عنوان الموضوع : اضحية العيد من العربية
كاتب الموضوع : salima
مقدم من طرف منتديات ايمازيغن

قصة بمناسبة عيد الأضحى المبارك
تأليف : ب/ ع
مسعد في : نوفمبر 2015م/ ذو الحجة 1431هـ
أضحية العيد
مر العيد الكبير ولم يشأ الله أن يضحي مع المضحين في العام الماضي ، ولكن الغريب أن هذا العام لم يمر كباقي الأعوام السالفة ، بل يكفيه ما لاقى فيه من التلميحات والتوبيخات لعدم شراء أضحية العيد ، ورغم تقديمه بعض الأسباب : الدينية (لكونها سنة وليست فرضا واجبا ) ، والمادية ( عدم توفر القيمة النقدية للأضحية ) لم يشفع له ذلك عند زوجته وأولاده ،وحتى بعض أقاربه الذين وصلتهم الأخبار مع الهواء ...
فزوجته لم تقبل هذه المبررات لان هناك ممن ضحوا كانوا من متوسطي الدخل أو اقل منه دخلا ، وأما أولاده لم يقبلوا ذلك لأنه في نظرهم يستطيع أن يوفر أضعاف هذا المبلغ الزهيد ....
وبيني وبينكم لقد كانت الزوجة على حق ، والأولاد على حق ، والأقارب على حق ، والجميع على حق ، حتى أنت أيها القارئ الكريم فلو كنت تعرفه لانضممت إليهم ، وكان رأيك من رأيهم ، وكنت أيضا على حق ، فهو يستطيع أن يوفر ويحيي هذه السنة العظيمة ، سنة نبي الله إبراهيم الخليل عليه السلام ، وسنة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ....فلا حرمنا الله من إحيائها أبدا ...
شاء وشاء الله وكانت مشيئة الله هي الغالبة ، فقد وفقه سبحانه وتعالى هذا العام بان جمع رباطة جأشه وقوته وتشجع بان اخذ المال اللازم ، وسلمه إلى أبيه العزيز لشراء الأضحية قائلا له : خذ يا أبي واشتر لنا أضحية للعيد فامسك المال شاكرا ، وكم كان سعيدا مغتبطا في هذه اللحظة ... صدقوني فان كان للسعادة أنواع فانه لأول مرة يحس بطعم هذا النوع من السعادة في حياته .وقبل أن يغادر الغرفة ناداه أباه وسأله عن الأضحية فقال : من الأفضل أن تكون الأضحية كبشا املحا اقرنا أليس كذلك ؟ّّ! هذا أفضل !!...فرد عليه بقوله : لا باس في ذلك ....
وفي صباح الغد توجه أباه إلى سوق الماشية مع المتوجهين ، واشترى مع المشترين كبشا املحا اقرنا ....وجلبه مع الجالبين إلى البيت ، وما إن وصل وسمع ثغاءه مع السامعين حتى هب الجميع نحوه هاتفين :...كبش ، كبش ، كبش العيد ، كبش العيد ، هيه ...هيه ....وتعالت الأصوات ، واختلطت بثغاء الكبش ، وتحلق الأطفال حوله ، وراحوا يغنون ويدورون ، وهم يمسحون على ظهره تارة وعلى وجهه تارة ، و....و....وربما يرددون في سرهم من هنا سيكون نصيبي منك ، والآخر يقول في داخله : بل من هنا سيكون نصيبي ..... وأسرعوا في غير عادتهم إلى تقديم ما يلزمه من أكل وشرب ، فراح يلتهمه التهاما ، والمسكين لا يدري ما ينتظره في الغد القريب ...
خمسة أيام تفصلنا عن اليوم الموعود ، خمسة أيام بقيت من عمره – لا يعلم الغيب إلا الله طبعا - خمسة أيام تفصلنا عن أعظم عيد ، خمسة أيام وجلده سوف يهيأ ليفترش ، و لحمه سوف يقطع ليوزع ........
في هذه الأيام الخمسة التقطت الصور ذات الوضعيات المختلفة ، في المكان المختلف ، وفي الزمان المختلف ، هذا يحب إن يأخذ صورة مع الكبش نهارا وهو يأكل العشب ، وهذه تحب إن تأخذ الصورة في البهو ليلا تحت الأضواء الملونة ، وهذا الطفل يحب إن يأخذ الصورة معه أيضا لكنه يخاف من الاقتراب منه ، فان قربوه بكى ، وان أبعدوه بكى ...فيضطر احدهم إن يأخذ الصورة معه .واقفا بجانبه ، أو حاملا إياه .

في هذه الأيام الخمسة الباقية كان يطلب من أحدهم أن يأخذ له الطعام والشراب فيرفض ذلك مقدما مبررات واهية . والبعض الآخر يقدمه فرحا مسرورا . فنعجب من ذلك اشد العجب ، نعجب لتثاقل وتقاعس الأول ، ونعجب وندهش من نشاط وسعادة الثاني ...إلى أن أتى اليوم العظيم ...
بعد صلاة العيد تجمع الأطفال وحتى الكبار منهم على غير عادتهم في الأعياد السابقة فقد كانوا بعد ارتداء ملابسهم الجديدة و تناول الفطور وتبادل التهاني يذهب كل واحد إلى الوجهة التي يريدها فهذا يقصد احد قريبا ، وهذا يقصد صديقا ، وهذا يقصد جارا وهذا ,...و...و...وبعد ساعة من الانتظار سمع طرق على الباب فإذا بالذي سيكون على يديه تحديد المصير قد حضر ....
بعد السلام وأي سلام ...ارتشف فنجان قهوة بسرعة ، نزع جلابية صوفية بيضاء قد اخفي تحتها موتا اسودا أو احمرا ...وكشف عن ساعدين مفتولين وكفين غليظين و نادى بصوت أغلظ : أين الكبش ؟!!!!بسرعة ..حاول الأب الشيخ أن يحضره فلا فائدة ، والكبش ينظر إليه وكأنه يقول ما باله اليوم يطاردني ؟؟!!! أليس هذا هو الشخص الذي جلبني من السوق!!وأبعدني عن الفوضى والضجيج !!! وفوق كل هذا أبعدني عن القر والحر!!!!! و..و..و....أخوه هو الآخر حاول ولكن بلا جدوى والكبش يتأمله وكأنه يقول أليس هذا هو الشخص الذي كان يقدم لي الحشيش والشعير والماء ؟!!! ، وينظر الكبش إلى الأخ الثاني ويقول أليس هذا الذي كان يتفقدني في منتصف الليل ؟؟!!!!...وينظر إلى الأطفال وكأن لسان حاله يقول يا للبراءة ، أليس هؤلاء هم من دار وغنى وصفق ، ومسح الوجه والرأس والظهر ؟؟؟؟؟!!!!!
تقدم صاحب الساعدين المفتولين بخطى ثابتة وقال : عنكما ، فإذا بالكبش القوي في نظره طبعا وكان يتمنى أن يراه مذبوحا ، صار مثل الحمل الوديع في يده فأشفقوا عليه وتمنوا أن يفلت منه وينجو بنفسه ، وما هي إلا لحظات حتى صار منبطحا مكتوف الأرجل ولم ينتبه إلا والدم يسيل والشيخ يردد الله اكبر الله اكبر ، اللهم هذا منك واليك ، اللهم هذا عن نفسي وعن أفراد عائلتي و ... و...و ...اللهم تقبله منا آمين ....وردد الحاضرون حتى الأطفال الذين جاؤوا ليشهدوا هذه العملية مقلدين الكبار .آمين ولكن بصوت فيه رقة وتلعثم .....ومسحوا بأيديهم الصغيرة وجوههم المتوردة وأفواههم الثاغرة الضاحكة ...
قام الرجل بعملية السلخ والتقطيع على مرأى ومسمع الجميع بسرعة لا مثيل لها فان دلت هذه السرعة على شيء فإنما تدل على العدد الهائل من الكباش الذين كان مصيرهم مثل هذا المصير ، وما هي إلا سويعة حتى فرغ من عمله واخذ أجرته وغادر شاكرا ...وتولى الأب تقسيم اللحم وتوزيعه ..هذا القسم لنا ، وهذا القسم للفقراء والمساكين ، وهذا القسم للأصدقاء والأحباب..... وهكذا تلاشى ذلك الكبش الأقرن الأملح في وقت قصير ، ونرجو أن يجزل الله عز وجل ثوابه و ثوابنا وان يتقبل منه و منا ومنكم ... ولا اخفي عنكم سرا فقد تفرق لحمه دارا دارا ولم يبق منه إلا هذين القرنين وهذا الجلد تذكارا ......

النهاية





©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©