عنوان الموضوع : "شيخ المؤرخين الجزائريين" الدكتور أبو القاسم سعد الله - شخضيات
كاتب الموضوع : hamida
مقدم من طرف منتديات ايمازيغن

يعد سعد الله الملقب بـ"شيخ المؤرخين الجزائريين، أحد أعمدة العلم والتاريخ في الجزائر، ولد ببلدة "قمار" في ولاية الودي، ودرس بجامع "الزيتونة" في تونس من سنة 1947 حتى 1954 واحتل المرتبة الثانية في دفعته. وبدأ يكتب في صحيفة "البصائر"، وهي لسان حال "جمعية العلماء المسلمين الجزائريين" سنة 1954، وكان يطلق عليه "الناقد الصغير". كما درس بكلية الآداب والعلوم الإنسانية في القاهرة، وحاز على شهادة "الماجستير" في التاريخ والعلوم السياسية سنة 1962، ثم انتقل إلى الولايات المتحدة سنة 1962، حيث درس في جامعة "منيسوتا" التي حصل منها على شهادة الدكتوراه في التاريخ الحديث والمعاصر باللغة الإنجليزية سنة 1965. ويصعب كثيرا الحديث عن هذا الرجل، فهو باحث ومؤرخ أنجز كتابا نفيسا يمتد على مدار تسع مجلدات يسمى "تاريخ الجزائر الثقافي"، وحفظ القرآن الكريم وتلقى مبادئ العلوم من لغة وفقه ودين، وهو من رجال الفكر البارزين ومن أعلام الإصلاح الاجتماعي والديني، وله سجل علمي حافل بالإنجازات من وظائف، ومؤلفات، وترجمات. وإلى جانب العربية، يتقن الراحل اللغة الفرنسية والإنجليزية كما درس الفارسية والألمانية، ومن أشهر مؤلفاته: "موسوعة تاريخ الجزائر الثقافي" و"أبحاث وآراء في تاريخ الجزائر" في 5 أجزاء، و"محاضرات في تاريخ الجزائر الحديث.. بداية الاحتلال"، بالإضافة إلى "بحوث في التاريخ العربي الإسلامي" و"تاريخ الحركة الوطنية" وغيرها من الإصدارات. وكان سعد الله يقول دوما "جيل الثورة قام بواجبه المقدس وهو تحرير الوطن وقد استشهد منه من استشهد على قناعة وإيمان وكان مسلحا بعقيدة الحرية للوطن والنضال من أجله إلى الموت. ولكن من بقي من ذلك الجيل على قيد الحياة لم يواصل كله مسيرة النضال عجزا أو خورا، وقد بدل وغير وجذبته الحياة بمغرياتها وانخدع لبعض الشعارات واستسلم لبعض الضغوط وتخلى بعضهم صراحة عن المبادئ التي كان يكافح من أجلها، والانحرافات التي كان ضدها، وقد غلبت على هؤلاء الأنانية والجهل بحقائق الأشياء وسلموا الراية لمن لا يستحقها ولا يعرف قدرها". وقال أيضا في أحد حواراته "للمؤرخ الحق مواصفات تكاد تكون عالمية فإذا لم يلتزم بها يضر الحقيقة شيئا فمنذ هيرودوت إلى الطبري إلى ابن خلدون إلى توينبي والمؤرخون منقسمون بين اختيار الموضوعية والالتزام بالحقيقة والبحث عنها في الوثائق والملابسات وتفسير الأحداث ونفسيات صناعها بما آتاه الله من عقل وحكمة وتجرد وضمير وبين اختيار المنفعة الشخصية حيث يكتب لينال حظوة من حاكم في وقته أو ترسيخ فكرة اقتنع بها ولا يحيد عنها مهما ظهر له من الحق أو الأخذ بالثأر من خصم له عن طريق تلبيس الحقائق ثوبا غير ثوبها وهذا التناول للتاريخ لا يمنع أن يكون المؤرخ ابن بيئته وعصره أيضا فهو لا يكتب دائما عن الماضي السحيق الذي لا تجمعه به جامعة في الزمان ولا في المكان".
من ناحية أخرى، لم يعرف عن الدكتور سعد الله جريا وراء المناصب، حيث ظل زاهدا مبتعدا عن الأضواء، حتى أنه نادرا جدا ما يجري حوارا أو لقاء مع وسائل الإعلام، وقدم للجزائريين تاريخهم في موسوعة عملاقة بعدما كان هذا التاريخ يأتي مشوها أو منقوصا من مصادر أجنبية، وخصوصا الفرنسية منها. ويقول في أحد حواراته أيضا "بعضهم صنفني من مؤرخي السلطة ربما على أساس أنني أكتب عن قضية الشعب الجزائري ولعل هؤلاء يريدون مني أن ألعن السلطة لكي أكون مؤرخا حقيقيا وهناك من صنفني مؤرخا ضد السلطة لأنني لا أمتدحها ولا أشيد بمواقف رجالها بل أنتقدها ضمنيا تارة وصراحة تارة أخرى والواقع أني مؤرخ مخضرم عشت في عهد الاستعمار الفرنسي وهو عهد عاشه الشعب الجزائري كله عهد تميز بالتجهيل والتفقير والقمع وكنا نطمع أثناء الثورة إلى أن مصيرنا سيتميز بالحرية والعلم والثورة.. أعرف أن هناك من ظل يمدح الاستعمار ويعتبر وجوده مكسبا وثقافته غنيمة والعلاقات معه تسامحا وانفتاحا وعالمية إنسانية وهؤلاء يقيسون ولاءهم للسلطة الجزائرية بميزان اقترابها وابتعادها عن القطب وهو دولة الاستعمار السابق".




©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©