عنوان الموضوع : الاحتلال الأجنبي للجزائر - الجزائر
كاتب الموضوع : chahinez
مقدم من طرف منتديات ايمازيغن

الاحتلال الأجنبي للجزائر خلال العصور القديمة




كانت افريقيا عامة و الجزائر خاصة محل أطماع عدة قوى إقليمية سعت إلى الحصول على أراضيها بالأسلحة سيما تلك التي تطل على البحر الأبيض المتوسط. و تعرضت المنطقة والجزائر على وجه الخصوص طوال 15 قرنا من تاريخها القديم إلى عدة عمليات احتلال متتابعة (الاحتلال الفينيقي و الروماني و الوندالي و البيزنطي) أثرت كثيرا في نمطت عيش السكان الأصليين و معتقداتهم.

و يعتبر المؤرخون أن الفينيقيين المعروفين بنجاحهم في مجال التجارة البحرية هم أول من وطئت أقدامهم أراضي شمال إفريقيا. وجاء الفينيقيون من لبنان حاليا و بذلوا قصار جهدهم في توسيع شبكتهم التجارية في حوض المتوسط و حالوا إقامة علاقات مع الأمازيغ ابتداء من سنة 1250 قبل الميلاد.

و أقام الفينيقيون بموافقة السكان المحليين عدة موانئ تجارية بعنابة و سكيكدة و القل و جيجل و بجاية و دلس و الجزائر و تيبازة و شرشال و تنس و الغزوات بحيث لعبت هذه الموانئ دورا جوهريا في ازدهار التجارة في منطقة المتوسط و في تطور الثقافات المحلية.
علاوة على ذلك، ساهم الفينيقيون في وضع سياق إقليمي قائم على التعايش السلمي مما جعل السكان الأصليين يخوضون تجربة التجارة و الملاحة و البحرية.
و مع مرور الوقت، استقر الفينيقيون بالمنطقة و أقاموا مدينة قرطاج ( في 814 قبل الميلاد) التي فرضت نفسها و خاضت حروبا شرسة مع القبائل الأمازيغية و النوميدية و روما.
و سقطت قرطاج بعد تضافر جهود الروم و النوميديين في سنة 146 قبل الميلاد. لكن لغة الفينيقيين و معتقداتهم و هندستهم أثروا في السكان المحليين. و حاربت روما قرطاج بمساعدة نوميديا التي كانت تراقبها عن كثب من الجانب السياسي. و بعد وفاة الملك ماسينيسا ( 148 قبل الميلاد) الذي وحد المملكتين النوميديتين، أصبحت الأبواب مفتوحة على مصرعيها أمام الاستعمار الروماني.

و بدأ تاريخ شمال إفريقيا الرومانية بسقوط قرطاج و انتهى في سنة 698 م عندما استولى حسن ابن النعمان على نفس المدينة و ضمها إلى الإمبراطورية الأموية التي دامت ثمانية قرون و نصف.
و بعد سكوتها عن استقلال نوميديا التي وحدها ماسينيسا، حاربت روما يوغرطة طوال سبع سنوات و فرضت تقسيم المملكة على الشكل الذي كانت عليه قبل توحيدها: الجهة الشرقية منحت لأمير موريتانيا (المغرب حاليا) نظير المساعدة التي قدمها للروم في إلقاء القبض على يوغرطة و الجهة الشرقية بقيت تحت حكم الملوك النوميديين.
و تحولت المنطقة بعدها إلى ساحة حرب بين التيارات السياسية الأساسية بروما و هنا اشتد الصراع بين بومبيوس هوه و الأمبراطور غيوس يوليوس قيصر نتيجة الحرب الأهلية الرومانية التي اشتعلت بسبب السباق نحو الحكم.
و نجح الأمبراطور غيوس يوليوس قيصر بمساعدة ملك موريطانيا بوخوس الثاني في سحق قوات بومبيوس و الملك النوميدي الأول جوبا بتابسوس (الساحل الشرقي لتونس) في شهر أفريل من سنة 46 قبل الميلاد. و ألغى الأمبراطور غيوس يوليوس قيصر التقسيم القديم لنوميديا لتصبح نوميديا مدينة رومانية.

و هكذا بدأت الروم يتوسعون في شمال إفريقيا و أعيد بناء قرطاج مع تحويل سيرتا (قسنطينة) و روسيكاد (سكيكدة) و شولو (القل) و ميلف (ميلة) و كويكول (جميلة) و تاموقادي (تيمقاد) إلى مستعمرات رومانية .
و قامت عدة ثورات بسبب هذا التوسع و أشهرها صورة تاكفاريناس الذي حارب الروم و حلفائهم طوال ثماني سنوات علما أن روما جعلت من الجزائر مخزنا للحبوب نظرا لازدهار الفلاحة منذ عهد ماسينيسا لاسيما القمح.
و على صعيد آخر، برز الأمازيغ في عدة مجالات على غرار أوغوستان تاغاست المعروف بأنه أحد أعمدة الكنيسة الكاثوليكية و تيرونس أول كاتب لاتيني كبير من شمال إفريقيا و المؤرخ المعروف سويتون و المحامي فروتون و الكاتب اللاتيني المشهور لوكيوس أبوليوس...
و مع بداية القرن الخامس، بدأ الضعف و التراجع يطبع الإمبراطورية الرومانية لاسيما بعد الضربة الموجهة التي تلقتها من الوندال. و في سنة 429، غادر 80000 وندالي منهم 20150 محاربا إيبيريا (إسبانيا) بقيادة الملك جنسريق متوجهين إلى موريتانيا (المغرب حاليا) عن طريق البحر. و في 430، استقروا في الغرب الجزائري.

و عبر الوندال خلال نفس السنة الساحل الجزائري من الشرق إلى الغرب برا و هاجموا مختلف القلاع التي وجدوها في طريقهم. و مع حلول فصل الصيف، استقر الوندال بهيبون (عنابة حاليا) حيث قتل الأسقف سانت أوغوستان تاغاس و أصبحت المدينة عاصمة الملك جنسريق. و بعد مرور خمس سنوات، تحصل الوندال على عدة أراضي تنازلت عنها روما لاسيما نوميديا.
و ظفر جنسريق بسالداي (بجاية) و جعلها عاصمة له ثم انطلق بحثا عن أراضي جديدة في حوض المتوسط (صقلية و سردينيا و كورسيكا و جزر البَلِيَار).
و عند وفاة الملك جنسريق في 477، عاش الوندال في التخلف و الضعف و فقد خلفاؤه السيطرة على الأراضي لانشغالهم بالثورات في نوميديا. و في 530، انهزموا أمام القبائل البربرية و أمام البيزنطيين بقرطاج في 533.
و بدأت الفتوحات البيزنطية في شمال إفريقيا مع سقوط الوندال و كان الهدف منها استرجاع المستعمرات الرومانية القديمة. و هكذا تمكن الإمبراطور جوستينيان (527-565) من استعادة قرطاج و نوميديا.

من جهته، نجح أشهر جنرال في جيش جوستينيان " بيليساريوس" من الاستيلاء على قرطاج و هيبون (عنابة) في ديسمبر سنة 553 إضافة إلى مدن أخرى من الساحل الجزائري خلال نفس السنة.
و تسبب استرجاع المستعمرات الرومانية القديمة في عدة ثورات بربرية لأن البربر لم يقبلوا بوجود البيزنطيين و هزموهم بالفعل سنة 544 خلال معركة بتسفست (تبسة) حيث لقي الحاكم البيزنطي لإفريقيا سولومون مصرعه.
و ظل البيزنطيون يراقبون بعض المدن الساحلية (لاسيما شرشال) تاركين باقي الأراضي للسكان الأصليين. و بعد وجود بيزنطي دام أكثر من قرن، جاءت الفتوحات الإسلامية بليبيا في 642 لإضعاف الإمبراطورية البيزنطية التي سقطت في 698 على يد قوات حسن ابن النعمان الذي استولى على قرطاج.
http://www.djazair50.dz




©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©