عنوان الموضوع : رجل عظيم من ليشانة يدعى ..أحمد سحنــــون - شخصيات تاريخية
كاتب الموضوع : salima
مقدم من طرف منتديات ايمازيغن

url=www.joreyat.org][/url]


ولد الشيخ رحمه الله عام 1907 ميلادية ببلدة ليشانة قرب مدينة بسكرة، توفيت أمه وهو رضيع، وتولى والده الذي كان معلما للقرآن الكريم تربيته، فحفظ كتاب الله وعمره 12 سنة كما تعلم مبادئ اللغة العربية والشريعة الإسلامية على يد مجموعة من المشايخ والعلماء أبرزهم الشيخ أحمد خير الدين والشيخ محمد الدراجي والشيخ عبد الله بن مبروك. ومنذ نعومته أظافره كان الشيخ رحمه الله مولعا بكتب الأدب، فدرس وطالع منها الكثير قديمها وحديثها. في سنة 1936م التقى لأول مرة مع رائد الإصلاح والنهضة في الجزائر العلامة عبدالحميد بن باديس رحمه الله، وفي ذلك يقول: "وذكرت- عندما كتبت فصلا عن ابن باديس الموجه- بمناسبة ذكراه أنه جمعني به أول مجلس فبادرني بسؤاله: ماذا طالعت من الكتب ؟ فأخذت أسرد له – لسوء حظي أو لحسنه- قائمة حافلة بمختلف القصص والروايات، فنظر إلي نظرة عاتبة غاضبة وقال: هلا طالعت العقد الفريد لابن عبد ربه، هلا طالعت الكامل للمبرد بشرح المرصفي، واستمر في سرد قائمة من الكتب النافعة المكونة، فكانت تلك الكلمة القيمة خير توجيه لي في هذا الباب". وهكذا كان هذا اللقاء نقطة تحول كبرى في حياة الشيخ أحمد سحنون، حيث انضم إلى جمعية العلماء المسلمين الجزائريين وأصبح من أعضائها الفاعلين. يقول في هذا المجال في مقدمة كتابه "توجيهات إسلامية": "إن كل شيء كنا نعمله لهذا الشعب، وكل ما نبذله لهذا الوطن، إنما كان بوحي من روح الجمعية، ووفق الخطة التي رسمتها لتطهير هذه الأرض العربية المسلمة من وجود الإستعمار ومن سيطرة الأجنبي، ومن عار الحكم بغير ما أنزل الله" وبالإضافة إلى الخطابة والتعليم والشعر، اقتحم الشيخ رحمه الله ميدان الصحف والمجلات، فكتب في العديد منها كالشهاب والبصائر، حتى أن الإبراهيمي علق على كتاباته قائلا:"إن ما تكتبه في البصائر هو حلة البصائر" وهي شهادة كانت أعز عليه من كل وصف، ذلك أنها صدرت من رجل كان يعتبره قدوة له وعظيما من عظماء الأمة، فقد وصفه ذات مرة فقال: "ولاعجب، فقد كان الإمام الإبراهيمي من بناة النهضة الكبار الذين عاشوا كل حياتهم، وأعظم همهم تكوين عدد ضخم من حملة الأقلام وإنشاء جيل قوي يحسن التعبير باللسان والقلم، يكون الغرة الوضاءة في جبين الجزائر، والكتيبة الأولى في معركة تحريرها". في سنة 1947 اشترك في المجلس الإداري للجمعية، وقام بكتابة نشيدها الذي يقول في مطلعه: يابني شعب الأباة ... للمعالي أنتم نسل الأمازيغ الكماة ... في النزال كل من ضحى بنفسه فمات ... لا يبالي كما عينته الجمعية في نفس السنة معلما في مدرسة التهذيب الحرة في بولوغين ثم أصبح مديرا لها بعد عام واحد. ويشهد الجميع للشيخ بقوة خطابه وبلاغته وفصاحته، حيث كان يقصده جمع غفير من الناس يؤدون عنده صلاة الجمعة في مسجد الأمة ببولوغين، فكان يحث الشباب على الإعتزاز بماضيهم والتمسك بالحرية والسعي نحو الإنعتاق من نير الإستعمار. الشيخ سحنون والثورة التحريرية أدرك الشيخ رحمه الله منذ اللحظة الأولى حقيقة المستعمر، فكان دائم التحذير من مكائده والتنبيه إلى أساليبه وساهم مع إخوانه العلماء في نشر الوعي الديني والوطني في أوساط الشعب وبعث الثقة في نفسه، ليرفع لواء الحرية والإستقلال ويطهر وطنه من رجس المستعمرين. وكان رحمه الله قد كون تنظيما فدائيا سريا انطلاقا من مسجد الأمة عام1953، وبعد اندلاع الثورة لم يتردد في مساندتها مما أدى إلى سجنه عام 1956 وحاول المستعمر استغلال مكانة الشيخ عند الشعب الجزائري وتأثيره فيه فطلب منه أن يحذر الناس من المجاهدين ويبعدهم عن احتضان الثورة ودعمها، فرد عليه قائلا: "أنا الآن في حكم الميت، إذا نفذت ما طلبتم مني يقتلني إخواني وإذا لم أنفذ تقتلونني أنتم، ومادمت ميتا فليكن موتي على أيديكم أفضل". فحكم عليه بالإعدام، ثم أطلق سراحه بعد ثلاث سنوات لأسباب صحية، فقام المجاهدون بتهريبه إلى منطقة باتنة بالشرق الجزائري ثم إلى مدينة سطيف ليواصل عمله وجهاده بين أفراد شعبه. وخلال تواجده بالسجن كان مواظبا على متابعة ما يصدره الأستاذ سيد قطب رحمه الله من تفسيره في ظلال القرآن وكان يقول: "كان الظلال يخرج من السجن في مصر ويدخل السجن في الجزائر". الشيخ سحنون بعد الإستقلال بعد نيل الجزائر استقلالها، عين الشيخ أحمد سحنون إماما خطيبا بالجامع الكبير بالعاصمة وعضوا بالمجلس الإسلامي الأعلى، فواصل عمله الدعوي التربوي بكل إخلاص واستقلالية، فكان أحرص ما يحرص عليه حرية الكلمة وخاصة إذا كانت تخرج من المنبر، فلم يكن يهادن في دينه ولا يقبل المساومة في مبادئه من غير جبن ولا تهور أو انفعال، شعاره في ذلك قول الباري عز وجل:" ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن " حتى استطاع بمنهجه أن يصبح منبرا للتعقل والحكمة ومرجعا لوحدة الشعب الجزائري والتفافه حول ثوابته. وقد كان يقول رحمه الله: ( فليست الدعوة إلى الله – إذن- كلاما مجردا عاديا، يستطيع أن يملأ به شدقيه كل من لا حظ له من دين أو خلق، ولا خلاق له من إيمان أو استقامة، إنما هي كفاح مرير ينبغي أن لا يخوض غماره إلا من تسلح له بسعة الصدر ولين القول واستقامة السيرة وبلاغة المنطق وقوة الحجة ). وكتب ذات مرة مقالا بعنوان "الدعوة إلى الله" ومما جاء فيه: "وإذا كانت الكلمة اللينة والصدر الرحب من خير أدوات الدعوات بحيث تجعل العدو صديقا كما تشير إليه الآية، فبعكس ذلك تكون الكلمة الجافية والصدر الضيق من شر أسباب النفور بحيث يجعلان الصديق عدوا". هكذا إذن كان منهجه في الدعوة إلى الله كما كان منهج الأنبياء بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن، ولكن إذا انتهكت حرمات الله أو حورب الله ورسوله وهدد الإسلام في عقر داره فإنه يرفع لواء التصدي والذود عن دين الله كما فعل رحمه الله لما حاولت شرذمة من النسوة بدافع من اللائكيين وبقايا أذناب المستعمر في الجزائر أن تستبدل قانون الأسرة المستمد من الشريعة الإسلامية بآخر علماني لاديني، فخرج مع غيره من الدعاة في مسيرة حاشدة حضرها زهاء مليون إمرأة مسلمة جزائرية أصيلة ليقول لا لمحاولات العبث بدين الأمة وثوابتها. وكان قبل ذلك نصح وعمل على منع القيام بمسيرة خلال أحداث أكتوبر 1988 الدموية خشية الوقوع في فخ أعداء الصحوة الإسلامية والزج بشباب الدعوة في برك من الدماء. وفي سنة 1982 حرر إلى جانب صديق دربه الشيخ عبد اللطيف سلطاني والدكتور عباسي مدني بمناسبة التجمع الحاشد لأبناء الحركة الإسلامية بالجامعة المركزية "بيان النصيحة"، يدعو فيها الحكام إلى إلتزام منهج الله وقيادة الأمة بدينها وإعطائها حقوقها، وكان أن سجن الكثير من الدعاة ووضع الشيخ تحت الإقامة الجبرية لكبر سنه. ومن الجهود المباركة التي قام بها الشيخ رحمه الله، محاولنه تأسيس رابطة الدعوة الإسلامية وهي إطار دعوي يجمع كافة أطياف الحركة الإسلامية لتوجيه العمل الدعوي وتوجيه جهود العاملين بعد توحيدها وتنسيقها لاجتناب التناحر والشقاقات داخل صفوف الحركة الإسلامية، كان ذلك سنة 1989م، وقد كانت محاولة رائدة لو كتب لها الله النجاح والإستمرار. ولما دخلت الجزائر في محنتها وسالت دماء أبنائها حاول مخلصا جاهدا أن يجنب الشعب ويلات تلك المحنة وآلامها، فكان جزاؤه محاولة اغتياله وهو في ساحة المسجد متوجها للصلاة مما ترك في نفسه الأثر العميق لما وصلت إليه الجزائر، فعكف في بيته يدعو الله ويعبده ويطالع الكتب ويدرس إلى أن لقي الله ولم يبدل تبديلا. وقد روى لي أحد الإخوة ممن زاره في الأسبوع الأخير من رمضان وهو على فراش المرض أنه كان يدخل في غيبوبة لبعض الوقت ولما يستفيق يردد قوله تعالى: {فأما الزبد فيذهب جفاءا وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض}. قال ولما عزمنا على الخروج من عنده طلبنا منه أن ينصحنا فقال رحمه الله: عليكم بالتوحيد والوحدة. لقد مات الشيخ سحنون وهو يتألم مما وصل إليه حال الجزائر من انهيار وتفكك وفرقة، مات وفي قلبه أمل أن يرى الدعاة إلى الله على قلب رجل واحد. وأخيرا فإن فقدان أب الصحوة الإسلامية في الجزائر وقبله الشيخ محفوظ نحناح والشيخ محمد السعيد وغيرهما من رواد هذه الصحوة ينبغي أن يكون محطة تاريخية تراجع فيها الحركة الإسلامية في الجزائر نفسها، فتتوب من معاصي الفرقة والتشتت والخصومات كي تستطيع القيام بدورها الرسالي في صناعة مستقبل الأمة والوصول بشعبها إلى شاطئ الأمان وإنقاذ البلد من محاولات طمس هويته وتغريبه. آثار الشيخ ترك الشيخ بعض الآثار المخطوطة والمطبوعة أهمها: كتاب دراسات وتوجيهات إسلامية كتاب كنوزنا ويقع في 300 صفحة احتوى تراجم لبعض الصحابة وهو لم يطبع بعد. ديوان شعر بعنوان" حصاد السجن" يضم 196 قصيدة ديوان شعر" تساؤل وأمل " وهو لم يطبع بعد إلى جانب عشرات المقالات في العديد من الجرائد والمجلات كالبصائر والشهاب فرحم الله الشيخ أحمد سحنون وأسكنه فسيح جنانه مع الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أوبئك رفيقا وإنا لله وإنا إليه راجعون. الجزائر:

مصدر آخر

فاروق أبو سراج الذهب

ولد الشيخ أحمد سحنون سنة 1907م في قرية ليشانة بالزاب الغربي ولاية بسكرة. حفظ القرآن وعمره 12 سنة، ومن شيوخه الشيخ محمد بن خير الدين. التحق بجمعية العلماء المسلمين الجزائريين سنة 1936م. ألقي عليه القبض في 24 مايو 1956. صدر له ديوان شعري تحت عنوان "حصاد السجن" سنة 1977م، كما صدر له كتاب : "دراسات وتوجيهات إسلامية" سنة 1981م. كان عضوا في جمعية القيم التي تأسست سنوات 1963 - 1964م، كما كان إماماً للجامع الكبير بالعاصمة، وعضواً في المجلس الأعلى الإسلامي. وقع هو والشيخ عبد اللطيف سلطاني والشيخ عباسي مدني بيان النصيحة المكون من 14 نقطة والموجه إلى النظام السياسي سنة 1982 والذي قرأه المرحوم سليم كلاكشة في أول تجمع جماهيري للإسلاميين بالجامعة المركزية وسجن على إثر ذلك. ترأس رابطة الدعوة الإسلامية سنة 1988م. أشرف على تنظيم التجمع النسوي الذي حضره من 700 ألف إلى مليون امرأة ضد تعديل قانون الأسرة. اشترك في تشكيل لجنة الدفاع عن السجناء السياسيين مع بداية الأزمة سنة 1991م. تعرض لمحاولة اغتيال سنة 1996 من طرف الجماعات المسلحة وهو في المسجد. أصيب بنوبة قلبية صبيحة يوم عيد الفطر المبارك (في وقت كان يتهيأ لصلاة العيد) فنقل على إثرها إلى المستشفى العسكري عين النعجة حيث دلت الفحوصات أنه أصيب بجلطة دماغية عجلت بوفاته عن عمر يناهز 96 سنة.=> وسط حشود من المشيعين يعدون بعشرات الآلاف وفي جو بارد وممطر وبمقبرة سيدي يحيى ببلدية بئر مراد رايس وسط العاصمة الجزائرية ووري يوم التاسع من ديسمبر التراب الشيخ أحمد سحنون عميد الحركة الإسلامية في الجزائر والشاهد على مختلف التحالفات التي كانت تتم تحت إشرافه من أجل توحيد التيار الإسلامي في الجزائر فيما يسمى بفضاء رابطة الدعوة الإسلامية في بداية التعددية في الجزائر. وبعد صلاة الجنازة التي أقيمت في مسجد أسامة بن زيد، توجهت الحشود إلى مقبرة سيدي يحيى تتعقب جثمان الشيخ. وحول القبر تجمع العديد من رجال الحركة الإسلامية على اختلاف مناهجهم كحركة مجتمع السلم ممثلة في رئيسها أبو جرة سلطاني، وحركة الإصلاح الوطني ممثلة في رئيسها الشيخ عبد الله جاب الله وكذا بعض شخصيات جبهة الإنقاذ ومن ضمنهم علي بلحاج، وأحمد طالب الإبراهيمي عن حركة الوفاء، إضافة إلى رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين الشيخ عبد الرحمن شيبان الذي ابّن الشيخ سحنون وذكّر بمناقبه وخصاله وكان الشيخ قد أوصى بأن يؤبنه ويدفنه رفيقه الطاهر آيت عجلات. أما ممثلو السلطة فكان على رأسهم وزيرا الشؤون الدينية والخارجية. إذا كان رجالات العلم والتاريخ والأدب والثقافة والدين في الأمم المتحضرة ذات التقاليد الراسخة.. يكرمون أحياء بحضورهم الجسدي، ويكرمون بعد رحيلهم عن دنيانا رموزاً مضيئة، ومعالم حية تحافظ على تواصل حلقات السلسلة الذهبية لتاريخ وأمجاد وحضارة الأمة، فإن حظ أفذاذ الأمم والشعوب التي فرضت على نفسها أو فرض عليها الجمود والتخلف؛ أنهم يموتون واقفين مثل الأشجار، محترقين مثل الشموع التي لا ينتهي ضوؤها ولا ندرك قيمتها إلا بعد رحيلها أو ترحيلها. برحيل الشيخ الأديب العلامة والحكيم الصامت الراحل أحمد سحنون رحمه الله تكون الجزائر في سنة واحدة وبعد 7 شهور فقط قد فقدت ثاني ركيزة أساسية وعرسة من عرسات الاعتدال والوسطية بعد رحيل فضيلة الشيخ محفوظ نحناح. ويا لعمق الجراحات التي تنغرز في حنايا أمة أنجبت أمثال الشيخ أحمد سحنون وزحفت لتؤبن ابنها ومفكرها وشاعرها.. وحكيمها وهو بحق رجل الإجماع.. فكل الكلمات مهما كانت بليغة تعجز، وكل البيانات تشل في موكبه المهيب. تنطفئ شموع الأمة وهي في أمس الحاجة إليها فالنائبات تترى.. تئز أزيز الرصاصة الحاقدة لتنغرز في عمق كارثتنا، أزيز رصاصة تخترق الحشا، لتسلب نفوسنا أفئدتها. كان شمعة عملاقة، تحترق لتضيء، كان رحمه الله صريحاً كالرعد، واضحاً كالبرق، خطيباً متدفقاً كالمطر، عاشقاً متبتلاً لدينه ووطنه، ثائراً لا يكسر، فقيهاً لا يعثر، مؤرخاً لا يقهر، فيلسوفاً كالبحر لا يعبر، أديباً شاعراً لغوياً لا يجارى ولا يتبر على حد تعبير خمار أبو القاسم . كنا عندما نتحاور حول موضوع وحدة الإسلاميين ورأب الصدع بينهم وجمع شملهم في إطار واحد نتذكر مباشرة الشيخ سحنون رحمه الله ذلك الرجل الذي هب على شيبته ونزل إلى الشارع حي بلكور لإيقاف المسيرة التي دعا إليها الشاب "علي بلحاج" في العاشر من أكتوبر 1988م، لقد هب الشيخ لإنقاذ الشباب من فوهة المدافع التي كانت منصوبة في ساحات العاصمة يومئذ، وواصل تسييجه لمستقبل الصحوة الإسلامية المتحمسة بموافقته على رئاسة رابطة الدعوة الإسلامية التي جمعت قيادات العمل الإسلامي على اختلاف مشاربهم المذهبية والمنهجية كوعاء يحمي الحركة الإسلامية من التشرذم والتمزق والانشطار وما زلت أتذكر تلك الصورة الفوتوغرافية النادرة التي جمعت في الوسط الشيخ أحمد سحنون وإلى يمينه الشيخ محفوظ نحناح وإلى يساره الشيخ عباسي مدني ويتوالى الركب من اليمين إلى اليسار الشيوخ محمد السعيد وعبدالله جاب الله ولفيف من الشخصيات التي شكلت فيما بعد نواة الأحزاب الإسلامية الثلاثة (الإنقاذ حماس النهضة). ذلك المشهد الذي أسر الأصدقاء وأغاظ الخصوم فعملت دوائر خفية على تمزيق هذا المشهد بتسريع ميلاد الجبهة الإسلامية للإنقاذ ليتوالى مسلسل تأسيس الأحزاب فكانت النهضة ثم حماس.. وباقي القصة معروف عند الخاص.. غائب عن العموم يأتي الحديث عنه في وقته. الشيخ أحمد سحنون رحمه الله بالرغم من أنه لم يلتحق بمدرسة أو جامعة.. لا الزيتونة ولا الأزهر ولا القرويين.. لكنه كان أوسع اطلاعاً وأكثر استيعاباً لفكرة التغيير والإصلاح في المجتمع الجزائري. كانت اهتمامات الشيخ أحمد سحنون رحمه الله في بداية شبابه أدبية صرفة إلا أنه ومع ميلاد حركة الإصلاح سنة 1939 بميلاد جمعية العلماء المسلمين الجزائريين انتقل سنة 1936 من مجرد شاعر وقاص إلى رجل إصلاح سيما بعد التقائه الشيخ عبد الحميد بن باديس وبرز كواحد من شعراء الجمعية إلى جانب صاحبه محمد العيد آل خليفة من خلال نشر ذلك في جرائد ونشرات الجمعية مثل الشهاب والنجاح والبصائر. لم يكن الشيخ أحمد سحنون سلبياً أبداً بالرغم مما أشيع عنه في آخر أيامه سيما في موقفه من الأزمة-الفتنة التي مرت بها الجزائر كما كان يقال على ألسن بعض شباب الصحوة الذين لا يعرفون للرجال قدرهم إذ كيف يكون ذلك سمته ومنهجه وهو الذي ألقى عليه القبض في 24 مايو 1956 وسجن، وهو الذي كان على رأس مجموعة جزائرية تقوم بأعمال مقاومة ضد الاستعمار الفرنسي على طريقة المنظمة الخاصة (OS) التي كانت تنتمي إلى حزب الشعب الجزائري. وحيال سجنه وهو الإمام الخطيب والمدرس للقرآن طلب إليه الاستعمار أن يوجه نداء للمجاهدين أن يضعوا السلاح فلم يستجب لهذا الطلب رغم تهديدهم ووعيدهم وقال لهم قولة تكتب بماء الذهب: "أنا الآن في حكم الميت، إذا نفذت ما طلبتم يقتلني إخواني، وإذا لم أنفذ تقتلوني أنتم؟ وما دمت ميتاً، فليكن موتي على أيديكم أفضل من أن تكون نهايتي على أيديهم". بحكم الخطابة والإمامة التي كان يتولاها طلب منه الفتوى لإثناء المجاهدين عن المقاومة. وبحكم عضوية جمعية العلماء المسلمين فرض عليه الموقع المتقدم بعد وفاة أغلب الأعضاء، سيما بعد فرض الإقامة الجبرية على الشيخ البشير الإبراهيمي بعد الاستقلال والتضييق على علماء الجمعية الآخرين. صحيح أنه عين إماماً للجامع الكبير بالعاصمة وعضواً بجمعية القيم التي كان يرأسها "الدكتور الهاشمي التيجاني" هذه الجمعية التي حلت بعد موقفها الجريء من قتل الشهيد سيد قطب رحمه الله متضامنة معه وطلبها من النظام المصري العفو عن سيد قطب، وكان للشيخ أحمد سحنون قصة مع كتاب "في ظلال القرآن" هذا التفسير المبدع الذي كتبه الشهيد سيد قطب في السجن، حيث كان الشيخ أحمد سحنون يقول: "كان الظلال يخرج من السجن في مصر ويدخل السجن في الجزائر". كيف لا وقد عنون كتابه الوحيد "حصاد السجن" وهو الديوان الذي كتبه في السجن. حياة الشيخ أحمد سحنون كلها مواقف وفي الصميم، حتى أقعده المرض فصارت متابعته للساحة الإعلامية والسياسية جد محصورة بل قد تكون منعدمة، وأذكر أنه في آخر أيامه كان لا ينهض إلا للصلاة أو يرسل من يمثله عندما يموت أحد أصدقائه كما حدث مع وفاة الشيخ محفوظ نحناح، وبن يوسف بن خدة. وكان عندما يزار يستطيع معرفة من زاره ويسأله عن شخصه، وكانت ذاكرته لا تزال قوية وهو في آخر حياته. ولا نعرف إن كان كتب مذكراته أم لا، فهي إن وجدت ستكون وثيقة تاريخية مهمة للحركة الإسلامية في الجزائر خاصة وأنه لم ينتمي لأي جماعة من الجماعات الإسلامية المعروفة في الجزائر إلا ما كان تثميناً أو تنويهاً بجهد أو تحذيراً من مغبة مسار خطير. وإننا كمتابعين لتطورات الساحة الإعلامية في الجزائر ولا سيما التطور التاريخي للحركة الإسلامية المتصاعد تارة والمتراجعة تارات أخرى، نجهل كثيراً خلفيات بيان النصيحة سنة 1982م ونصائح الشيخ سحنون لمصطفى بويعلى سنة 1984 وخلفيات تأسيس جمعية القيم وكذا نصيحة الشيخ سحنون للشيخ محفوظ نحناح رحمه الله سنة 1982 بعدم التوقيع على بيان النصيحة وهو الذي خرج من السجن سنة 1980 وكذا محاضر جلسات رابطة الدعوة الإسلامية التي تأسست سنة 1988 وكيف ظهرت الجبهة الإسلامية للإنقاذ دون استشارة للرابطة بالرغم من أنه عضو فيها. ثم من كان يقف وراء رسالة الرابطة الإسلامية إلى قيادة الجبهة الإسلامية للإنقاذ أيام الإضراب السياسي المفتوح والتي تطلب فيها الرابطة من الجبهة وقف الإضراب؟ وهل صحيح أن الجنرال خالد نزار اتصل بالشيخ أحمد سحنون واقترح عليه عضوية المجلس الإسلامي الأعلى للدولة بعد اغتيال الرئيس محمد بوضياف، وكيف كان الشيخ أحمد سحنون وهو بهذه المرتبة من الوجاهة والقيمة السياسية والدينية يتعامل مع معطيات الساحة السياسية الأمر الذي تركه يلتزم الصمت المملوء إلى غاية يوم تعرضه لمحاولة اغتيال وهو يخطب في الناس على منبر الجمعة. الجزائر:

منقووووووووووول



©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©