عنوان الموضوع : وفاء حتى الموت !!! ثقافة عربية
كاتب الموضوع : kouka
مقدم من طرف منتديات ايمازيغن

وفاء حتى الموت !!!


تزَوَّد بكل ما يلزم لرحلة سفر في عمق الصحراء ، غير أن راحلته خذلته ، والصحراء غدرت به ، فوجد نفسه وحيدا في فلاة لا ماء فيها ولا شجر .. يصارع أمواج الرمال في معركة غير متكافئة ..
حمل سلاحه ومتاعه على ظهره واتجه إلى المجهول مخلفا وراءه ناقة عجفاء لا حراك بها ..
أخذ يجوب الصحراء على غير هدي ولا بصيرة ، بحثا عن بصيص أمل للنجاة من موت محقق ، فما هي إلا لحظات حتى نفد ماؤه واشتد عطشه وأنهك جسده ، ونال منه السغب ما لا يُطاق ، كيف لا والشمس تسلط أشعتها الحارقة على رأسه والرمضاء تلسعه من تحت أرجله ، والخوف من المجهول يتملكه ..
أخذ في التخلص من أشيائه الواحدة تلو الأخرى .. فألقى أولا بجبته التي حملها معه لحمايته من البرد القارص ، وثانيا تخلص من بندقيته التي اصطحبها ليدافع بها عن نفسه من الإنسان والحيوان ..
وبعدها بقليل ألقى طعامه الذي لا جدوى منه دون ماء يبل ريقه .. ثم رمى حزامه .. فخنجره .. وأخيرا خلع ملابسه قطعة .. قطعة ، ولم يُبقِ منها إلا ما يستر سوءته ..
شيئا واحدا لم يفرط فيه حتى آخر رمق من حياته ألا وهو قلمه !!!!
واصل المشي لمسافة قصيرة بعد أن تخلص من حمولته ..

وفجأة توقف !!
نظر إلى قدميه الحافيتين فإذا بهما غائرتان في الرمال الحارة ..
أطلق بصره في جميع الاتجاهات ، فإذا بكل ما حوله سراب بقيعة ..
صعَّد نظره إلى الأعلى فإذا بالشمس تلتهب في كبد السماء ..

عندها أحس بدنو أجله ، وأيقن أن روحه لا محالة ستفارقه في ذلك المكان ..
حينها تناول قلمه من خلف أذنه اليمنى ليكتب وصيته على جسده ..
اختلط مداد قلمه بعرق جبينه ليسطرا معًا نهاية رجلٍ ظل وفيا لقلمه حتى الموت !!

بقلم وحيد العرب

***

فما مدى وفائك لقلمك ؟





©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©