عنوان الموضوع : سياحة علمية ثقافة عامة
كاتب الموضوع : madiha
مقدم من طرف منتديات ايمازيغن

سياحة علمية

جهاز تحليل في حجم الظفر




يعتبر إنتاج معمل كيميائي متكامل يمكن حمله يدويًّا حلمًا لمعظم الباحثين، بل وغيرهم من العاملين في مجال الصناعة، حيث إن وجود الأجهزة المعملية العملاقة التي لا توجد إلا في المعامل الكبيرة متاحة في أي مكان، وبسهولة سيمكنهم من إجراء معظم الاختبارات الكيميائية المختلفة دون الحاجة إلى إرسال العينات لتلك المعامل والانتظار لمعرفة النتائج، وفي محاولة جادة لتحقيق هذا الحلم تمكن الباحثون في قسم الطاقة بمعامل سانديا القومية بالولايات المتحدة Sandia National Laboratories من ابتكار جهاز صغير جدًّا لأخذ العينات الكيميائية وتحليلها وإظهار النتائج في أقل من ثانية مع الأخذ في الاعتبار عامل التكلفة، ويُعَدُّ هذا الجهاز نسخة مطورة ومصغرة جدًّا لجهاز التكثيف التقليدي الذي يستخدم في أخذ العينات من الغازات المختلفة لتحليلها.

ولكون هذا الجهاز تجربة يمكن تعميمها على باقي أنظمة التحليل المختلفة ليتم تصغيرها، فقد لاقى هذا الجهاز اهتمامًا ملحوظًا؛ حيث ظل العمل متصلاً لإنتاجه لمدة ثلاث سنوات؛ ليكون في أكثر الصور مثالية، فهو صغير الحجم جدًّا لا يتعدى حجمه حجم ظفر الإصبع، وتصل حجم المساحة الفعالة فيه إلى 4 مليمترات مربعة، يستهلك كمية دقيقة من الطاقة عند تشغيله وغير مكلف في إنتاجه، كما يمكنه رصد وتحليل أقل كمية ممكنة من المواد الكيميائية، مما يجعله مثاليًّا للاستخدام، سواء في الأغراض الصناعية أو الحربية، فمع تقدم الأسلحة الكيميائية يجب – وفي ثوانٍ - أن يتم التعرف على ماهية الغازات التي قد تم التعرض لها حتى يمكن التعامل معها.

يتكون جهاز المكثف التقليدي من أنبوب صغير في حجم السيجارة مصنوع من الصلب المقاوم للصدأ ينتهي بمادة مكثفة لجزيئات الغاز، ومضخة لإدخال عينة الغاز إلى الأنبوب؛ حيث يتم تكثيفه عن طريق المادة المكثفة، ثم تدخل الأنبوب في ملف حراري؛ ليتم تسخينها إلى درجة حرارة 200 سلزيوس، فيتصاعد الغاز خارج الأنبوب ليتم تحليله عن طريق نظام لكشف نوعية المواد الكيميائية، ويعتبر هذا الجهاز ضخما وبطيئا، ولا يمكن استخدامه إلا داخل المعمل وبالتالي فهو غير مناسب للاختبارات الميدانية.

أما الجهاز الجديد فقد اعتمد العلماء في تصنيعه على تكنولوجيا التصنيع المصغر microfabrication technology لدوائر الدمج التي تسمح بإنشاء 200 وحدة على رقيقة من السليكون لا تتعدى مساحتها أربع بوصات، ويتكون الجهاز من قاعدة من السليكون مغطاة بطبقة من نيتريد السليكون يصل سمكها إلى نصف ميكرون (جزء من ألف من المليمتر)، مثبت بها مسخن نموذجي من البلاتينيوم يطلق عليه microhotplate يوجد على السطح الأمامي له طبقة رقيقة من مادة مكثفة لجزيئات الغاز، ويحيط بالجهاز من جميع الجهات وسادات صغيرة من الذهب تعمل على ربط مسخن البلاتينيوم كهربيًّا ببقية الأجزاء، ويعمل الجهاز بطريقة مشابهة لقرينه الأضخم؛ حيث تعمل مضخة صغيرة على جذب الهواء الذي يحمل المادة الكيميائية إلى المادة المكثفة لجزيئات الغاز، ثم يقوم مسخن البلاتينيوم برفع درجة الحرارة إلى 200 درجة، فتعمل درجة الحرارة المرتفعة على تخليص جزيئات الغاز من المادة المكثفة؛ ليتم تحليلها عن طريق نظام لرصد المواد الكيميائية صغير جدًّا، وتتم كل تلك المراحل في طرفة عين حيث لا تأخذ تلك العملية أكثر من 6 ملي ثانية millisecond أي أسرع ألف مرة من الجهاز التقليدي، كما أنها لا تستهلك أكثر من 100 ملي واط milliwatt من الطاقة، ويرجع هذا إلى صغر حجم الجهاز؛ حيث لا يحتاج إلى الكثير من الوقت أو الطاقة للتسخين؛ لذا يعتبر هذا الجهاز نواة مثالية لصنع أنظمة تحليل مصغرة باستخدام شرائح السليكون، وهو ما تحاول معامل سانديا الوصول إليه بمشروعها المسمى chem-lap-on-a-chip أي معمل كيميائي على شريحة والذي سيصبح ثورة في الأجهزة المعملية.



©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©