عنوان الموضوع : الإمام المقرئ المحدث الجوال أبو القاسم الهذلي البسكري. - شخضيات
كاتب الموضوع : khouloud
مقدم من طرف منتديات ايمازيغن

[align=right]السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الإمام المقرئ المحدث الراوية الرحال الجوال أبو القاسم الهذلي البسكري.

هذه ترجمة لعالم مقرئ محدث مجود من أبناء مدينة بسكرة عروس الزيبان الجزائري، وهبه الله همة عالية، تَبَزُّ الجبالَ مطاولتُها في الرحلة و التجوال والبحث والتنقيب وطلب العلم، أحرز قصب السبق في أشياء ثلاثة لم يسبق اليها سابق، ولم يلحقه بها لاحق، شهد له بها علماء ومشايخ الإسلام وعلى رأسهم علامة الرجال الإمام شمس الدين الذهبي ، وعلامة القراءات الحافظ ابن الجزري و المحدث الحافظ ابن حجر العسقلاني وهي:
- رحلته الطويلة و العجيبة في طلب العلم.
- كثرة الشيوخ والعلماء الذين أخذ عنهم .
- شمولية وغزارة مادة كتابه الكامل الذي هو ثمرة رحلته، ونتاج عمره.
وكل من يطالع سيرة هذا الرجل، أو يقرأ كتابه " الكامل في القراءات" ، يتأكد أن ذلك كله توفيق كبير من الله عز وجل لصدق الرجل وحسن نيته وشغفه بطلب العلم وحفظه وتدوينه ، وكيف جد وأجتهد وثابر، وما كل و لا مل من طول المسافات وصعوبة وبعد المسالك و الممالك، حتى انه لما وصل الى أقصى مشرق تركستان بعد أن سمع والتقى بأكثر من 365 شيخا وعالما، قال :" " ...ولو علمت أحداً تقدم عليّ في هذه الطبقة في جميع بلاد الإسلام لقصدته"
إنها الروح العالية الطموحة ، والعزيمة الصادقة في حب خدمة كتاب الله عز وجل وسنة رسولنا وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، وتأمل أخي الكريم هذا الكلام الجميل الذي ينافح فيه عن كتاب الله العزيز، ويدحض بالدليل و البرهان أقوال الرافضة الذين يزعمون ان الصحابة كتموا شيئا من القرآن الكريم ولم يظهروه يقول في مقدمة كتاب العدد الذي هو جزء من كتابه (( الكامل في القراءات )) : " ولا خلاف في سِتَةِ الآلافِ ومئتين [ 6200 : عدد آيات القرآن الكريم ] ... و لا عبرة بقول الروافضة و العامة ستة آلاف وستُ مئة وستٌ وستون[ يزعم الشيعة الرافضة أن عدد آيات القرآن الكريم هو 6666 ، والناقص حسب قولهم ، هي آيات حذفها الصحابة رضي الله عنهم لأنها نزلت في ولاية ووصاية الإمام علي رضي الله عنه وأهل البيت]، وزعموا ان آيات نزلت في أهل البيت وفي علي كتمها الصحابة ، وقد ضلوا ضلالا بعيدا ، وخسروا خسرانا مبينا ، اذ لو كتموا بعضه لجاز ان يكتموا الكل ، أو يحرفوه ، وأيضا علي كان آخر الخلفاء ، ومصحفه معلوم ولو تُرك منه شيئ لأظهره في مصحفه ولذكره في وقت خلافته، ألا ترى ما روي كميل بن زياد قال خرج علي عليه السلام يوم توفي فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له رجل : هل خصكم رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل البيت بشيئ ؟ قال : لا إلا ما في قراب سيفي هذا ، وأخرج كتابا فيه الديات و الزكاة أو علما أعطاه الله رجلا ، وقيل : أوفَهْمًا .
يحققه قوله عز وجل : { إِنَّا نَحْنُ نزلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } [الحجر: 9] وحفظه من الزيادة و النقصان في التحريف و التبديل ، ولو كان كذلك لما خص بستة الآلاف .وستة مئة وست وستين ولجاز الزيادة عليها زلا النقصان أو ذكره بعض أهل العلم كيف؟؟ ومن أهل العلم الحسن و الحسين وجعفر بن محمد وغيرهم ، وابن عباس حبر القرآن الكريم وترجمانه ، ولم يأت عن هؤلاء الاكابر ، وهم فحول الأمة وعلماؤها شيئ يخالف ما رويناه ، أو يزيد على ما نقلناه ، فكيف يُرى كتمُ أربع مئة آية ، وعشر آيات أو ثلاثين آية ؟
دل على أن الزيادة على ما روينا محال ، ومن زاد فيه أو نقص منه ، على ما روينا ، فقد كفر بالله العظيم ، وخرق الإجماع ، و لا حكم للاشتغال بكلام أهل البدع وإيراده .."
فجزاه الله كل خير ورحمه رحمة واسعة.
- والله أعلم -

إسمه وكنيته ونسبه:

يوسف بن على بن جبارة بن محمد بن عقيل بن سوادة بن مكناس بن وربليس بن هديد بن جمخ بن خبا بن مستلمخ بن عكرمة بن خالد - وهو أبو ذؤَيب الهذَلي الذي توفي أثناء الفتح الإسلامي لإفريقية في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه – فالهذلي ،نسبة الى قبيلة هذيل التي ينحدر منها أصله ، فقبيلة هذيل استوطن بعض بطونها منطقة الزاب بعد الفتح الإسلامي للمغرب العربي كما قال ابن خلدون في تاريخه: ((...فأما هذيل فهم بنو هذيل بن مدركة، وقد افترقوا في الاسلام على الممالك ولم يبق لهم حى بطرف وبافريقية منهم قبيلة بنواحي باجة يعسكرون مع جند السلطان ويؤدون المغرم)) ثم يضيف قائلا: (( ومواطنهم ما بين تبسة إلى صامتة إلى جبل الزنجار إلى إطار على ساحل تونس وبسائطها ويجاورهم متساحلين إلى ضواحي باجة قبيلة أخرى من هوار يعرفون ببنى سليم ومعهم بطن من عرب نصر من هذيل من مدركة بن الياس جاؤا من مواطنهم بالحجاز مع العرب الهلاليين غد دخولهم إلى المغرب وأوطنوا بهذه الناحية من افريقية واختلطوا بهوارة وحملوا في عدادهم)). ( تاريخ ابن خلدون: 6/142).
يكنى: أبو الحجاج و أبو القاسم ، والبسكري نسبة إلى مدينة بسكرة عروس الزيبان وهي مدينة بالجنوب الجزائري وتعتبر بوابة الصحراء الكبرى من إقليم الزاب الصغير.

مولده ورحلته العجيبة في طلب العلم :

ولد في رمضان سنة ثلاث وأربعمائة ( 403 هـ ) على أصح الأقوال ، و لم أجد في كل المصادر التي ترجمت له وطالعتها رغم كثرتها ذكرا لطلبه العلم في صغره ، وإنما اتفقت كلها على أنه سافر بعد أن حفظ القرآن الكريم وتعلم العربية و بعض متون الفقه و التوحيد، سنة خمس وعشرين وأربع مائة ( 425 هـ) في رحلة تعتبر من أشهر و أوسع و أعجب الرحلات التي سُمِعَ بها في طلب القراءات و الحديث الشريف و الرواية فزار ونزل في أكثر من سبعين مدينة لقي فيها ما يربو على الثلاثمائة وستين شيخا ، وقد قال عنها و عنه الحافظ ابن الجزري ( غاية النهاية في طبقات القراء ) صفحة 397 - 398 ترجمة رقم 3929 : "وطاف البلاد في طلب القراءات، فلا أعلم أحدا في هذه الأمة رحل في القراءات رحلته، ولا لقي من لقي من الشيوخ"
وهذه الرحلة الطويلة العجيبة بدأها سنة سنة خمس وعشرين وأربع مائة ( 425 هـ) و عمره لم بتجاوز الإثنين و عشرين سنة من بسكرة ، عاقدا العزم على ان يبلغ بذلك مبلغا لم يسبق اليه ، فقدر الله له ذلك وكتب له فكان مما قاله بعد ان بلغ به المطاف أقصى الشرق : " ...ولو علمت أحداً تقدم عليّ في هذه الطبقة في جميع بلاد الإسلام لقصدته".
وقد جمعت لكم من مظان الكتب الأقاليم و المناطق و المدن التي شملتها هذه الرحلة المباركة فهاكموها:
إفريقية :
- كانت الإنطلاقة من مدينته بسكرة إلى مدينة فاس.
- ومن مدينة فاس إلى القيروان.
- ومن مدينة القيروان إلى طرابلس.
- ومن مدينة طرابلس اتجه الى:
- مصر وقد نزل و زار مدنها التالية:
الاسكندرية ، تنيس [ جزيرة في بحر مصر قريبة من البر، معجم البلدان 2 / 51 ، وهو المصدر الذي أعتمدته لتحديد ومعرفة مواقع هذه المدن و الأماكن ] ، دمياط ، القاهرة.
ثم انتقل الى:
الحجاز:حيث قرأ و أخذ عن علماء مكة المكرمة و المدينة المنورة.
ومنها انتقل الى:
الشام :

- الشام كانت تضم الأقطار العربية المعروفة اليوم ( فلسطين لبنان الأردن و سوريا و العراق) فنزل المدن التالية حسب الاقطار العربية:
1- فلسطين : عسقلان ، أرسوف ، بيت المقدس ، الرملة.
2- لبنان : صيدا ، صور ، بيروت.
3- سوريا : اللاذقية ، دمشق ، المعرة ، قنسرين ، حلب ، حران ، الرقة ، الخانوقة ، الرحبة.
ثم العراق:
عانة، هيت الانبار بغداد ، الموصل ، آمد ، ميافارقين ، جزيرة ابن عمر ، دير العاكول ، جرجرايا ، الكوفة ، البصرة ، واسط ، الاهواز ، الأبلة.
ومنها اتجه الى بلاد:
فارس وما وراء النهرين:- فارس ( ايران و ما جاورها) فنزل وزار المدن التالية:
كازرون ، وفا ، شيراز ، كرمان ، اصبهان ، همذان ، نيسابور ، بخارى ، سمرقند ، بست.
ثم اتجه الى:
- تركستان [ على الحدود الروسية اليوم ] وزار من مدنه فرغانة.
بعد هذه الرحلة الطويلة الفريدة من نوعها عاد مترجمنا ليستقر في نيسابور بطلب من الأمير نظام الملك، معلما للقراءات و العلل في المدرسة النظامية ، وتلميذا بين يدي علمائها الى وفاته رحمه الله.

شيوخه:

ان المتتبع لسيرة مترجمنا يتعجب من تلك الهمة العالية و الإصرار الكبير على طلب العلم ، فقد أنعم الله عليه بفضل حب العلم و ملاقاة الشيوخ ، وقد رأينا كيف طاف البلدان في مشارق الارض و مغاربها التقى خلالها و أخذ عن 365 شيخا ، ولو أنه سمع بآخرين لقصدهم ، وقد ذكر عدتهم في مقدمة كتابه " الكامل في القراءات " فقال ما نصه : " فجملة من لقيت في هذا العلم ثلاثمائة وخمسة وستون شيخاً من آخر المغرب إلى باب فرغانة يميناً وشمالاً وجبلاً وبحراً ولو علمت أحداً تقدم عليّ في هذه الطبقة في جميع بلاد الإسلام لقصدته "
لم يسم أبو القاسم جميع شيوخه في كتابه ، ولم ينسب كل من ذكره نسبة تامة ، بل اقتصر على ذكر أسماء جملة منهم بشكل مختصر قد تصل إلى ذكر إسم الشهرة أو الكنية أو النسبة، مما جعل أمر نسبتهم و التعرف عليهم ليس بالأمر الهين.
وهو أمر أقر به الإمام الحافظ الذهبي إذ قال حين ذكر شيوخه : " إنما ذكرت شيوخه ، وإن كان أكثرهم مجهولين ، ليعلم كيف كانت همة الفضلاء في طلب العلم ".
وقد أورد الحافظ شمس الدين أبو الخير محمد بن محمد بن محمد الجزري في كتابه (( النشر في القراءات العشر )) 122 شيخا باسمائهم مع ذكر المدن و الأماكن التي أخذ فيها عنهم مع تعاليق له وفوائد
كما أحصى د. مصطفى عدنان الدليمي ود. عمار أمين الددو – حفظهما الله – لما حققا كتاب " العدد" وهو أحد الكتب التي اشتمل عليها كتاب: "الكامل في القراءات الخمسين". مائة و إثنين وأربعين ( 142 ) شيخا أوردوهم كلهم مع ترجمة مختصرة لكل واحد مهم.
[/align]



©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©