عنوان الموضوع : آمال الصغار وإحباط الكبار من العربية
كاتب الموضوع : amira
مقدم من طرف منتديات ايمازيغن


آمال الصغار وإحباط الكبار


...كان شابا يافعا طري العود ، يعيش في أسرة محافظة متدينة ،يحذوا حذو أبيه وجده ، فأبوه رباه على حب الإسلام وغرس في نفسه كل خصال الطيب
....... روى هذا الرجل لأبنائه الكثير من القصص التي عايشها ، من المفرحة ومنها الحزينة ، وكان أكثرها إيلاما تلك القصة عن حلمه وُلشد َ ميتا .
روى لأبنائه انه رأى في المنام أنه واقف أمام شيخ الأزهر وهو جالس على أريكة وحوله طلاب العلم يفترشون الأرض ،وقال كان الشيخ يشرح لهم علم التجويد وطريق التلاوة في القرآن .
....أفاق كعادته وعندما التقى بأصدقائه في أزقة الحارة ، قص ّ عليهم رؤيته، فأعجبتهم وقالوا فيما بينهم لما لا نذهب للأزهر ونتعلم أصول الدين ونصبح مشايخ كبار، وقال احدهم قاطعا كلامهم وهل أهلنا يملكون ما ينفقون علينا من مصاريف الذهاب والإياب وأجرة التعليم، وقال الرجل صاحب الحلم وقد تعلق بالفكرة لما لا نذهب سرا دون إخبار أهلنا ، أعجبوا بالفكرة كشباب على أول الطريق واتفقوا على ميعاد السفر مع أول قافلة تجار تمر من قريتهم نحو مصر.
وبعد يومين وجدوا ضالتهم( القافلة) فلحقوا بها وطلبوا منهم أن يصحبوهم معهم إلى مصر على أن يقوموا على خدمتهم طوال الطريق وبعد إلحاح وافق أمير القافلة فارتحلوا معهم.
وبعد أسبوعين وصلوا مصر ، وفورا سألوا عن مكان المسجد الأزهر وجامعته فدُلوا عليه ، جدوا السير مسرعين حتى وصلوا _ وهنا بكى الرجل وهو يروي القصة بكاء غزيرا ، وقال والله يا أولادي لقد رأيت الشيخ على هيئته التي رأيته فيها في رؤيتي ، وحوله الطلاب على الأرض ،قال : طلبنا من الشيخ أن يسمح لنا بالتعلم معهم وبعد أن استفسر عن وجهتهم وعرف قصتهم ضمهم إلى تلاميذه ... ولكن !!!!
.... كان من بين الطلبة اثنان من أبناء قريته وكانوا قد سبقوهم بسنتين ،
تهامس الرجلان لما رأوهما ونظروا إليهما نظرة حادة مليئة باللؤم والحقد والحسد، وبعد خروجهما من الدرس أمسكوا بهم وحاولوا ثني عزيمتهم عن التعليم وادعوا أن العيش هنا صعب والمادة صعبة ومرهقة، لكن الشباب الثلاثة أسروا على البقاء والتعلم، وهنا تحركت أذرع الحسد والمكر، حيث خطط الاثنان أن يمكروا بهؤلاء الطلاب الجدد وطردهم عنوة ، وخاصة بعد أن علموا أن أحدهم ابن إمام مسجد قريتهم وهو راوي القصة وصاحب الرؤيا .
...... أمكسو بهؤلاء الثلاثة وضربوهم ضربا مبرحا بعيدا عن أعين الناس ، أما أحدهم فوافق على لعودة بعد أن رشوه بدينار، وأما الثاني فكان له أقارب في مصر فأرسلوه لهم على انه أتى دون علم أهله ، وأما الثالث فقد ازداد عناد وصمم أن يبقى ليتعلم فأرسلوا لأهله رسالة أن ابنهم أطرش (أصم) لا يسمع ، وأخذوه إلى بيت الدرج العلوي وحشروه على السطح وأغلقوا الباب ، _ هنا بكى الرجل ثانية ودعا عليهم وقال : - والله يا أبنائي لقد حرموني من الكل والتعليم معا ولم أجد ما آكله سوى بعض كسرات من الخبز من فضلات طعام الطلاب يرمونها على السطح للحمام والطيور.
..... يقول الرجل بعد يأس وطول انتظار للفرج قررت العودة من حيث أتيت حيث لا فائدة أمام ظلم هؤلاء الظلمة .
..... يقول كان معي نصف دينار ولما رجعت أردت أن أركب في لقطار، وقبل أن يمشي بقليل طلب مني أحد الركاب أن أنزل لقضاء الحاجة حيث أن السفر طويل واخذ مني النصف دينار الذي كان بحوزتي ليدفع الأجرة عني ويأخذ تذكرة الركوب، طاوعته وليتني لم أطعه ، ذهبت لقضاء الحاجة كان القطار قد تحرك مسرعا فلحقت به وصرخت وناديت لكن لا حياة لمن تنادي، وهنا قررت العودة وبنفس اتجاه القطار سرت على أقدامي أسير وأسقط من شدة الجوع والتعب إلى أن وصلت حدود غزة دخلتها مطمئنا واتجهت نحو قرية تسمى حمامة وفيها أخوال لي .
... يكمل الرجل الحزين قصته وهو يتنهد تارة وتارة يلعن ويدعي على من كان السبب بحرمانه من شرف تعلم الدين والشريعة ،يقول : لقد وصلت لما أريد حيث بيوت أخوالي وكان عندهم مجلس عزاء ، أخبرتهم قصتي فاستضافوني ثلاثة أيام حتى انتهى العزاء ، فأمروا أحد أقاربي يكبرني سنا بالذهاب إلى البساتين وإحضار ما لذ وطاب من الهدايا من برتقال وبلح وليمون وخضروات ، فعاد ومعه بغل عليه كل تلك الهدايا وركبنا معا واتجهنا إلى قريتي ( عراق المنشية) ولما وصلنا كان حينها أبي مريضا طريح الفراش فأسرعت أبكي بين يديه وأعتذر له عما فعلت بدون علمه ، فقال أصحيح أنك أطرش لا تسمع ،فأخبرته بقصتي وطلبت أن يسأل من كان معي إن لم يصدقني بقول أن والدي قبلني وبكى........ ثم قال لعنة الله على من يمنعون العلم عن محبيه .


هذا الرجل هو والدي وهي أكثر قصة رددها لي ولإخوتي وكم كان يرددها عندما كنا نستمع لدرس ديني في التلفاز أو المذياع، وكان يبكي حتى يبلل لحيته

غفر الله لأبي ورزقه بعدد حبات دموعه حسنات
اللهم إن نبيك أخبرنا إن الأعمال بالنيات فاقبل نيته وجازه خيرا، اللهم ارزق أبي أجر العلماء وصحبة الأنبياء
اللهم ارحمه وأدخله جنتكن اللهم زد في حسناته وتجاوز عن سيئاته




بقلم
ابن العروب
6/1/2015





©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©