عنوان الموضوع : 2 - الأدلة في حكم تارك الصلاة كلياً . وتحد لأدعياء السلفية . تشريع اسلامي
كاتب الموضوع : admin
مقدم من طرف منتديات ايمازيغن

2_ حكم تارك الصلاة كلياً .

بسم الله الرحمن الرحيم

- أقول: الراجح في تارك الصلاة كلياً أنه كافر بيقين كفراً أكبر، وذلك كله مع الإقرار بوجوبها، هذا ما نصت عليه أدلة الكتاب والسنة، وأقوال السلف من الصحابة والتابعين وغيرهم من أئمة الهدى والدين، وإليك بيان ذلك :
أما أدلة الكتاب، فقد قال تعالى: ] فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين ونفصل الآيات لقومٍ يعلمون[ التوبة: 11.
مفهوم المخالفة يقتضي أنهم إذا لم يتوبوا من الشرك، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة ليسوا إخواننا في الدين، ولا تنتفي أخوة الدين مطلقاً إلا عن الكافرين. ولكن لما جاءت نصوص أخرى تصرف الكفر عن تارك الزكاة، كقوله r في الحديث الذي يرويه مسلم وغيره:- ما من صاحب كنز لا يؤدي حقه، إلا جعله الله يوم القيامة يُحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جبهته وجنبه وظهره، حتى يقضي الله تعالى بين عباده في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة مما تعدون، ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار- .
قلت: فكونه يترك للمشيئة إما إلى الجنة وإما إلى النار، فهذا من شأن من يموت على التوحيد وليس على الكفر؛ لأن الكافر ليس له يوم القيامة إلا النار.
ومن صوارف الكفر عن تارك الزكاة، قول عبد الله بن شقيق العقيلي t عن الصحابة رضوان الله تعالى عنهم: كان أصحاب محمدr ، لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر غير الصلاة. فدل أنهم كانوا لا يرون ترك الزكاة ـ وهي عمل ـ كفراً يُخرج من الملة، وهذا يدل على بطلان من زعم إجماع الصحابة على كفر تارك الزكاة!!
قال ابن عباس كما في التمهيد لابن عبد البر (4/234): تجده كثير المال ولا يزكي، فلا يقال لذلك:كافر، ولا يحل دمه.انتهى.
والشاهد مما تقدم أنه لما وجدت القرينة الشرعية التي تصرف الكفر عن تارك الزكاة دون تارك الصلاة، تعين القول بكفر تارك الصلاة دون تارك الزكاة .
ومن الأدلة كذلك على كفر تارك الصلاة، قوله تعالى:] يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون . خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون[القلم:42-43. وهذا وعيد بحق الكافرين والمنافقين الذين كانوا يدعون في الحياة الدنيا إلى السجود لله تعالى والصلاة فيأبون ويعرضون، وكل من كان في الحياة الدنيا تاركاً للصلاة فهو معني بهذا الوعيد الوارد في هذه الآية، وصفة الكفر والنفاق تطاله وتشمله .
قال ابن كثير في التفسير(4/435): ولما دُعوا إلى السجود في الدنيا فامتنعوا منه مع صحتهم وسلامتهم كذلك عوقبوا بعدم قدرتهم عليه في الآخرة إذا تجلى الرب U فيسجدله المؤمنـون،ولايستطيع أحد من الكافرين والمنافقين أن يسجد بل يعود ظهر أحدهم طبقاً واحداً، كلما أراد أحدهم أن يسجد خرَّ لقفاه عكس السجود كما كانوا في الدنيا بخلاف ما عليه المؤمنون . انتهى . وقال البغوي في التفسير: قوله U:] يدعون إلى السجود فلا يستطيعون[، يعني الكفار والمنافقون، تصير أصلابهم كصياصي البقر فلا يستطيعون السجود . انتهى .
وفي الحديث الذي يرويه مسلم وغيره، وفيه: - أن الله تعالى يلقي في نار جهنم جميع الكفار من عبدة الأصنام وكفار أهل الكتاب وغيرهم، حتى إذا لم يبقى إلا من كان يعبد الله من بَر وفاجر أتاهم رب العالمين في أدنى صورة من التي رأوه فيها، قال: فماذا تنتظرون، لتتبع كل أمة ما كانت تعبد، قالوا: يا ربنا فارقنا الناس في الدنيا أفقر ما كنا إليهم ولم نصاحبهم، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: نعوذ بالله منك لا نشرك بالله شيئاً مرتين أو ثلاثاً، حتى إن بعضهم ليكاد أن ينقلب، فيقول: هل بينكم وبينه آية تعرفونه بها، فيقولون: نعم، فيكشف عن ساقٍ فلا يبقى من كان يسجد لله من تلقاء نفسه إلا أذن الله له بالسجود، ولا يبقى من كان يسجد نفاقاً ورياء إلا جعل الله ظهره طبقة واحدة، كلما أراد أن يسجد خرَّ على قفاه - .
والسؤال: إذا كان هذا حال من كان يسجد لله من تلقاء نفسه ومن يسجد نفاقاً، فما هو حال الذي لم يسجد لله قط، وأين مكانه ؟
فالحديث يدل على أنه ألقي في نار جهنم مع الكافرين، حيث لم يبق من العباد لمعاينة ذلك المشهد العظيم إلا من كان يسجد لله تعالى طوعاً من تلقاء نفسه، أو من يسجد نفاقاً، ولم يشاركهما صنف آخر من العباد، كما أن تارك الصلاة والسجود لم يعد ممن يعبد الله من بَر أو فاجر، فلزم أن يكون من الكافرين، ومع الكافرين في جهنم وبئس المصير .. فتأمل ذلك .
وفي السنة فقد صح عن النبي r أن تارك الصلاة كافر مشرك، كما في صحيح مسلم:- بين الرجل وبين الشرك والكفر، ترك الصلاة -.وقالr:-ليس بين العبد وبين الكفر إلا ترك الصلاة- [1].
وقال r : - بين الكفر والإيمان ترك الصلاة -[2].
وقال r : - العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر - [3].
وقال r : - بين العبد وبين الكفر والإيمان الصلاة، فإذا تركها فقد أشرك - [4].
وقال r : - من ترك الصلاة فقد كفر -[5]. وقال r : - لا تترك الصلاة متعمداً، فإنه من ترك الصلاة متعمداً فقد برئت منه ذمة الله ورسوله -[6].
وعن معاذ بن جبل t قال: أوصاني رسول الله r بعشر كلمات، قال: - لا تشرك بالله شيئاً وإن قُتلت وحُرقت، ولا تعقنَّ والديك وإن أمراك أن تخرج من أهلك ومالك، ولا تتركنَّ صلاة مكتوبة متعمداً، فإن من ترك صلاة مكتوبة متعمداً فقد برئت منه ذمة الله .. -[7].
وعن عبادة بن الصامت t قال: أوصاني خليلي رسول الله r بسبع خصال، فقال: - لا تشركوا بالله شيئاً وإن قُطِّعتم أو حُرِّقتم أو صُلبتم، ولا تتركوا الصلاة متعمدين، فمن تركها متعمداً فقد خرج من الملة .. - [8].
وقال r : - آخر ما يُفقد من الدين الصلاة -. وقال r : - آخر عرى الإسلام نقضاً الصلاة- . قال الإمام أحمد : كل شيء يذهب آخره فقد ذهب جميعه، فإذا ذهبت صلاة المرء، ذهب دينه.انتهى.
ومما يدل على كفر تارك الصلاة أنه r أوجب على الأمة الخروج على الحاكم التارك للصلاة والذي لا يلزم رعيته بها، كما في الحديث الذي يرويه مسلم:- لا، ما أقاموا فيكم الصلاة، لا ما أقاموا فيكم الصلاة - ، كما أوجب الخروج على الحاكم الكافر الذي يُرى منه الكفر البواح، كما في الحديث الذي يرويه البخاري: - إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان - ، فسوى r بينهما من حيث وجوب الخروج عليهما، مما دل على أنهما يستويان في الكفر البواح..
ومن الآثار الصحيحة الثابتة عن الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ في كفر تارك الصلاة، قول عمر بن الخطاب t :- لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة -، وهذا نفي يفيد الخروج من مطلق الدين، حيث ليس لصاحبه أدنى حظٍ في الإسلام ..
وعن ابن مسعودt قال:- من ترك الصلاة فلا دين له -[9].وعن أبي الدرداء t قال: - لا إيمان لمن لا صلاة له، ولا صلاة لمن لا وضوء له -[10].
فكما أن الوضوء شرط لصحة الصلاة، وأن المرء لا ينتفع من صلاة بغير وضوء ، كذلك الصلاة فهي شرط لصحة الإيمان، يثبت الإيمان بثبوتها وينتفي بانتفائها ..
وعن علي بن أبي طالب t قال: - من لم يصل فهو كافر - [11]
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال: - من لم يصل فهو كافر -[12].
وعن حماد بن زيد، عن أيوب قال: ترك الصلاة كفر، لا يُختلف فيه .
وعن محمد بن نصر المروزي، سمعت إسحاق يقول: صح عن النبي r أن تارك الصلاة كافر، وكذلك كان رأي أهل العلممن لدن النبي r أن تارك الصلاة عمداً من غير عذر حتى يذهب وقتها كافر . انتهى .
وعن عبد الله بن شقيق العقيلي قال: كان أصحاب محمد r لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر غير الصلاة [13].
قلت : والكفر الذي يرونه هنا هو الكفر الأكبر المخرج من الملة، بدليل أنهم يرون كثيراً من الأعمال تركها كفراً أصغر لا تخرج من الملة .
قال ابن حزم : وقد جاء عن عمر، وعبد الرحمن بن عوف، ومعاذ بن جبل، وأبي هريرة، وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم أن من ترك صلاة فرض واحدة متعمداً حتى يخرج وقتها فهوكافر مرتد، ولا نعلم لهؤلاء من الصحابة مخالفاً . انتهى .
وقال الحافظ المنذري في الترغيب : قد ذهب جماعة من الصحابة ومن بعدهم إلى تكفير منترك الصلاة متعمداً لتركها، حتى يخرج جميع وقتها، منهم عمر بن الخطاب، وعبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عباس، ومعاذ بن جبل، وجابر بن عبد الله، وأبو الدرداء رضي الله عنهم . ومن غير الصحابة أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وعبد الله بن المبارك، والنخعي، والحكم بن عتبة، وأيوب السختياني، وأبو داود الطيالسي، وأبو بكر بن أبي شيبة، وزهير بن حرب، وغيرهم رحمهم الله تعالى . انتهى .
وقال ابن تيمية في الفتاوى(28/308): وأكثر السلف على أنه يُقتل كافراً، وهذا كله مع الإقرار بوجوبها . انتهى .
وقال رحمه الله (22/49): فأما من كان مصراً على تركها لا يصلي قط، ويموت على هذا الإصرار والترك، فهذا لا يكون مسلماً . انتهى .
وقال حنبل: حدثنا الحميدي قال: وأخبرت أن ناساً يقولون: من أقر بالصلاة والزكاة والصوم والحج ولم يفعل من ذلك شيئاً حتى يموت، ويصلي مستدبر القبلة حتى يموت، فهو مؤمن ما لم يكن جاحداً، إذا علم أن تركه ذلك فيه إيمان إذا كان مقراً بالفرائض واستقبال القبلة، فقلت: هذا الكفر الصراح، وخلاف كتاب الله وسنة رسوله وعلماء المسلمين . قال تعالى:] وما أُمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين[ .
وقال حنبل سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل يقول: من قال هذا فقد كفر بالله ورد على أمره وعلى الرسول ما جاء به عن الله [14].
قلت: تأمل إذا كان من يقول بهذا القول يكفر كفراً صراحاً، فكيف بمن يتصف بتلك الأوصاف، لا شك أنه أولى بالكفر البواح والصراح .
ثم أن الذي يصلي مستدبر القبلة ـ عن علم وغير جحود لها ـ هو أفضل من الذي لا يصلي مطلقاً، ومع ذلك يكفر ويخرج من الملة كما نص أهل العلم .. فتأمل .
وقال ابن القيم رحمه الله: لا يختلف المسلمون أن ترك الصلاة المفروضة عمداً من أعظم الذنوب وأكبر الكبائر، وأن إثمه عند الله أعظم من إثم قتل النفس وأخذ الأموال، ومن إثم الزنا، والسرقة وشرب الخمر، وأنه متعرض لعقوبة الله وسخطه، وخزيه في الدنيا والآخرة [15] .
قلت: ولا شيء أعظم إثماً عند الله من قتل النفس إلا الشرك، كما قال تعالى:] والفتنة أشدمن القتل[ البقرة:191.والفتنة هنا يراد بها الشرك، فدل أن إثم ترك الصلاة لا يعدو أن يكون أقل إثماً من الإشراك بالله تعالى؛ لأنه هو ذاته شرك.
وقال رحمه الله في مسألة حبوط أعمال تارك الصلاة: أما تركها بالكلية فإنه لا يقبل معه عمل، كما لا يقبل مع الشرك عمل، فإن الصلاة عمود الإسلام كما صح عن النبي r ، فقبول سائر الأعمال موقوف على قبول الصلاة، فإذا رُدت ردت عليه سائر الأعمال ..
وقال: الترك نوعان: ترك كلي لا يصليها أبداً، فهذا يحبط العمل جميعه .. [16].
قلت: ولا يحبط العمل جميعه أو يمنع سائر الأعمال من القبول إلا الشرك، كما قال تعالى:]لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين[ الزمر:65. وقال تعالى:] ولو أشركوا لحبطعنهم ما كانوا يعملون[ الأنعام:88.
فدل أن ترك الصلاة شرك، وأن تاركها مشرك الشرك الأكبر الذي لا ينفع معه عمل ولا اعتقاد ، والله تعالى أعلم .
وقال الشوكاني رحمه الله: فالتارك للصلاة من الرعايا كافر، وفي حكمه من فعلها وهو لا يحسن من أذكارها وأركانها ما لا تتم إلا به، مع إمكانه ووجود من يعرفه بهذه الصلاة .
وقال: من كان تاركاً لأركان الإسلام وجميع فرائضـه، ورافضاً لما يجب عليه من ذلك من الأقوال والأفعال، ولم يكن لديه إلا مجرد التكلم بالشهادتين فلا شك ولا ريب أن هذا كافر شديدالكفر حلال الدم [17] .انتهى.
وبعد، فهذه هي أدلتنا التي ألزمتنا بترجيح القول بكفر تارك الصلاة، ولما رأينا أدلة المخالفين ـ سنأتي على ذكرها ومناقشتها ـ لا يمكن أن تقوم كدليل يصرف كفر تارك الصلاة كلياً إلى الكفر العملي الأصغر، كان لا بد من القول بكفر تارك الصلاة كفراً أكبر مخرجاً عن الملة .
ولحسم القضية مع القوم من المخالفين، فإننا نقول : نحن ـ كما تقدم ـ في قولنا بكفر تارك الصلاة، قد وقفنا مع أدلة الكتاب والسنة، وجمهور الصحابة الذين لم يُعرف لهم مخالف، ومع أكثر السلف من بعدهم كما يقول ابن تيمية وغيره، فأي الفريقين أحق بالحق والأمن والسلامة، وباتباع منهج السلف الصالح، من كان واقفاً في قوله مع الدليل، والصحابة، وأكثر السلف، أم من كان واقفاً في صف الخلف، ومن هم دون الصحابة مكانة وعلماً ؟!!
7/4/1418 هـ. عبد المنعم مصطفى حليمة
11/8/1997 م . أبو بصير


[1] - رواه النسائي، صحيح الترغيب:563.

[2] - رواه الترمذي، صحيح الترغيب:563.

[3] - رواه أحمد وغيره، صحيح الترغيب:564.

[4] - رواه هبة الله الطبري، صحيح الترغيب:565.

[5] - رواه ابن أبي شيبة، صحيح الترغيب:574.

[6] - رواه أحمد وغيره، صحيح الترغيب:572.

[7] -رواه أحمد وغيره، صحيح الترغيب:569.

[8] - قال الحافظ المنذري في الترغيب: رواه الطبراني، ومحمد بن نصر في كتاب الصلاة بإسنادين لا بأس بهما.



[9] - صحيح الترغيب:573.

[10] - صحيح الترغيب:574.

[11] -قال المنذري في الترغيب: رواه ابن أبي شيبة في كتاب الإيمان، والبخاري في تاريخه موقوفاً.


[12] - قال المنذري في الترغيب: رواه ابن عبد البر موقوفاً .

[13] - رواه الترمذي وغيره، صحيح الترغيب:564.

[14]- عن الفتاوى لابن تيمية:7/209.

[15]- كتاب الصلاة، ص 16،ط المكتب الإسلامي.

[16]- الصلاة،ص64_65.

[17]- مجموعة الرسائل السلفية.


©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©