عنوان الموضوع : حياة بني هلال ورحلتهم إلى برقة وقابس ( ليبيا ) يرويها الوالد أحمد عوض ناصر لغجل للمثقفين
كاتب الموضوع : chichaki
مقدم من طرف منتديات ايمازيغن

حكاية قبيلة
حياة بني هلال ورحلتهم إلى برقة وقابس ( ليبيا )
يرويها الوالد أحمد عوض ناصر لغجل
لرغبة منهم ..ولإلحاحهم علي ..وتلبية لطلب متكرر أكتب هذه الذكريات عن قبيلة كانت ولازالت مضرباً للمثل ومعلماً في التاريخ ..قبيلة الهلاليين منذ قديم الزمن ليس لدي مراجع .. لم تكن الفترة تلك فيها من العلم الا قليل..ولم يكن لنا في تلك الفترة من تاريخنا غير الاستماع لما يقوله الرواة من أهلنا وأجدادنا ، يروون لنا تاريخاً زاخراً بالبطولة والجلد والصبر والإسفار والتنقلات من مكان إلى أخر طلبا للاستقرار وبحثا عن الرزق أينما كان ، وحتى يعرف الأبناء تاريخ أجدادهم ويعرفوا أصولهم جاءت هذه السطور اكتبها الآن وهي تعيد ني انأ : احمد بن عوض بن ناصر لغجل ، وقد تجاوزت العقد الثامن من عمري (87 سنة الان تقربيا ) معتمدا على مخزون ذاكرتي .. إلى أيام عشتها فتى ويافعا وشابا ذات يوم ، فحياتنا كانت بمذاق خاص ، ونكهة خاصة ، لها أسلوبها المميز ، وتفكير لاناس عاشوا قبل قرابة القرن من الزمان .
إن قبيلة بني هلال عاشت في ارض تسمى ( الصفحة من بلاد الاحقاف ) بحدودها الأربعة ، من الغرب :أعالي شعاب مرخة ويلحق بها ارض العليهين ووادي جيشان ووادي عذمر وظلامه آل عرول وهي جبال وشعاب خوره وضرى وعبدان وحطيب - وقبائل العلهين أصلهم من بني هلال - ومن الشرق : بعض الجبال البيضاء وصحراء الربع الخالي إلى مدينة شبام حضرموت ، ومن الشمال : حدود بيشة ونواحيها بالمملكة العربية السعودية،
ومن الجنوب : ارض العوالق وبلاد سعد ونقبة آل باهدى وهم من أولاد بلقار بن بحلص الهلالي ، ويدعى جدهم حريش بن بلقار بن بحلص الهلالي وأخوه حمير بن بلقار بن بحلص الهلالي وأما قائدهم فهو الأمير حسن بن سرحان .
دار الزمان وأجدبت الأرض ، قل الزرع ، وجف الضرع ، وضاقت الحياة في تلك البقعة فلم يكن بد لأبي زيد الهلالي إلا السعي والبحث عن موطن آخر للعيش غادر أبو زيد الهلالي سلامه ومعاونه ( عبده المسمى سعد ) وأولاد عمه الأمير حسن ( مرعي ويونس ) كانت حياتهم في البادية و لديهم حيوانات ( أبل -غنم وخيل ) أجدبت الأرض وضاقت بهم سبل العيش فيها فأرسلوا وفدا منهم يبحث عن وطن غير الموطن الذي هم فيه وتوجه الوفد : أبو زيد وعبده أي ( خادمه ) ومرعي و يونس أبناء عمه الأمير حسن بن سراحان واتجهوا إلى برقة وقابس في ليبيا ،عند وصولهم برقة وقابس وجدوا كوما من البر وأخذوا بعضا منه .. وفي الصباح خرج اهل الوصر ( المكان الذي يتم فيه جمع البر لتتم تنقيته من الشوائب ) طلب أهل الوصر عريف ( أي من يدلهم على اثر الإبل ) واستغربوا لأثر الإبل في الطريق وكانوا لايعرفونها بأرضهم ، فقال العريف : (تقرص البر وسرى )
و كان لبرقة وقابس حاكم هو ( ألزناتي خليفة ) أصوله من البربر وابنته تسمى ( سعداء ) عشقت الفتاة سعداء مرعي بن حسن بن سرحان واستلمتهم من أبيها بعد ان كان بينهم وبين قوم ألزناتي خليفة قتال ، قتل فيه يونس حسن بن سرحان .وأما أبو زيد وعبده ومرعي فقد ذهبوا مع سعداء إلى قصرها واتفقت مع أبو زيد الهلالي على أن يعود إلى أرضه باليمن ويأتي ببني هلال وعندما اتفقوا على ذلك ودنا وقت الرحيل لأبي زيد الهلالي مع خادمه . وتعهد لمرعي أن الذي سيأتيك في ليلة كذا شهر كذا سنة كذاو يناديك من فرع النخلة أمام الشباك ... و عندما طلب منه علم وجه أن توفي بوعدك - عادة يقطعها الإنسان علامة للوفاء بالعهد وعدم النكث به - قدم ابو زيد الهلالي شعره من لحيته لمرعي انه سيعود ولن ينكث أو يخلف الوعد والعهد .
اتجهوا إلى اليمن في رحلة فيها من الآمال والآلام ما لايعلمه الا الله .. كانت الرحلة شاقة استغرقت حوالي سنه لأنها من ليبيا الى اليمن عبر صعيد مصر وغزة بفلسطين والشام و الى الجزيرة ) وعندما قربوا من ( دات الجار ) عاصمة بني هلال وهي حاليا أسفل مرخة السفلى مجاورة لمنطقة لجفة آل عويروجبلهم يسمى ( يهر ).
قال أبو زيد الهلالي لخادمه : ( بني هلال لا يحبون البعد ، والقتال لا يخافونه ، وإذا سألوا علينا أن نقول لهم : ( برقة برقة لولا رجالها !! ) ، فقال الخادم : ( برقة وقابس لولا بعدها ! )
وعندما صار بينهم الحوار ( ابوزيد وخادمه ) أمر خادمه أن يحفر حفرة ويقول له
يا حافر الحفرة وسع مراقيها يالعبد يا لسود خافك تقع فيها
ونوى قتله ( أي هم بقتله ) ودفنه بالحفرة ، وفعلا قتله ودفنه خوفا من أن يكشف لبني هلال بعد مسافة برقة وقابس وحينها يرفضون الرحيل ، واتجه أبو زيد وحيداً إلى عاصمة دات الجار، وصل ليلا إلى عند عمه الأمير حسن واخبره خبر رحلته الى برقة وقابس واخبره الطلب بالسفر الى برقة وان يرحل بنو هلال إليها ، لم يكن الأمير حسن يعلم أين برقة وقابس فلم يكن هناك اتصال أو تواصل ولم يعرف بمعلومات عن الوطن الجديد ،كان ذلك حوالي 464 للهجرة النبوية المشرفة الموافق 1044م وهو مايؤكده كتاب لمولف مغربي توجد نسخة منه بعرض سعودي .
اتفق أبو زيد الهلالي مع عمه الأمير حسن بن سرحان على أن يركب في الصباح بعيرا كبيرا وينادي في بني هلال : ( يامن بكرته دنه – أي حلوب – ويامن قربته شنه – أي يابسة من انقطاع الماء - دور السنة ضعنه - أي السفر سيكون العام القادم – برقة برقة وقابس لولا رجالها ) ولك أن تتصور المشهد والصوت في بادية أنهكها الجوع والعطش ، فسارع بنو هلال يهدون أبو زيد إبلا بنفس المواصفات ويجمعون أعددا كبيرة منها تطلعا ليوم الرحيل إلى وطن يحلمون أن يكون وافر الخصب لهم ولمواشيهم وجاءت أكابر القوم لتهدي ابوزيد نفائس إبلها في زهو وفخر ( البكرة - ناقة صغيرة ثنية ) .
أصاب القوم من اللاواء والعناء والجهد الشئ الكثير فلم تنزل الأمطار ولم تجري الرياح فوضعوا ( أوقية من الورس في جبل يهر حتى يعرفوا إن كانت الرياح تهب أم لا فمر عام لم تتحرك كمية الورس من مكانها وهو ما يعني أن الرياح لم تهب - وهذا يضاهي ماتقوم به مراكز الأرصاد في المطارات لمعرفة اتجاهات الرياح في زمننا الحالي .
لبني هلال قاض هو : (عمار) كان غنياً ميسور الحال وكان للأمير حسن بن سرحان ولد أراد أن يأخذ شيئا من أموال القاضي عمار فقال في بيت شعري مخاطبا الأمير :

بلاد بها عمار لامسكني بها شباع حباريها جياع صقورها



فرد الأمير حسن
أنا حسن للقاء ونا حسن التقى أنا حسن مصباح قومي ونورهـــــا
وفكيت في ذودي تسع وتسعين مقرقر ودارت سنة ولا توفت عشارهــــــا
وعند م تضوي علينا من الخلا تسادى شرا نيف البناء في ظهورها
ونحنا طرحنا أوقية الورس بحيدنا يهر ودارت سنين وهي في قرورها
ولا هزت العليا ولا القبلي ولا المشرقية ولافي أيام القيظ هزت حرورهــــــا

- للقاء : للقتال
- للتقئ : للنجدة
- وفكيت في ذودي : أي عملت وبدأت في ابلي
- مقرقر : أي الجمل الهيج
- ولاتوفت عشارها : أي لم تستوفي الإبل التلقيح
- تضوي : أي تعود مساء
- من الخلا : أي من المرعى
- تسادى : أي تتخيل أنها أبنية تتحرك من ضخامتها
- الورس : مادة خفيفة يمكن أن تتطاير بالريح الخفيف اذاهبت
- بحيدنا يهر : أي جبلنا المسمى يهر
- قرورها : أي لم تتطاير وظلت في مكانها
- ولا هزت : أي إذا هب النسيم
- العليا والقبلية والمشرقية : اتجاهات الرياح
وعندما شدوا للرحيل عصرا انشد الأمير حسن بن سرحان أبيات من الشعر :-
سرنا عصير الليل من قرية الهجر وسرنا وهي منا تعاوى قصورها
ولكن في الدنيا بنينا مدينة ولاحيه سوداء رعينا قفورها
وضاقت بنا الدنيا وضقنا منها ولاحيه ثارت وشفنا بروقها
وخذنا على الجوفى ثلاثين عاما واحنا على الهلتى نحفر جذورها
ونحنا على الدنيا كما الليل عابر كما من غروب الشمس لما شروقها
وعندما وصلوا أرضا ربما تكون الآن في منطقة الإحساء شرق السعودية وعبروا الصحاري وتعرضوا لعطش شديد بحثوا عن ماء ليروي عطشهم وطلبوا من سكان المنطقة ماء ليسترووا به ، فوجدوا قرية صغيرة بها قصر منيف وحوله حدائق وبساتين ومياه فطلبوا من صاحب القصر ماء فاشترط عليهم أن يعطوه طلبه على أن يخلي بينهم والماء فقد كانوا في حالة عطش شديد كان صاحب القصر يدعى ( نجما ) وقع طلب نجم على امرأة فكانت زوجة ( صقر الدر ديري ) وطلب سيفا فكان سيف صقر وطلب فرسا طلعت فرس صقر ، فطلب بنو هلال من نجم أن يعيد النظر في طلبه لكنه رفض إلا أن تنفذ القبيلة شرطه قائلا مالي إلا هذا الطلب وإلا مافيه ماء عندي لكم ، فقال صقر إنا مستعد أن أضحي بما املك لبني قومي زوجتي وسيفي وفرسي ، وطلب من نجم أن لايكلمها أو يكشف برقعها إلا بعد أن تغادر بني هلال هذه البقعة وكان نجما يسكن بقصره وعندما اجتمع بنو هلال وتنادوا للرحيل وشدوا ركائبهم كانت الزوجة تتفرج عليهم من شرفة في القصر قالت بيتا من الشعر تصف فيها مشاعرها :
يانجم ما هاضوك بدوا تقللوا يشدوا ركائبهم وشدوا بنوقها
فرد عليها بقوله :
وأنتي على النعمة بدار ظليلة وعلى نخلات طوال عنوقها
فقالت :
فياريت ذي النخلات ذودا شوائلا وحتى مع البدوان ترجئ غبوقها
فرد عليها ببيت شعري لااتذكره الآن
فقالت له بلسان الحب لزوجها صقر :
كبدي على صقر ابن عمي مريضة وكبده على كبدي مريض عروقها
فرد عليها
جبيتي على صقر ابن عمش عطية من جيد ما ترد من مروقها

فقالت بصورة قاطعة ممتنة له أن يتركها لسبيلها
وش هذي العطية ماعليها بحاضر عساك ياولد الفتى ما تعوقها
ثم دللاها بحبل من الشباك من القصر، كان الخفاجي عامر وأبو زيد الهلالي في ظهور الخيل يحومان حول القصر وعندما قربت من الأرض سقط برقعها من وجهها ولمح نجم وجهها أضواء في الجدار وأبان عن جمال سحر لبه وتملك عليه فوأده فندم على انه خلى سبيلها ودللاها بواسطة الحبل فأراد أن يسحب الحبل ثانية إلى الأعلى فأطلق لخفاجي لفرسه العنان فخطفها وسقطت في حضنه على الفرس ، فحبها – أي قبلها في خدها – فقالت على الفور :
مااهواك يابن لخفاجي بن عامر تحب النساء والخيل سبائح
ذا برقعي يسوى ثلاثين بكرة فيه المصفى والذهب صفائح
وخرج نجم ليقاتل حتى يستعيد زوجة صقر لكنه لم يفلح فقالت له شعرا :
يانجم مالهلك من الصيب غيرك إنا أنصحك وتقبل مني النصايح
وحذرك من اسود في مقادم ربوعنا وفي تالي الغارة يحب المدايح
وهجم أبو زيد على نجم وقتله واخذوا السيف والفرس وتحركوا خلف الضعن من بني هلال وبشروا صقرا بعودة زوجته وسيفه وفرسه .
وواصل بنو هلال الرحلة عبر الجزيرة العربية وارض الشام ومكثوا في غزة شهورا
للراحة وواصلوا إلى صعيد مصر ومكثوا فيها وقتا ليس بالقصير وبقي نفر منهم حتى الآن يعرفون أن أصولهم ترجع إلى بني هلال وعند اقترابهم من حدود برقة وقابس تحرك ابوزيد ليلا حتى وصل الى احد قصور ألزناتي خليفة الذي كان ينزل فيه مرعي ابن الأمير حسن بن سرحان و فيه بنت ألزناتي خليفة المسماة ( سعداء ) بوصوله إلى جوار القصر صعد ابوزيد على النخلة حسب الموعد بينه وبين مرعي الرهينة بالقصر وناداه ببيت من الشعر قائلا :
سلام عليك ياولد شيخنا لتعاجت الاشوار عنده فصيلها
فرد مرعي متسائلا :
ونا قول لك حيا ونا قول لك مرحبا عدة حصي بيشة وعدة نخيلها
وريت اللحى ماتبدي إلا لجيد وما النذل مايبدي له الا قليلها
وسأله ببيت كم خلفتم من بني هلال من الربوع هناك فكان جواب أبي زيد :
سرنا وخلفنا نسيين صرية طوال القنا يلقون طعن العباير
عواكة للشور وهم يعرفونه
وسرنا وخلّفنا بلقار بن بحلص له طعنه هذلا وله كون جائر
وعند لقاء الأعداء فلا يرهبونه
وسرنا وخلفنا خليفة بن علبه ذي قال يا بو زيد ما نا بساير
معاد بى ذالخير والشر دونه
وسرنا وخلفنا نمير بن بقة ذي هو يعطي في الجمايل خساير
( ونهاية البيت لا أتذكرها )
و نمير بن بقة هو جد قبائل جردان الهلاليين واسمهم حاليا النمارة
أحبت سعداء مرعي حبا شديدا تملك عليها قلبها واتفقت مع ابوزيد على الزواج
بعد ان يحطبونها من والدها ألزناتي خليفة ، فتقدم ابو زيد ببيت من الشعر إلى ألزناتي خليفة وقال ابوزيد :
سلاما على الشبان بالخيل والقنا وانتو قويتوا يارجال المغاربة
فرد ألزناتي خليفة بالقول
لأقولك حيا ولا قول مرحبا ومنين جيتو ياذياب الشعايبة
فرد ابوزيد :
جينا لبا سعداء خليلة لمرعي نبى نصاهركم ونغدي نسايبة
فرد ألزناتي :
من دونها الأتراك يجلو بياضها كما الخفاجي يوم يجلي ذوائبة
رد ابو زيد :
هذا شفه بوزيد يحمي حماها ويحاسب اللي في التوالي ربائبه
فرد الزناتي
ماكلمك ياعبدنا عام لاول وفيين بن سرحان حتى اجاوبه
فقال ابوزيد في غضب
الوعد والميعاد شرقي قابس ذي ما يلاقي حسن الموس شاربه
ثم تلاقوا حيث الميعاد ودارت معركة شديدة هزم فيا ابوزيد الهلالي الزناتي خليفة وقومه ثم تزوجت سعدا بعد الانتصار من مرعي ابن الأمير حسن بن سرحان
وبعد أن هجموا على برقة وقابس وهزموا ألزناتي خليفة ، قال ألزناتي خليفة شعرا يهجوا ابنته التي ساعدت بني هلال فقال :
رمتنا سعداء رماها الله من السماء وشينتنا شين الله حالها
وبعد ذلك عزم أبو زيد الهلالي إلى العودة إلى الصفحة ببلاد الاحقاف كي يصطحب زوجته عليا بنت اليتامى والتي كانت لاتزال في مرخة
ونادى في بني هلال من يساعفني ـ أي يكون رفقا لي في السفر- واجتمع كثير من بني هلال كل يقول أنا سعيفك وسألهم ماذا ستعملون لي قالوا سنخدمك ، وقال لستم بسعفي ، وجاء ولد يدعى عبد العزيز بن خاله وقال إنا سعيفك وقس ذلولي من ذلولك ، فقال ابوزيد أنت سعيفي فكان رفيقه في الرحلة الى الصفحة
عاد ابوزيد ليأخذ زوجته عليا بنت اليتامى معه إلى برقة وعندما وصلوا مرخة إذا بزوجته تستقبله ببيت تصف فيه فترة غيابه في نظرها فقالت له :
وليش يابوزيد الهلالي سلامة ذي سرت منا شاب واليوم شايب
فرد أبو زيد عليها بقوله : -
شيبت ياعليا من اليأس والرجاء ومن لزات العداء وافتراق الحبايب
ولا ودي أفرقهم وتكثر همومي لاروحوا جانب ونا رحت جانب
ونحنا إذا شبنا تجدد شيوبنا كما العشب لا روح عليه السحايب
وانتن إذا شبتن عليكن زرية تقاطبن خيوط الهوى بالكذايب
وكان لأبي زيد في الصفحة بيت من الشعر له عمود طويل عند دخول الغريب إلى الساكن يراه من بعيد فيقدم إليه وعندما قل المال بيده جرى بينه وبين زوجتة عليا بنت اليتامى هذا الحوار
قالت عليا
يامن لنا ويامن لبيتنا ويامن الذي له الحكم دايم
فرد ابو زيد
الله لنا والله لبيتنا ورزقنا ياتي به بالغنائم
ثم هدم البيت فجاءت عجوز إلى المكان وسالت عن ذلك البيت فقالوا لها إن صاحبه وطاه – أي هده وهدمه –
فقالت العجوز :
كلن بنى بيته وهده ووطأه وكلن وزن عمره بوزن القفال
وعند عزوم ابوزيد وعبد العزيز بن خاله في رحلة عودتهم من الصفحة إلى برقة وقابس وبعد ان قطعوا شيئا من السفر كمل عليهم الماء وأحسوا بالعطش الشديد قال أبو زيد في محل الفلاني يوجد الماء وراح يبحث عنه أي يستسقي الماء فوجد ثعبانا كبيرا حاول ان يلتهمه لكن أبا زيد هرب منه وعاد دون أن يجلب الماء من المكان خوفا من الثعبان ، ثم ذهب عبد العزيز بن خاله وقبل أن يقترب من الماء سمع حفيف الثعبان فسل سيفه وقتل الثعبان وقطع رأسه وملاء القرب بالماء وربط أفواه القرب بجسم الثعبان وعند ما رجع الى ابي زيد قال له قم اطرح القرب من الذلول وعندما لمس القرب وجد جسم الحنش رجع فزعا ولم يطرحها فقال له عبد العزيز حطيت القرب ؟ قال أبو زيد : يطلق عصوب الليل من يلقيها ، ثم بداء ابو زيد يكيد لعبد العزيز وعزم على أن يقتله أثناء الرحلة
وتعمد أن يجرحه في رجله حتى أدمت رجله وقال له ابوزيد باداويك ودس السم في الدواء وسقاه إياه ، وراح وبعد ان قطعوا مرحلة زاد المرض على عبدا لعزيز فقال عبدا لعزيز دنا ما دنا ياخال فك العصايب ، وتوفي عبدا لعزيز من ساعته ، ودفنه ، وواصل الرحلة حتى وصل برقة وقابس .
تلقت والدة عبد العزيز بن خالة أبو زيد عند مقدمه وسألته عن ابنها عبد العزيز بن خاله فقال لها ابو زيد :
غزى على المشقاص بايجيب هجمة وهو حاميها وحامي المضارب
- والمشقاص : منطقة في صحاري المهرة -
فقالت ام عبد العزيز :
لاهو غزى المشقاص بايجيب هجمة ماكان ابوزيد منها بغايب
عزيز لاهو حي جانا كتابه ولا يعلم الغياب غير الكتاب
وفي إحدى الليالي كان أبو زيد يسمر مع زوجته فيما كانت أم عبدا لعزيز بن خاله تدور حول البيت وكان ابوزيد يقول شعرا إمام زوجته عليا بنت اليتامى ويقول :
هذي عجوز الويل تلوي بزربنا كما الذيب لي يمسي يشوع الزرايب
ويازينة العينين قومي واند بي وقولي غدا منا عذاب الركائب
عزيز ذي يسقى من الماء رفيقة لاغمت الغدراء خشوم الشعائب
فقامت عليا بنت اليتامى تندب والنساء كذلك يندبن عبد العزيز بن خاله وانتشر الخبر بوفاة عبد العزيز بن خاله وشاع في بني هلال وفقدوا بذلك واحدا من أشجع أبناؤهم في ذلك الزمان .
كان الأمير حسن بن سرحان يحب أبي زيد حبا شديدا وهو ما جعل الكبار في بني هلال يشتكون عنده بأنك أيها الأمير تحبه أكثر منا فقال ساحكم بينكم ببيت من الشعر :
بوزيد الهلالي سلامه بوزيد يعدل بكم ويميل
وكان هناك تنافس بين ابوزيد الهلالي وذياب بن غانم على الزعامة بعد الأمير حسن بن سرحان وكان عندهم حداد - أي رجل يعمل في صناعة الأسلحة مثل السيوف والرماح والاعنة - وأبو زيد في حساباته انه لايموت إلا بالة سلاح اسمه ( دنبوس الفتن ) ومسوي للحداد بكرة في كل سنة على ان لا يصنع السلاح المذكور ويسلمه لذياب بن غانم وبعد موت الأمير حسن بن سرحان أغرى ذياب بن غانم الحداد حتى يقوم بصناعة ( دنبوس الفتن ) ليقتل به أبو زيد الهلالي وفي يوم من الأيام كانت جنازة ونزل أبو زيد الهلالي ليضع الميت في لحده كعادة دفن الأموات وغنم ذياب بن غانم الفرصة لقتل ابو زيد الهلالي سلامة وضربه ( بد نبوس الفتن ) ولحظ فيه ابوزيد الهلالي وقال بيتين من الشعر
وراح جملي في ذياب بن غانم كما راحت الحسنى في الحداد
ضربني بدنبوس الفتن من يمينه وخل راسي كا لقمة الزاد
وتوفي أبو زيد الهلالي سلامه بساعته .
وعندما توفى أمير بني هلال حسن بن سرحان وقتل ابو زيد الهلالي سلامه وتولى القيادة بعد ذلك ذياب بن غانم أنا شخصيا قلت معلوماتي لهذه الفترة من تاريخ بني هلال كيف سار الحكم لذياب بن غانم بل إنني قرأت في بعض الكتب المصرية تشيد بما قام به ذياب بن غانم وتمجده ولكنني لم أتذكر شي من تاريخ تلك الفترة حتى اشرح لكم مالذي حدث بالضبط .
وكلما ذكرته عن رحلة بني هلال الى برقة وقابس هي من كلام الشيبان القدامى الذين عاصرتهم فتى وشابا وفي مقدمتهم المرحوم سالم بن بعلول بن بريك الخليفي الهلالي وهو من سكان مري خليفة قرية لخبه وهو لديه معرفة بتاريخ وأفكار يصفها للناس لكن لم يكن في وقت زمانه أي تدوين يكتب حتى يعرف الخلف عن السلف .
وكلما قدمته من معلومات فهي قليل من كثير من الأخبار ، وصحيحة بدون إنكار وتشهد لها الآثار ، في جبل يهر ودات الجار ، وأيضا تشهد له الأشعار ، التي يتناجون بها بنو هلال الأخيار ، والسلام عليكم ورحمة الله العزيز الغفار
وهذا الحوار صار بين الوالد احمد بن عوض بن ناصر لغجل والولد احمد بن زين بن سالم باحميد في مدينة عتق
5 صفر 1435 للهجرة النبوي المشرفة
الموافق 31 يناير من عام 2015م



©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©