عنوان الموضوع : رواية "إبراهيم" المسلسلة ح2
كاتب الموضوع : مريم
مقدم من طرف منتديات ايمازيغن


إبراهيم 2

- والله إني خائف من الرياضيات يا إبراهيم، انتظر منك المساعدة اليوم.
- اصرف نظر عن ذلك يا سمير،لن أعود معك إلى البيت، عندي أشغال.
أشغال !!! لم يسألني سمير عن طبيعة هذه الأشغال، أظنه موقن أنني أكذب، أنا فعلا كذلك.
أكملنا شرب فنجان القهوة الوحيد و المختار بن الزانية لما يزل يستشيط غضبا ، اظنه هو "البز" ما دام منشغلا بنا نحن "البز" على حد زعمه.
قام سمير و قال: " هيا لنعد"
- اذهب أنت، عندي أمور علي معالجتها.
- كفاك تلاعبا، هيا بنا ، لم يبق "للبيام" سوى يومان.
- اذهب انت سأبقى هنا ريثما اكمل السجائر.
- وإذا سالتني عنك امك.
- "تروح تــ..." ، قل ذهب عند أبيه ، او قل لها.. إسمع.. قل ذهب عند ابيه.
خرج سمير و بقيت وحدي جالسا على تلك الطاولة الصدئة رغم أنها من الخشب ، لا افكر في شيء محدد، أشعلت سيجارة و ارتشفت آخر قطرات قهوى كانت مترسبة في قعر الفنجان الأجرب...فجأة خطرت ببالي فكرة الذهاب عند أبي...وقفت...ثم عدت جالسا، ألغيت الفكرة، أنا دائما أختلق الافكار ثم ألغيها...كرهت ان أذهب عند أبي و لا أجده بالبيت ، فتستقبلني جدتي ، و تخنقني بضمها و شمها و عناقها المبالغ فيه...كرهت سماع كلمتها السرمدية، حيث كلما تفوهتُ بكلمة إلا نطقت " كيتي أنا!!"، من حسن حظها ان الله لا يستجيب لها و لا يأخذ بكلامها و إلا لكانت اليوم من فرط كياتها مكوية من كل جهة و لأصبحت فحمة جالسة القرفصاء لا تكاد تحط أردافها على البلاط ...و اذا كنت عندها و أخطات ... مثلا يعني... اتجهت نحو المطبخ مع أني لم أكن أنوي الذهاب اتجاهه،
تبعتني و قالت: انك جائع يا ابراهيم؟ آآه ، كيتي انا!!!.
و تعود مسرعة إلى خزانتها الخاصة ،دون سماع ردي ،و تأتيني بحبتي خوخ، أو برتقال،أو موز، أو علبة بسكويت... دائما تجد عندها شيئا مخبأ.
و إذا قلت لها: لا أنا لست جائعا، دست الفاكهة أو أي شيء آخر في جيبي ، غامزة لي عاضة شفتها السفلى و هازة رأسها، كأنها تقول: انا أعلم انك جائع و لكنك تكذب و تداري.
اللعنة !!! كم أكره من يتظاهرون أنهم يعلمون بما أشعر وأحس، و إن أردتم معرفة الحقيقة ،فأنا أمقت جدتي حينما تضمني و تقول "كيتي انا.." و تبكي أو تحاول أن تظهر لي انها تبكي ، مع انني لم ارى في حياتي دمعة من دموعها... اظنها تكذب مثل النساء الأخريات.
خرجت من المقهى..تحسست جيبي، لم يبق لي سوى سيجارة واحدة...مشيت و في طريقي سألت احد المارة عن الوقت، رد علي:" الخامسة و ثلاث دقائق"، ابتسمت في داخلي، اضحكتني "الثلاث دقائق"، لم أدر لم اضافها...مشيت أقتل الوقت مثلما يقولون، إذلم يبق للماتش سوى ساعة و سبعة و عشرون دقيقة... كنت أمشي و أقوم بعملية الطرح... الماتش سيبدأ على الساعة السادسة و النصف و الرجل قال لي أنهاالآن الخامسة و ثلاث دقائق... الأمر واضح جلي إذن، لا يحتاج هذاإلى فطنةأوذكاء.فجأةلمحت رحاب عند بائع الايسكريم.
رحاب بن دالي، زميلتي في القسم، درسنا مع بعض منذ الابتدائي ، كنت أجلس إلى جانبها بداية العام غير أني غيرت مكاني، ليس لأنها بشعة أو سلعة قديمة أو شيئا من هذا القبيل، بالعكس، رحاب فتاة جميلة ، أكيد أنها ليست "انجلينا جولي"،ولكنها جميلة و ذات قوام ساكسي و ابنة عائلة و كل شيء، كل ما في الامر أن رائحة فمها كريهة، صدقوني هذا هو سبب تغييري لمكان جلوسي في القسم.أذكر انني كنت كل يوم اشتري علبة لبان "اكسيون" ، و اتظاهر انني افتح واحدة امامها كي احفزها لطلب واحدةمني ، و هذا ما كانت تفعله ، رحاب لا تستحي من طلب حبة اكسيون، و كنت جد كريم في اعطائها ذلك.
المصيبة ، انها كانت اذا كلمتني تقترب مني و يوشك وجهها يلامس وجهي وبالتالي احس نفسها يتغلغل في خيشومي ، بل ينتشر عبر بلعومي و يستقر في معدتي فأحس رغبة في القيء، و ما كان يزيدني جنونا هو أنني لم اكن اقدر على فعل شيء، اقصد لم يكن باستطاعتي قول شيء، فمن غير المعقول ان اقول لاحد أن رائحة فمه نتنة، فما بالكم ببنت قالوا لها انها جميلة. اقصى ما كنت استطيع فعله هو غلق انفي بحركة اتظاهر فيها انني احكه، أو أدير وجهي نحو اليمين، غير اني كنت اتضايق حين أدير وجهي يمينا زيادة الى ان الاستاذ بن الزانية كان يصرخ في وجهي " انتبه " ، و كم أكره أن يصرخ احدهم في وجهي لمجرد اني ادرت وجهي يمينا و كأن الدرس سيهرب أو كأنه يلقي علينا الدروس الربانية التي إذا ما أدرت وجهك يمينا و لم تنتبه فسيكون مصيرك جهنم.
غيرت مكاني و تراجعت للوراء بجانب زميل اسمه عكاشة ، عكاشة سنوسي أو بن سنوسي...لا يهم.
لمحتني من بعيد، أشارت إلي ملوحة بذراعهاأن آتي...قصدتها فرحا فلربما دعتني لأكل الأيسكريم، وقفت ثلاثة أمتار عنها... نعم ، نعم أنا أبالغ أحيانا، اقتربت منها، كانت تلعق مخروط ايسكريم ابيض وردي، قالت:
- كيف الأحوال إبراهيم؟ هل من مذاكرة؟ شيء صدع رأسي في الرياضيات؟
اللعنة على هذه الرياضيات...ظننتها دعتني للأكل و إذا بها تسألني عن الدراسة و الزبل.
- صدقيني لم أبدأ بعد.
- أنت لم تبدأ؟؟؟؟ أنت دائما تقول هذا ثم في الأخير تفاجئنا و تتحصل على أحسن معدل.

يتبع



©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©