عنوان الموضوع : خير عادة ألا يكون لنا عادة..مناقشة و تحليل تحضير بكالوريا
كاتب الموضوع : chichaki
مقدم من طرف منتديات ايمازيغن












الموضوع : “خير عادة أن لا يكون للمرء عادة”.


1-إشرح هذا القول مبيَناً إشكاليته.

2- ناقش هذا الموقف لروسو على ضوء مواقف أخرى بحثت في قيمة
العادة وأثرها في السلوك .

3- برأيك هل أن العادة هي غاية أم مجرد وسيلة ؟ علّل إجابتك.








......الاجابة المقترحة......


المقدمة:

بيان اهتمام القول بدراسة مسألة قيمة العادة وأثرها في السلوك. والإنطلاق من اختلاف الفلاسفة في وصف هذا التأثير فمنهم من يرى أن للعادة تأثير سلبي في السلوك حتى قيل “خير عادة أن لا يكون للمرء عادة”، و منهم من رأى عكس ذلك و أكد التأثير االإيجابي لها لدرجة قيل معها “لولا العادة لكنا نقضي اليوم كاملا للقيام بأعمال تافهة” . بالتالي أي عادة يكون تأثيرها سلبي و أيها يكون تأثيرها إيجابي؟


الإشكالية :

هل تشكل العادة استبدادا بالسلوك وإضراراً بالجسد وبالعواطف ؟ وهل هي تسبب الركود الفكري و تقضي على المبادرات الفردية و تستبد بالإرادة فيصير الفرد عبدا لها ؟ أم أنها عتبة ضرورية و سلوك جديد يفسح المجال أمام الإبداع


الشرح :

حذر رجال الأخلاق مرارا من استبداد العادة بالسلوك و طغيانها لأن ذلك يؤدي إلى أخطار جسمية نذكر منها:
إنها تسبب الركود و تقضي على المبادرات الفردية و تستبد بالإرادة فيصير الفرد عبدا لها و خير مثال ما نراه عند بعض الناس من قناعات تعودوا عليها إذ من الصعب إقناعهم بغير ذلك. و هذا الركود يمس السلوك كما يمس الفكر.
إنها تضعف الشعور و تقوي العفوية على حساب فاعلية الفكر فالجلاد الذي يتعود الجلد لا يأبه لتأوهات المجلود و الطبيب الجراح لا يثيره منظر الدماء لقد قال روسو في ذلك “إن المعاينة المستدامة لمشهد البؤس تقسي القلوب”.
و قال الشاعر الفرنسي سولي برودم “إن جميع الذين تستولي عليهم قوة العادة يصبحون بوجوههم بشرا و بحركاتهم آلات”
العادة تقتل الروح النقدية: إن العادة تقف في وجه المعرفة كعقبة ابستمولوجية، إن التاريخ يذكر أن العديد من العلماء قد اضطهدوا لأنهم جاءوا بأفكار مخالفة لما تعوده الناس في أيامهم . غاليلي حوكم و هدد بالموت إن لم يتراجع عن فكرته من أن الأرض تدور.
للعادة خطر في المجال الاجتماعي: ذلك أنها تمنع كل تحرر من الأفكار و العادات البالية إنها تقف ضد كل تقدم اجتماعي و ما صراع الأجيال سوى مظهر لتأثير العادة في النفوس و العقول…إلخ.
إن هذه المساوئ حملت روسو على القول كما رأينا “خير عادة أن لا يكون للمرء عادة”.



المناقشة :

إن هذه السلبيات لا تعني إبطال العادة أو القضاء على قيمتها فالعادة التي وصفت بهذه السلبية هي العادات التي لا تقع تحت طائلة العقل و الفكر و الإرادة لأن هنالك عادات أثرها محمود في السلوك و من ذلك مثلا:
و مما سبق نستنتج أن العادة ليست مجرد سلوك تقتصر على تكرار حركات روتينية رتيبة داعا لأن العادة تقدم لنا ما لم تقدمه الطبيعة فهي تنوب مناب السلوك الغريزي و تجعل المرء أكثر استعدادا لمواجهة المواقف الجديدة و لذا قيل “لو لا العادة لكذا نقضي اليوم كاملا في القيام بأعمال تافهة”. 1/ أن العادة تحرر الانتباه و الفكر و تجعله مهيئا لتعلم أشياء جديدة و بذا تكون العادة دافعا للتطور. 2/ العادة توفر الوقت و الجهد فلولا العادة لكنا نبذل جهودا مضنية في اكتساب بعض السلوكات و تبقى تلك الجهود مستمرة كلما قمنا بنفس السلوك إن العامل في مصنعه و الحرفي في مهنته ينجز أعماله في أقل وقت ممكن و بأدنى جهد. 3/ العادة تؤدي إلى الدقة و الإتقان في العمل و نتبين ذلك بشكل جلي عند الفنان العازف أو في الصناعات التقليدية.


الرأي :

يجب التمييز بين نوعين من العادات عادات منفعلة و عادات فعالة .
إن العادة المنفعلة التي تسيطر على الفرد هي تلك التي لا تخضع لسلطان العقل بقواه الفاحصة و بالتالي تكون نتيجتها سلبية .
أما العادات الفعالة التي نعمل جاهدين لاكتسابها فهي تلك التي تخضع للمراقبة العقلية فتتحكم فيها الذاكرة و الإرادة و تنطلق مصحوبة بالتمييز و بدلا من ميلها نحو الثبات أو التكرار الآلي تميل إلى إنتاج بعض الأفعال بصورة سهلة .
إن العادة الفاعلة تمنح الجسم الرشاقة و السيولة.وهذا النمط من العادات يشكل الوسيلة الفضلى التي تفتح أمام الفرد مسالك الإبداع.
بالتالي فإن العادة ليست غاية في ذاتها بل هي تطلب أو ترفض بمقدار ما تنعكس على حياة الشخص إيجاباً أو سلباً.
لقد قال شوفاليي “إن العادة هي أداة الحياة أو الموت حسب استخدام الفكر لها”.
إذاً المسألة ليست مسألة عادة بقدر ما هي مسألة الشخص الذي يتبنى هذه العادة أو تلك.

----------------------
** د. سمير زيدان- فلسفة: كلية التربية. لبنان










©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©