
وثمت دول أخرى حرمته وجرمت فاعله مالم يكن لسبب معقول كالخوف على حياة الأم من بقاء الجنيين أو نحو ذلك .
فجاءت هذه الدراسة المتواضعة لبحث المسألة وعرض أقوال العلماء فيها مقرونة بأدلتهم ومناقشتها .
المطلب الثالث: نوع النازلة.
الإجهاض وكما يسميه بعض أهل العلم (بالإسقاط) من المسائل المتعلقة بالإناث أساساً وذلك لكون رحم المرأة هو مستقر الجنين ومنشأ خلقه.
وهذه المسألة يطرقها الفقهاء في أبواب مختلفة ، فالحنفية أكثر طروقهم لها في كتاب الحيض والعدة والديات, والمالكية أكثر طروقهم لها في كتاب النكاح عند مسألة العزل .
والحنابلة أكثر طروقهم لها في كتاب الحيض وبعضهم في كتاب العشرة.
ونظرا لتعلقها البينّ في باب النكاح والعشرة وقع اختياري عليها للبحث الذي كلفت به
أما سبب تصنيفنا لهذه المسالة كنازلة. فذلك راجع إلى المستجدات المعاصرة التي أبرزت هذه المسالة وجعلتها ظاهرة للعيان كما سبق.

المطلب الرابع: سبب حدوث النازلة :
غير خاف ما جلبته المدنية المعاصرة من أفكار ورؤى عمت أرجاء المعمورة والله المستعان .
من تلك الأفكار فكرة إجهاض الحمل وحمل القوانين والدساتير على إجازته بل والإجبار عليه في بعض البلدان بسبب أو لآخر .
والعوامل التي أدت على انتشار الإجهاش في الزمن المعاصر مقارنة بما سبق في الأزمان الماضية إن اتحدت في غالبها في المضمون إلا أنها تختلف في الانتشار بين بلد وآخر.
فعند الغرب مثلاً من عوامل الإجهاض:
1- مساعدة المنحلات أخلاقياً والمومسات على ممارسة البغاء بدعوى الحرية الشخصية وتشير الأرقام إلى أن 85% من حالات الإجهاض التي وقعت في نيويورك ولندن كان نتيجة انتشار الزنا([13])..
2- تنظيم الأسرة والحد من عدد أفرادها,وذلك اما رغبة محصورة من العائل, وإما توجه حكومي المقصود منه الحد من تنامي السكان, خوفا على اقتصاد البلد
إذ قد بدأت هذه الفكرة في أوروبا في أواخر القرن الثامن عشر الميلادي، وأول من دعا إليها القسيس الإنجليزي " مالثوس " الذي نشر مقالاً بعنوان " تزايد السكان وأثره في تقدم المجتمع " عام 1213هـ - 1798م، وزعم أن السكان يزيدون على هيئة متواليات هندسية 2، 4 ، 8، 16، 32 بينما لا تزيد الموارد إلا على هيئة متواليات حسابية 2، 3، 4، 5، 6 لذا فإن البشرية حسب تحليله ستواجه مجاعة مروعة إذا استمر لديها هذا الاتجاه في التكاثر ودعا إلى الحد من التناسل بطريق الرهبنة ، والامتناع عن الزواج ، أو تأخير الزواج حتى لا يزداد السكان بشكل يؤثر على الدخل القومي ([14]).
وقد كان أول الدول إباحة للإجهاض بإطلاق الاتحاد السوفيتي 1920م ثم تبعها بقية الدول الشيوعية.
وأول دول غير شيوعية تبيح الإجهاض هي اليابان عام 1948م حسب طلب الأم، وبدون وجود أي سبب طبي، وذلك بعدما تقدم عدد من النواب الأطباء بالمشروع، بسبب ارتفاع مأمازيغيات الإجهاض السري وأضراره على الأم
وفي الدول الإسلامية أول دولة أباح قانونها الإجهاض هي تونس لمن لديه خمسة أطفال ، ثم أباحته حسب الطلب خلال الأشهر الثلاثة الأولى، ومنها اليمن الديمقراطية (اليمن الجنوبية سابقاً) في حال زيادة الأطفال عن ثلاثة ، وتركيا مع بعض القيود الخفيفة ، أما بقية الدول الإسلامية فتحرمه ، وتعاقب عليه بالسجن والغرامة، وشطب الطبيب من سجل الأطباء ، ما لم يكن هناك خطر يهدد حياة الأم.

3- الخوف على صحة الجنين أو الأم إذا استمرت حياة الجنين, خصوصا بعد التطور
التقني والطبي الذي اصبح باستطاعته في كثير من الحالات الكشف عن الأمراض المتحققة والمحتملة وايجاد الحلول المناسبة لذلك , وكما هو من المعلوم أن الإجهاض أحد الحلول المطروحة لتلك الحالات التي يتأكد أن بقاء الجنين فيه خطر على حياة الأم, فيكثر السؤال حينئذ عن حكم الاجهاض , ومدى مشروعيته.


4- عدم رغبة الأم في الحمل في ذلك الوقت ، إما انشغالاً بعمل وظيفي أو نوعاً من الترف .

هذه هي أبرز أسباب الإجهاض في المجتمعات الغربية, أما المجتمعات الإسلامية فالعوامل الباعثة لها لإباحة الإجهاض في أغلبها ليس المقصود منها مساعدة المنحلات أخلاقياً كما هو الحال عند الغرب ، أما بقية العوامل ففيها تقارب لاسيما بعد اتصال الحضارات والثقافات.
وأيا كان سبب الإجهاض فإن الشريعة الإسلامية الغراء قد جاءت ببيان حكمه الشرعي (ما فرطنا في الكتاب من شيء) فجاء هذا المبحث لبيان الأصل في حكم الإجهاض والله أسأل أن يمدني يتوفيقه ويحوطني بتسديده.

يتبع


قد تكوني مهتمة بالمواضيع التالية ايضاً:





©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©