عنوان الموضوع : العادة زوم تحضير بكالوريا
كاتب الموضوع : hamida
مقدم من طرف منتديات ايمازيغن

من المسلم به أن الإنسان تصدر عنه سلوكات بعضها يولد بها و يطلق عليها بالغريزة وبعضها يكتسبها و يطلق عليها بالعادة وهي كل ما نكتسبه عن طريق التعلم ونقوم بتكراره بطريقة آلية انطلاقا من هذا اختلف الباحثون حول آثار العادة على السلوك فهناك من رأى أنها أداة تكيف وظاهرة ايجابية وهناك من رأى أنها أداة انحراف و إعاقة للسلوك و الإشكالية المطروحة هل السلوك التعودي آثاره على السلوك إيجابي أم سلبي؟.
إن أول ما نقوم به هو عرض الموقف الأول و الذي تمثله النظرة الإيجابية و التي ذهب إليها الفيلسوف الفرنسي رافيسون، وتنطلق هذه النظرة من المسلمات التالية : وهي أن العادة مصدر لفاعلية السلوك وحيويته وهي أداة تكيف و أداة حياة وتعبير عن السلوك الناجح وهي ظاهرة إيجابية.
ولقد اعتمدت هذه النظرية في تأكيد موقفها على عدة حجج فأما الحجة الأولى فتتمثل في أن العادة تساعدنا على الاقتصاد في الوقت فالشخص المتعود على الكتابة بالآلة الراقنة أو الحاسوب الآلي ينجز عمله في أقصر وقت ممكن بخلاف الشخص الذي لم يتعود و أما الحجة الثانية فالعادة تساعدنا على إتقان الأعمال و جودتها فالنجار المتعود على عمله يقوم بصنع أثاث منزلية غاية في الروعة كما نجدها متقنة و أما الحجة الثالثة فالعادة تساعد على الاقتصاد في الجهد حيث لا يتعب الشخص المتعود و لا يبذل جهدا كبيرا كالسائق المحترف يمكنه قيادة السيارة وتجاذب أطراف الحديث مع الركاب دون أن يجد عناء في ذلك و أما الحجة الرابعة فالعادة تحقق الانسجام و التفاهم و التوافق فاللاعبين الذين تعودوا على اللعب مع بعضهم سنوات عديدة يكونون أكثر تفاهمنا لبعضهم و أكثر توافقا بخلاف الدين لم يتعودوا يقول رافيسون : " لولا العادة لكنا نقضي حياتنا في أمور تافهة" إذا العادة أداة تكيف.
النقد :ولكن ما توصلت إليه هذه النظرية لم يقنع البعض باعتبار أن العادات لا تتصف بالإيجابية دائما فكثيرة هي العادات غير الصالحة التي أضرت بالفرد و أضرت بالمجتمع من بينها التعود على المخدرات و التعود على الاختلاس و الرشوة و المتجارة بالجنس و هذا ما يدل على أن العادات ليست إيجابية دائما.
م2: إن هذه المآخذ تجعلنا نقوم بعرض الموقف الثاني و الذي تمثله النظرة السلبية بزعامة جون جاك روسو تقوم هذه النظرة على المسلمات التالية و هي أن العادة أداة إعاقة و انحراف و هي مصدر لعشوائية و اضطرابه و هي عنوان للسلوك الفاشل و هي أداة موت بالتالي فهي ظاهرة سلبية.
و اعتمدت هذه النظرية في تأكيد موقفها على حجج واقعية و لنبدأ بالحجة الأولى من حيث أن العادة تؤدي إلى جمود الفكر وتمنع من الإبداع و التجيد و أما الحجة الثانية فالعادة تؤدي إلى قتل الأحاسيس و المشاعر كذلك الذي يتعود على القتل فإنه يفقد مشاعر التأثر و الرحمة و يصير قلبه قاصيا يقول روسو : " إن العادة تقصي القلب" و أما الحجة الثالثة فالعادة تجعل الانسان عبدا لها كالمدمن على المخدرات و أما الحجة الرابعة فالعادة تؤدي إلى صعوبة التكيف مع الموقف الجديدة فالشخص الذي يتعود على النوم وسط الهدوء يجد صعوبة في النوم وسط الضجيج و أما الحجة الخامسة فالعادة تؤدي إلى معارضة الأفكار الجديدة مثلما حدث لغاليلي حيث لقي معارضة من طرف الكنيسة حين جاء بفكرة أن الأرض كروية الشكل و أما الحجة السادسة فالعادة تجعل الإنسان يتمسك ببعض العادات التي لم تعد صالحة كعادة منع الفتيات من الدراسة في سن معينة خاصة في الأرياف يقول روسو : " خيرا عادات الإنسان أن لا يتعود شيئا".
النقد:ولكن هذه النظرية لم تقنع البعض ووجهة لها عدت انتقادات باعتبار أن العادات لا تتصف بالسلبية دائما فكثيرة هي تلك العادات الصالحة التي نفعت الفرد و نفعت المجتمع من بينها التعود على التكافل الاجتماعي و الكرم و احترام الآخرين و القيام بمختلف الواجبات الدينية فكلها عادات إيجابية.
بعد عرض الموقفين يتبين لنا أن كلايهما أهمل جانبا مهما فالنظرة الأولى أهملت ما تلعبه العادة من دور سلبي و النظرة الثانية أهملت ما تلعبه العادة من ور إيجابي في حين النظرة الواقعية هي التي ترى أن العادة لا تؤثر إيجابا فقط على السلوك كما لا تؤثر عليه سلبا فقط. يقول شوفالي : " إن العادة هي أداة الحياة أو الموت حسب استخدام الفكرلها".
نستنتج في الأخير أن العادة تؤثر إيجابا أحيانا كما تؤثر سلبا على السلوك أحيانا أخرى و عليه يمكن التغلب على الآثار السلبية للعادة بواسطة الإرادة.



©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©