عنوان الموضوع : الكنز المفقود من قضايا المجتمع
كاتب الموضوع : kouka
مقدم من طرف منتديات ايمازيغن

الكنز المفقود


د. علي بن عمر بادحدح
كنْز غالي الثمن، بل لا يوجد ما هو أغلى منه، القلوب به متعلقة، والنفوس إليه متشوقة، والعقول فيه مفكّرة، والبشر عنه يبحثون، وإليه يلهثون وفيه يتنافسون، ولكن كثير من الناس منه محرمون، وعنه بعيدون، فما هو هذا الكنز المفقود ؟
كل إنسان يبحث عن السعادة العظمى والثروة الكبرى، ويفتش عن الطمأنينة المستقرة والراحة المستمرة؟ أليس كل أحد يرغب في أن يملأ السرور قلبه، وأن تغمر البهجة نفسه وأن تعلوا البسمة وجهه؟
إلى كل الباحثين عن السعادة أقول: إنها تنبع من الداخل، ولا تستجلب من الخارج.
إن منبع السعادة في هذا الدين العظيم، يشعر بها المؤمن الصادق والمسلم المخلص صاحب الكلمة الذاكرة والدمعة الخاشعة والجبهة الساجدة... إنه المؤمن الموصول بالله.
إن اللذة والسعادة تكمن في الإيمان، والسعي لنيل رضى الرحمن ، وعبادة الملك الديّان. فلننظر إلى هذه اللذة التي ذاقها المؤمنون، وعلّمها للناس الأنبياء والمرسلون، واقتطف ثمارها وتمتع بأذواقها عباد الله الصالحون.
معالم على طريق السعادة: وحدة وقوة التعلّق:
إن أعظم منن الله ونعمه على العبد الإيمان والتوحيد الذي يربطه بالله وحده لتكون حياته كلها لله سبحانه وتعالى {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. { لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [ الأنعام: 163 – 162 ] ، وتتضح غايته في الحياة {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [ الذاريات: 56 ] ، ما أعظم أن يكون العبد الضعيف الفقير العاجز مرتبطاً بالله القوي الغني القاهر، الله الذي لا منتهى لكماله، ولا نهاية لجلاله، إنه حينئذ يرتبط بالسماء، يرتبط بنور الوحي الذي يعطي لهذه الروح غذاءها الذي جعله الله في الإيمان الحق الذي يجد فيه المؤمن اللذة والحلاوة والمتعة والسعادة وطمأنينة القلب وسكينة النفس، كما قال رسولنا الأمين صلى الله عليه وسلم : ( ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربً وبالإسلام ديناً وبمحمدً صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً ) (رواه مسلم/رقم34). إنها وجهة واحدة عظيمة عظمة كتناهية، لا أهواء متعددة، ومقاصد متباينة تحير العقل وتكدر الخاطر وتغم القلب والنفس.
ما أعظم هذا الاستقرار والسكينة عندما يخضع المؤمن لإله واحد بينما غيره من الناس يخضعون لقوى البشر يخشون منها ضراً أو يرجون منها نفعاً، بينما المؤمن حر طليق لا تعلق له ولا تعبد إلا لله وحده، صلته بالله وحده حبّا له وخشية منه، وإنابة إليه، وتوكلاً عليه.
وحدة وعظمة التألق:
الناس يبحثون عن قدوات عظيمة يقلدونها ونماذج بشرية يتبعونها بينما المؤمن قدوته العظمى وأسوته المثلى رسول الله صلى الله عليه وسلم {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً} (الأحزاب: 21 ) فتتوحد الوجهة وتتفرد القدوة ويتجلى الصراط المستقيم فتنسكب الطمأنينة في القلب، قدوة اجتمع فيها ما تفرق من الكمال البشري، نظرات عقله راجحة، وأساليب دعوته حكيمة، وحسن معاملته عظيمة، رحمته غامرة، وهيبته حاضرة، وسماحته ظاهرة، هو الزوج الكريم والأب الرحيم والقائد القوي والصديق والششجاع الكمي، والمخطط العبقري، والمعلم التربوي، والرائد الحضاري، والرجل الإنساني، قدوة شاملة كاملة معصومة. ما أعظمها من قدوة وما أحلاها من لذة لمن يعيش معها ويرتبطبها إنه إذن لن يفارقها، كما أخبر صلى الله عليه وسلم عن ذلك بقوله: (ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار) [ صحيح البخاري رقم(16، صحيح مسلم،رقم43 ] هذه المشاعر الفياضة من المحبة والميل العاطفي يغذيها الإيمان وينميها ويجعلها متعةً ولذة في هذه الحياة، مما جعل سلف الأمة يقولون عندما تذوقوا هذه الحلاوة - والله إنا لفي لذة لو علمها الملوك وأبناء الملوك لجالدونا عليها بالسيوف - ، لقد ذاقوا طعم الصلة بالله سبحانه وتعالى فلم تتعلق قلوبهم بسواه، وارتبطت حياتهم كلها عملاً وطموحاً برسول الله فلم تكن لهم قدوة سواه، فتحققت لهم منح ربانية عظيمة يخبر عنها النبي صلى الله عليه وسلم فيقول: ( إن الله إذا أحب عبداً دعا جبريل فقال إني أحب فلاناً فأحبه قال فيحبه جبريل ثم ينادي في السماء فيقول إن الله يحب فلاناً فأحبوه فيحبه أهل السماء قال ثم يوضع له القبول في الأرض ) [ صحيح مسلم2637 ] ، فإذا رأيت القلوب تهفو إليك والأيدي تصافحك، والوجوه تبتسم لك و العيون تنظر إليك نظرة المحبة، فاعلم أنها لغة الحب الإيماني وكلمات الشعور القلبي التي تتحقق بها السعادة وأن هذه الآثار هي ثمرات الإيمان انعكست في حياتك طمأنينة وسعادة وهناء.
ولقد ادرك الحسن البصري أثر الصلة بالله تعالى على حياة العبد وسعادته فقال حين سئل: ( ما بال أهل الليل على وجوههم نور؟ قال: خلوا إلى ربهم فألبسهم من نوره سبحانه وتعالى) ولذلك تجد المؤمن في خضم المحن وشدة الابتلاء ساكن النفس مطمئن البال، واثقاً بوعد الله عز وجل ونصره سبحانه وتعالى كما قال صلى الله عليه وسلم لأبي بكر ( ما ظنك باثنين الله ثالثهما ) ، وكما قال موسى لقومه حين قالوا له { إنا لمدركون } { قال كلا إن معي ربي سيهدين } وكما أخبر الله تعالى عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ. فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ } [ آل عمران: 173-174 ] ، فما أعظم هذه الطمأنينة المنسكبة في القلب لا يكون معها خوف مقلق ولا ألم محزن.

الصلة بالله أفراح وأشواق:
عندما يتعلق قلب المؤمن بالله ويتصل به، يجد في قلبه فرحاً بفضله وشوقاً للقائه، ولسان حاله كما قال الشاعر:
فليتك تحلو والحياة مريرةٌ***وليتك ترضى والأنام غضابُ
إذا صح منك الود فالكل هينٌ***وكل الذي فوق التراب ترابُ
فتكون الأشواق والأفراح كلها مرتبطة بالله تعالى، فالفرح الحقيقي يكون مرتبطاً بالله {قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ} [ يونس: 58 ] ، فعندما يفرح الناس بالعلاوات وزيادة الأموال والأولاد ويفرحون بالدور والقصور، يفرح المؤمن بسجدة خاشعة في ليلة ساكنة في وقت سحر يناجي فيها ربه ويسكب دمعه و يتضرع بدعوة { تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ } [ السجدة: 16 ] ، هذا الشوق الذي يستولي على القلب عندما يتغلغل فيه الإيمان فيجعله يتجافى عن دار الغرور وزخرفها وزينتها ويتطلع إلى لقاء الله.
عندما نعلم ذلك ونحس به لن نستغرب فرحة بلال رضي الله عنه عندما حانت وفاته فردد فرحاً مستبشرا - غداً ألقى الأحبة محمداً وصحبه - .
الصلة بالله تضحية وفداء:
المؤمن يعلم أن الحياة الدنيا دار ممر، والآخرة هي المستقر، وأن الراحة الحقيقية في الدنيا هي في طاعة الله والعمل على نشر دينه لتكون كلمة الله هي العليا، ومن أدرك هذه الحقيقة وعرفها أدرك سبب فعل أنس ابن النضر رضي الله عنه حينما هاجه الشوق إلى لقاء الله سبحانه في أحد ليعوض ما فاته في بدر فانطلق مشتاقاً راغباً، ومحباً صادقاً للقاء الله سبحانه وتعالى والاستشهاد في سبيله، وهو يقول (الجنة ورب النضر إني أجد ريحها من دون أحد قال سعد فما استطعت يا رسول الله ما صنع قال أنس فوجدنا به بضعا وثمانين ضربة بالسيف أو طعنة برمح أو رمية بسهم ووجدناه قد قتل وقد مثل به المشركون فما عرفه أحد إلا أخته ببنانه) (1) فيحقق الله له مناه فيختاره شهيداً في سبيله.
وذاك عمير بن الحمام رضي الله عنه يسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول حينما دنا المشركون في بدر: (قوموا إلى جنة عرضها السماوات والأرض) قال يقول عمير بن الحمام الأنصاري يا رسول الله: جنة عرضها السماوات والأرض قال: (نعم) قال بخ بخ. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما يحملك على قولك بخ بخ؟ ) قال لا والله يا رسول الله إلا رجاء أن أكون من أهلها، قال: (فإنك من أهلها) فأخرج تمرات من قرنه فجعل يأكل منهن ثم قال لئن أنا حييت حتى آكل تمراتي هذه إنها لحياة طويلة قال فرمى بما كان معه من التمر ثم قاتلهم حتى قتل (2) .
الصلة بالله جماع كل خير:
وذلك أن الإيمان يحيل الحياة كلها إلى جنة خضراء، يتنعم فيها المؤمن لعلمه ويقينه وإيمانه بأن ما أصابه كله قدر من الله تعالى، وفيه له خير، وله به أجر، وحاله متغلب بين نعمة يشكرها، وبلية يصبر عليها حتى إن حاله هذا يستحق، كما وصف ذلك رسول الهدى صلى الله عليه وسلم بقوله: ( عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله له خير إن أصابته سراء شكر وإن أصابته ضراء صبر وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن )، ففي كل الأحوال يرى حكمة الله، ويسلم لأمر الله، ويبتغي في السراء وفي الضراء رضوان الله ويلتمس في كل آن أجر الله في كل صغيرة وكبيرة حتى الشوكة يشاكها يكفر الله سبحانه وتعالى بها من خطاياه.
الصلة بالله إيجابية وعطاء:
إنها نعمة لا تدانيها نعمة ولا توازيها منة عندما ينشغل الناس بجمع الأموال والثروات، وينشغل العبد المؤمن بجمع الأجور والحسنات، يلتمس أجراً هنا وحسنةً هناك، كما كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لا يتنافسون على غنائم الدنيا ولا على لعلعاتها وإنما نرى لهم صورة رائعة صورها أبو ذر في حديثه حيث قال: ( أن ناسا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم يا رسول الله ذهب أهل الدثور بالأجور يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم ويتصدقون بفضول أموالهم قال أو ليس قد جعل الله لكم ما تصدقون إن بكل تسبيحة صدقة وكل تكبيرة صدقة وكل تحميدة صدقة وكل تهليلة صدقة وأمر بالمعروف صدقة ونهى عن منكر صدقة وفي بضع أحدكم صدقة قالوا يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر قال أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجرا) (3) .، وفي رواية (فرجع فقراء المهاجرين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا سمع إخواننا أهل الأموال بما فعلنا ففعلوا مثله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك فضل الله يؤته من يشاء) (4) .
وقد بلغ الصحابة من الإيجابية والعطاء أن احدهم كان إذا لم يجد ما يتصدق به يعمل حمالاً، لا ليتوسع في الرزق ولا ليرفع من مستوى المعبشة ولا ليزيد في الأرصدة ولا ليؤمن المستقبل كما يقول الناس اليوم، ولكن يحمل الحمالة ليجد ما يطعمه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعن ابن عباس قال أصاب نبي الله صلى الله عليه وسلم خصاصة فبلغ ذلك عليا فخرج يلتمس عملا يصيب فيه شيئا ليقيت به رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتى بستانا لرجل من اليهود فاستقى له سبعة عشر دلوا كل دلو بتمرة فخيره اليهودي من تمره سبع عشرة عجوة فجاء بها إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم (5) .
الصلة بالله سعادة وهناء:
فإذا ما انشغلت ألسنة الناس بسفساف القول والكذب والغيبة والنميمة، تجد المؤمن يرطب لسانه بذكر الله، ويجلو قلبه بالاستغفار وقراءة القرآن، عملاً بوصية المصطفى صلى الله عليه وسلم إذ يقول: ( لا يزال لسانك رطباً بذكر الله ) ويقرأ القرآن ويستمع إليه وينصت لتنزل عليه الرحمة والسكينة، كما في قوله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [ الأعراف: 204 ] وكما في قول النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم: (وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده ) .
وإذا ملأ الناس لياليهم بالصخب والسهر وربما بالمعاصي والآثام من الأفلام الماجنة والأغاني الهابطة، يقوم المؤمن في هدأة الليل ليخلو بربه ويناجيه ويصف أقدامه قائماً لله، ويمرّغ جبهته ساجداً لله، ويذرف دمعته ضارعاً لله، ويغتنم أعظم الأوقات حين ينزل الحق سبحانه في الثلث الأخير من الليل نزولاً يليق بجلاله، كما أخبر عن النبي عليه الصلاة والسلام بقوله ( ينزل ربنا إذا بقي الثلث الأخير من الليل فينادي هل من سائل فأعطيه هل من تائب فأتوب عليه هل من مستغفراً فأغفر له وذلك الدهر كله )، فكيف لا ينال السعادة من كانت هذه حاله، وكان بالله اتصاله، وقد وعده رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة بقوله ( أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا الأرحام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا جنة ربكم بسلام).
ما بال أكثر الناس اليوم يستيقظون متجهمين عابسين مقطبين، بينما المؤمن يقوم في صباح يومه نشيطاً منشرحاً، السبب في ذلك يبينه لنا النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد يضرب كل عقدة عليك ليل طويل فارقد فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدة فإن توضأ انحلت عقدة فإن صلى انحلت عقدة فأصبح نشيطا طيب النفس وإلا أصبح خبيث النفس كسلان).
كل مؤمن بيده مفاتيح السعادة ولديه القدرة على الوصول إلى منتهى السعادة وغاية السرور وكمال الانشراح وتمام الإقبال واللذة وذلك يتحقق بالصلة بالله تعالى، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم : (وجعلت قرة عيني في الصلاة) وكان يقول عليه الصلاة والسلام (أرحنا بها يا بلال ) .
فالعبادة ليست سكوناً بل حركة، وليست ضعفاً بل قوة، وليست سلبية بل إيجابية، وليست اضطراباً بل طمانينة، ولذلك كانت العبادة أحب إلى المؤمنين من أجمل اللذات وأحسن المتع، ولنتأمل لذة الجهاد في سبيل الله عند خالد بن الوليد رضي الله عنه إذ يقول: - ما ليلة تهدى إلي فيها عروس أنا لها محب مشتاق أحب إلي من ليلة شديد قرها كثيراً مطرها أصبح فيها العدو فأقاتلهم في سبيل الله عز وجل -.
ينبغي لنا أن نراجع أنفسنا فلا تشغلنا هذه الحياة بمطالبها المادية، ولا بمتعها الزائل، ولا بلذاتها العارضة، وأن نعلم أن في الإيمان والطاعة والعبادة لذة لا تعدلها لذة، بل وفيها التوفيق والتيسير والرزق كما قال تعالى{ومن يتق الله يرزقه من حيث لا يحتسب}، إنها السر الإيماني الذي يحيل الظلمة نوراً ويقلب الحزن سروراً
فالله الله في العبادة، والله الله في الإخلاص، والله الله في المناجاة، والله الله في تلاوة القرآن، والله الله في لحظات الأسحار والله الله في الأذكار والاستغفار الله الله في تصفية القلوب وتهذيب النفوس. نسأل الله العظيم من فضله وكرمه. إنه سميع قريب.
------------
الهوامش :
(1) صحيح البخاري رقم(2595).
(2) صحيح مسلم ، رقم (3520).
(3) صحيح مسلم ، رقم (1674) .
(4) صحيح مسلم ، رقم(936).
(5) سنن ابن ماجه ، رقم (2437)

منقول




©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©