عنوان الموضوع : نور في آخر النفق ثقافة عربية
كاتب الموضوع : kamiliya
مقدم من طرف منتديات ايمازيغن

نور في آخر النفق


قبيل بغزوغ الفجر بلحضات وقف ثائر أمام باب النفق اشعل مصباحه وولج لداخل النفق ثم تبعه محمد
الذي كان يحمل كيس من الخيش ومغلف بكيس بلاستيكي يعزل الماء والرطوبة عن داخل الكيس كان يحمل بيده مصباح وفي يده الأخرى مصباح احتياطي و ساعة فيسفورية تظيئ في العتمة وعلى خاصرته كان هناك سكين ومعول قد يحتاج له ان لزم الأمر فالمهمة جدا صعبة وشاقة
وعلى نجاحها تتعلق آمال كثير من اهل بلدته فقد ضاقم ذراً بهذه الطائرة التي تسمى الزنانة وكانت تقضي مهمتهم ان يصلو لسيناء وهناك سيسلمهم احد الرجال جهاز معقد يبث اشارات تشوش على مسار ورؤية الهدف للزنانة فهذا حلم حلم به معظم الفلسطينين واصبح هاجسهم الذي يقظ مضجعهم كان يفكر محمد بثقل الأمانة التي ستقع على عاتقه
اما ثائر فقد بدأ اكثر من محمد رباطة جئش وحماسة فهوى منذو نعومة اظفاره عاش حياة المقاوميين وهذا النفق قد اجتازه اكثر من مرة على عكس محمد الذي كانت هذه مهمته الاولى التي تقتظي المرور في نفق مظلم ولهذا بدأ بطيئ ومتعثر في خطواته على عكس ئائر
كان الجو ماطر والرطوبة عالية لكن الكهف كان دافئ لكن ظلمته جعلته يشبه القبر الكبير
خاصة لزوجة جدرانه والصمت الرهيب في جنابته كان يسمع بوضوح صوت نفسه الخارج من صدره
كان هاجس الوصول بالموعد المحدد هوا من يجعلهم يحثون الخطى بلا تلكئ او تواني
وهذه كانت مسؤلية ثائر فهوا الذي يعرف الرجل ويعرف اين تكمن نقاط الضعف في تحصينات العدو ومنها سيكون التسلل في منتصف الليل كان يشعر ثائر بزهو ونشوة غامرة وعنده شبه يقين بنجاح مهمته على اكمل وجه على عكس محمد الذي كان اسير لهواجسه ومخاوفه فقد تذكر حبيبته ندى التي بعد شهرين ستزين بيته وتكون عوناً له في الحياة كان يفكر بها ويحدث نفسه ماذا سيحل بها لو اسرت او قتلت او حدث لي اي مكروه وماذا سيحل بأمي التي لا سند ولا معين لها سوى الله ومن بعده انا لكنه كان يطرد الافكار السوداء ويأتي بأحلام بيضاء مثل ان يعود ويكون محط فخر لكل افراد اسرته ويقدم لوطنه خدمه جليلة ستجعله من الابطال هذا حال محمد اما ثائر فهو شب صلب تجاوز الخامسة والعشرون من عمره لم يكن يسمح لأي شيئ
أن ينال من عزمه ومن احباط عزيمته فلا شيئ عليه يخاف ان قتل او اسر فأمه ماتت العام الماضي بسبب صاروخ من طيارة الزنانة واباه سجين بسبب انظامه للقماومين
حتى بيته هدم في احد الغارات هذا الشعور بالظلم والانتقام كان يشحذ همة ثائر ويزيده قوة وصلابة فقد اختير من بين مئات من رفاقه لصفاته التي يتحلا بها ولظروفه التي جعلته اكثر صلابة وقوة
كان ثائر يسير بداخل النفق وكأنه يمر من نفق على جنابات احد الطرقات اما محمد على عكسه تماما كان بطيئ الحركة وغير متزن في خطوات سيره وهذا ما اتعبه وجعله يتخلف عن ثائر
لقد نظر للأمام فلم يلمح النور الذي ينبعث من مصباح ثائر لكن كان يرتاح لان هكذا كانت خطة المسير فلا يسرون معاً بل على بعد مسافة خوفاً من وقوع امر سيئ فلا يقع على الأثنين بل على واحد وبعد مضي سبع ساعات من السير احس ثائر ان الوقت يكاد ينفذ وهاهوا المصباح بات يخبو نوره ولربما بات يحتاج للصباح الثاني الذي مع محمد ألتفت للوراء فلم يشاهد اي نور يدل على قرب محمد منه فجلس يستريح وينتظر محمد ولم تمضي نصف ساعة حتى لمح نور ضعيف يقترب منه فأرتاح وقال الحمد الله لقد وصل محمد اغمض عينيه براحة وطمانينة لكنه فوجئ بصوت عنيف يشبه دوي الانفجار ثم تبعه هزات ارتج النفق من الداخل وبدا يتساقط عليه بعض فتاة الحجارة وكثباة الرمل نهض واقفا ونفض التراب عنه وعندما فتح عينيه تذكر محمد ألتفت للخلف فلم يرى النور شعر ان مكروه قد وقع لمحمد تراجع للوراء وفي اثناء سيره كان يرا كتل من الصخر واكوام من التراب في الطريق فاوجس خيفة من هذا المشهد لم تمضي سوى دقائق حتى وصل لكومة من التراب والحجارة قد سدت النفق وفصلته عن محمد حاول ازاحتها لكنها كانت تحتاج لمعول لا ليد فأدرك ان الانفجار وقع بهذا المكان ولا يدري هل نجا محمد منه او انه دفن تحته
فاضت عيناه بالدموع وشعر بظلم عظيم يقع على شعبه وعليه هوا بالذات فعدوه تأتيه شتى انواع الأسحلة الفتاكة براً وبحراً وجوا ولا احد يقول لما يكدسون كل هذه الاسلحة اما بلده فهي محرومة حتى من حمل السكين والبندقية فأي عدل واي شرعية دولية واي حقوق انسان يتحدثون عنها
نحن نموت داخل الانفاق او تحت انقاض البيوت او من نقص الغذاء والدواء وبنظر الغرب لو دفعنا الموت عن انفسنا نسمى ارهابيين
افاق ثائر من شروده وانتبه لنور المصباح الذي كان بلفظ آخر انفاس نوره وبدأ المكان يزداد ظلمة ووحشة فلا رفيق ولا نور ولا حتى هواء نقي يخفف عنه ماهوا فيه كادت ان تخار قواه لكن صوتا انبعث من أعماق نفسه وقال له انهض ولا تحزن ولا تهن ولا تتراجع فأنت بطل وتؤدي لوطنك خدمة عظيمة هذا الصوت جعله يستعيد ثقته بنفسه وبعدل قضيته وسمو هدفه
ألقى بالمصباح على الارض وبدأ يسير بظلمة لا نهاية لها كان يشعر بأن كل خطوة يخطوها يمكن له الموت بعدها فقال مرحباً بالموت في سبيل وطني وكرامة شعبي
كان يتعثر بخطاه كالطفل الذي يسير لأول مرة, مرة يقع على الأرض ومرة يحبو ومرة يزحف دون كلل او ملل فالامر بالنسبة له اصبح ليس فقط تأدية مهمة بل حياة او موت فلا سبيل لتراجع او استسلام
كان في مشقة سيره يتذكر كل مآساة حياته تمثلت امامه صورة ابيه الذي يقبع في نزانزين السجون منذو عشر سنوات حتى مجرد زيارة ممنوعة عنه لقد تركه فتى يافع اما اليوم اصبح رجل يعتمد عليه
لاح لنظره نوراً خافت بات يراه قريباً منه فأدرك ان الفجر قد بزق والشمس تنشرخيوط اشعتها في اول النفق قال في نفسه لقد تاخرت ست ساعات ويكاد الموعد ان يفوتني والان باتت الرؤية واضحة فكيف اتسلل بوضح النهار من امام عشرات ابراج الحراسة فل امكث لحلول الظلام لكنه عدل عن خطته لأن الموعد سيفوته مع العميل الذي سيسلمه الجهاز
نظر ناحية الجند فوجدهم مصطفين بطابور فعلم انهم في اجتماع وقد حان موعد تبديل مناوبة الحراسة فل استغل الفرصة وزحف باتجاه الحدود المصرية فهي لا تبعد الا مسافة مئة متر وبدأ
ولا خيار لي سوى المجازفة وبد
بالزحف حتى وصل لمنتصف الطريق فلمحه احد الحراس وصرخ به قف مكانك وإلا اطلقت النار نظر ثائر لبعد المسافة فقد كانت تقريبا خمسين متر ان استجمع قواه وركض بأقصى سرعة قد ينجو
من الأسر او القتل ومع اول عشر خطوات بدأ الرصاص ينهال عليه كزخ المطر شعر بحرارة وشيئ لزج يسيل على ظهره لكنه تجاهله وبقي راكضاً حتة خارت قواه ووقع على الارض وكان جسده مطرز بعشرات الطلقات مسك التراب بيديه ورفع نظره للسماء قائلا اللهم الحقني بركب الشهداء
فراى كأن امه ورفاقه الذين سبقوه بالشهادة يلوحون له فلاحت على ثقره ابتسامة وكانت آخر عهد




©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©