عنوان الموضوع : مع المجاهد العروسي غداري - تاريخ الجزائر
كاتب الموضوع : hanan
مقدم من طرف منتديات ايمازيغن

يوجد العديد من المجاهدين "السوافة"، الذين شاركوا إبان الثورة التحريرية، حيث سجل لهم التاريخ بصمات بقيت شاهدة لحد اليوم، المجاهد القدير العروسي غدايري، أحد هؤلاء المجاهدين، التحق بالثورة ولم يتجاوز سنه 15 بعد تفجيره لمحطة المسافرين والأروقة في نفس الوقت، عايش بعدها الثورة رفقة القائد الراحل الهواري بومدين، يرجع بنا في هذه الوقفة التذكارية سنوات الثورة التحريرية، وحياة المجاهدين والقادة الثوار آنذاك، والويلات التي تعرض لها الجزائريون عامة والمجاهدين خاصة.المجاهد غدايري رغم كونه شابا لم يتعدى سن الرابع عشر عند اندلاع الثورة إلا أنه ترك بصماته عليها ليسجلها ويشهد عنها التاريخ، حيث ولد المجاهد في 19 جويلية 1940 ببلدية المقرن، شرق الوادي، ولد في أسرة فقيرة بعد وفاة والده، قال المجاهد عندما كنت في الحادية عشر من العمر، أين كنا نرى التعذيب والإهانة التي يتعرض لها الجزائريون خاصة الشيوخ والعجائز عندما كان "القوميون" يرددون بأن عليكم الاعتراف بفرنسا وطنكم الأم، وبمجرد سكوت الشيوخ أو ردة فعل بسيطة ينهالون عليهم بالأحذية والعصي على الوجوه، هاته المشاهد كانت تحز في نفوسنا، ولما ذاقت بوالدتي السبل قررت الرحيل رفقة العديد من العائلات السوافة التي رحلت على الأرجل هربا من قهر الاستعمار الفرنسي إلى الأراضي التونسية، وبالضبط منطقة "الرديف" سنة 1955 التي سكنتها الآلاف من العائلات السوفية في خيم وبيوت بسيطة مبنية بالطوب، في هذه الفترة كنا نسمع كثيرا عن القادة الثوريين أمثال رابح بيطاط، أحمد بن بلة، كريم بلقاسم، هواري بومدين وغيرهم، كما نسمع بأن السلاح يأتي للثوار من الليبيين وبعض المناطق الجنوبية من تونس الذين نصحونا "بالالتفاف حول هذه الثورة لأن الجزائر بلدكم".تفجير المحطة والأروقة قتل أزيد من 60 شخص وعمري وقتها 14 سنةفي هذه الفترة كان الشيخ سيدي محمد التجاني شيخ الطريقة التيجانية وكذلك محمد الأمين العمودي، لهما اتصالات مع محمد بوراس، حول التمويل بالأموال والأسلحة، خاصة الشيخ سيدي محمد الذي لاحقته القوات الفرنسية كثيرا وصولا إلى توزر أين ألقي عليه القبض وحاولوا قتله بوضعه داخل القبر وإطلاق النار عليه، إلا أن المجاهد الآخر الطالب العربي كما قال محدثنا الذي كان عمره 20 سنة أنذاك فاجأهم رفقة بعض المجاهدين الليبيين عندما قدموا بالسلاح، أين تركت القوات الفرنسية الشيخ محمد وتولت أمر الطالب العربي في معركة بمنطقة العبابسة بالبياضة وكذلك حاسي خليفة، وفي جانفي 1956 كانت معركة الدبيديبي التي شارك فيها قرابة 56 مجاهد من منطقة سوف أبرزهم العربي فرجاني قائد المعركة، حيث كنا نسمع ونحن في الرديف بهذه المعارك والتحركات القوية للمجاهدين، وبدأت أدرس في الكتاب على يد الشيخ "معامرة علي" رفقة زميلي رمضاني محمد الصالح الذي كلف بجمع الأموال لدعم المجاهدين، وكنا نسمع عن جبهة التحرير والأوراس وعن القادة سي الحواس، عميروش، بن مهيدي، عندها بدأنا نجتمع ونفكر في كيفية الالتحاق بهم، كما أن الحكومة التونسية بدأت نوعا في تضييق الخناق علينا عندما رأت بأن الجزائريين سيتسببون لها في مشاكل مع فرنسا وكان ذلك سنة 1957، كما أن أغلبية المواطنين كانوا يعملون في تفتيت الحجارة أو المناجم على غرار العروسي بن علي يعمل سائق العربة التي تخرج الفوسفات من المنجم وعندما كان عمري 14 سنة كنت أعمل في تفتيت الحجارة وفي نفس الوقت لدى عائلة إيطالية أعمل في الحديقة والتسوق وغيرها، حيث طلبت من العروسي إعطائي كمية من مادة "التي أن تي" المتفجرة لتفتيت الحجارة، لكن إخراج هذه المادة يعتبر ممنوعا لذا تخبأت داخل عربة الفوسفات وتركت كمية من الهواء لأتنفس بواسطة أنبوب صغير، حيث نجحت هذه الفكرة في إخراج كمية من المواد المتفجرة وبعد تجريبها في تفتيت صخرة كبيرة جاءتني فكرة تفجير محطة القطار والأروقة وكان ذلك، حيث بمساعدة صديقي عياشي بشير، الذي وضع كمية على السكة الحديدية وأنا توليت تفجير المحطة والأروقة في أوت 1957، فأحدث الانفجاريين صدى كبيرا، حيث قتل أزيد من 60 شخص داخل الأروقة فقط، بالإضافة إلى عدد كبير من الجنود العسكريين الذين كانوا على متن القطار، وهناك قررنا الالتحاق بجماعة المجاهدين التي صعدوا للجبل بمنطقة "تامغزا" بتونس.الهجوم على ثكنة نقرين وذبح الجندي أول معركة ليبعد هذه الحادثة اضطر والي تونس حينها إلى تجميع كل الرجال ووضعهم داخل الملعب تحت أشعة الشمس حوالي يومين دون أكل وشرب، محاولا الضغط على العائلات بالتخلي عن هذه الأعمال التي تهدد استقرار تونس، وهذه الظروف اضطرتنا للاتحاق بالقائد الهواري بومدين بأمر منه في منطقة "غارديما" على الحدود التونسية الجزائرية، مقر القيادة الوطنية للثورة، حيث وجهونا إلى مركز "ملاق" ودربنا أنذاك من قبل مصريين حول كيفية استعمال الأسلحة وغيرها، حيث دامت فترة التدريب قرابة الشهرين، ويضيف المجاهد بأن أول معركة له ضد الجيش الفرنسي، عندما كنا حوالي 12 فرد حين قررنا الهجوم على الثكنة الفرنسية الموجودة بمنطقة نقرين بولاية تبسة، وقتها كانت الساعة تشير إلى الثانية أو الثالثة ليلا عندما تقدمت رفقة زميلي إلى حارس البوابة الذي استغلينا نعاسه لأتمكن من ذبحه وقطع بذلك رأسه، وبعدها تمكن زملائي من الدخول إلى الثكنة التي وجد بها إلا 12 جندي قمنا بذبحهم جميعا وإحراق دبايتين وأحرقنا بعض الألبسة العسكرية وجمعهنا أسلحتهم، وبمجرد بروز الساعات الأولى للفجر حتى بدأت الطائرات في عملية التمشيط بحثا عنا وكذلك القصف بواسطة قنابل "النابالم"، لولا أننا اتخذنا طريقا آخر عبر الوادي لما قضي عنا، حيث توجهنا بعد هذه العملية إلى مقر الناحية، أين التقينا بالقائد هواري بومدين الذي سمع بتفجير المحطة والأروقة وعندها أعجب بي كثيرا وأطلق علي اسم "بزويشة" التي اشتهرت بها لحد الآن، وكنا في هذه الفترة تحت قيادة الهواري بومدين في منطقة غارديما لتأتي بعدها معركة "ملاق"، في سنة 1958 عندما كنا نحاول اجتياز خطي شال وموريس، أين اكتشف أمرنا ودخلنا في اشتباك مسلح مع جيش العدو دام حوالي أربعة ساعات واستشهد فيها عدد من الزملاء، واستطعنا القضاء على عدد كبير منهم وإحراق دبابتان، كما تابعت فرنسا بعدها حملة تمشيط واسعة من خلال الجنود المشاة وكذلك الطائرات الاستكشافية التي تقصف دائما بقنابل النابالم الممنوعة.مجزرة ساقية سيدي يوسف المتسبب بها هو "فلاق" تونسيأما أحداث ساقية سيدي يوسف المشهورة سنة 1959 والتي أثرت على المجاهد كثيرا عندما سرد علينا قصتها االتي أثرت فيه كثيرا فقال عنها بأن سببها هو "فلاق" تونسي كما قال أفشى إلى القوات الفرنسية بوجود المجداهدين الجزائريين في تلك المنطقة وعليها قامت الجيش بالهجوم فجأة على المواطنين والمجاهدين دون شفقة أو رحمة بواسطة القصف بالطائرات وكذلك القذائف من الدبابات، حيث اختلطت دماء الجزائريين والتونسيين في هذه المجزرة الرهيبة المسجلة في حق الإنسانية كما قال محدثنا، أما آخر معكرة للمجاهد كما يذكر كانت مشاركته سنة 1961 عندم اسمع الراحل بومدين دخول القوات الفرنسية على المياه التونسية، عندها أخذنا بومدين في الشاحنات عن طريف باب البحر وبنزرت وصولا إلى الميناء أين ألحقنا بالعدو خسائر كبير وهو في عرض البحر ودامت مدتها شهر تقريبا ونحن لهم بالمرصاد كما قال إلى أن تراجعوا ثم عدنا بعدها إلى مقر القيادة بمنطقة غارديما إلى حين استقلال الجزائر فكانت زيارة الزعماء كريم بقاسم، أحمد بن بلة، رابح بيطاط، بوضياف والرئيس الحالي الجاهد عبد العزيز بوتفليقة وقاموا بتهنئة الراحل بومدين على ما قام به وكانت لي العديد من العاملاتمعهمخاصة أحمد بن بلة الذي أوصلته إلى بيت عمه في تونس.




©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©