عنوان الموضوع : مسابقات الجمال.. ابتذالٌ بلا حدود! خاص بالنساء
كاتب الموضوع : inzou07
مقدم من طرف منتديات ايمازيغن


الجمال نعمة جميلة من نعم الحياة، ووسيلة إلى غاية تهفو لها النفس، ورحلة إلى متعة تنشدها القلوب.. فهو يلعبُ دوراً كبيراً في حياة الإنسان، الإنسان الذي منحه الله نعمة القدرة على الإحساس بالجمال واستيعابه والتمتع به، وحساسية إدراك الجمال اختص بها الإنسان كونه أرقى المخلوقات المتّقد بالعاطفة ورهف المشاعر، فهو بدافع فطري يطفو على موجات الجمال السابحة في بحور الحياة، وحين يشعر بالعطش، تبحث عيناه وهي أول وسائل الالتقاط ليرى صورته الإنسانية بكل ما هو جميل، ومن هنا ندرك أن الجمال شعورٌ طليق، ينبعُ من دواخلنا، فتتأثر به نفوسنا، ونلمس ونحسّ بقيمة الجمال في مرآة أي صورة، وننفعل به، لكن بالمقابل يبقى هو السرّ الأزلي فيصعب علينا التعرف على ماهيته الحقيقية وملامحه الدقيقة وأسراره.. والمرأة الجميلة إذا تغنت بجمالها فستجد من يستمع إليها ولو كانت وحيدة في جوف الصحراء، فالجمال شعاع نور ينثر أريجه في كل فضاء، وتبقى حواء حلماً متوهجاً في ذاكرة الزمن، وعطاءً دفاقا في قافلة التاريخ ملهمة للكلمة وموحية للشعر وقيثارة الليل.
لقد استطاعت الحضارة المعاصرة (تحت مسماها الواسع الفضفاض) الترويج لإحدى المهارات المريبة بما سمّي بمسابقات اختيار ملكات الجمال، وهي بالمحصّلة مهرجانات صاخبة ومشبوهة تجعل المرأة سلعة رخيصة معروضة للناظرين، حيث يتم استغلالها تجارياً لتحقيق مكاسب وأرباح في ترويج صارخ لجسد عبر مشاهد تعريه أمام الجميع في مباريات مكشوفة لاستعراض أجساد النساء وأخذ مقاييس أطرافهن وأعضائهن وهن في حالة أقرب إلى العُري، مما لا يرتضيه عُرفٌ سليم، ولا أخلاق كريمة، ولا تعاليم دين سماوي يهدي إلى سواء السبيل من أجل صلاح المجتمعات وحفظ الأنساب والإبقاء على السرّ الإلهي المحقق لشروط العلاقة الطبيعية بين المرأة والرجل في ظل تعاليم سامية وقيم نبيلة.
نتابع تلك المشاهد المخزية فنجد تجمعاً غير معقول في مسابقة سمجة لعدد كبير من الفتيات، يستعرضن أجسادهن بإغراء تشتعل أمامه العيون، مشاهد مبتذلة مثيرة مليئة بالاستخفاف لسرقة الهتاف المحموم والاستحسان الغبي عبر ملامح صناعية مثقلة بالمكياج، وأناقة تصحبها خبرة مدروسة فيعرضن ما يثير الغرائز بجدارة ليستقطبن انتباه النظّارة، فتتعلق بهن الأبصار وتتدحرج الآهات، أما الذي يجري لتمام عملية الخداع والتضليل فهو في تفاصيل ما يجري، إذ يتم تفحص المتسابقة بلمسات على جسدها، والكشف عن أسنانها، وتحسس أطرافها واتساق أعضائها لتُدون قياسات مركبة لطول الرقبة وبروز الصدر ودقة الخصر ومحيط الأرداف، والمتسابقة تقف شبه عارية، مسلوبة الإرادة كالجماد تاركة الرجال يعبثون بجسدها كما يشاؤون، وما إن ينتهي هذا الاستعراض المبتذل لعشرات من المتسابقات من أطراف العالم، حتى يأتي الدور الأهم في انتقاء الفائزة وفق شروطٍ غايةٍ في الإسفاف، كثيراً ما تكون سياسية أو تقويمية أو حتى تابعة لإقليمية رخيصة كي يطُلقوا عليها لقب ملكة الجمال مع اختيار وصيفة أولى وثانية.
والحقيقة هي أن القائمين على مثل هذه المسابقات يتخذون من المرأة سلعة، ويمتهن كرامتها وأنوثتها، ويتاجرون صراحة بها إرضاء للرغباتِ والأهواء وتافه المقاصد، أهمها الكسب غير المشروع والسهل، وهذه الحضارة المنكوبة بالتسميات الرخيصة تعود بالأنثى إلى عصر الجاهلية وأسواق النخاسة والتجارة بالرقيق الأبيض لما فيها من استعراض رخيص لأجساد الفتيات، حيث يتضح للجميع أن مسابقات ملكات الجمال هي عروض خارجة عن النص الطبيعي، مسكونة بحمى الوادي عبر عزف مشروخ منفلت من إطار المشروعية، والفضائيات تنشغل بنقلها لجذب أناس مبهورين بالنغم الأنثوي المسافر في أعماقهم المستحوذ على عقولهم الهشة، وهي تجمعات تُنتهك فيها الحرمات بما تظهره من عورات للفتيات اللواتي يتم تشجيعهن على عدم الالتزام بالحياء وبالأخلاق، وتتسابق القنوات المغرضة لنقل صور ربات الفساد بكامل زينتهن متبرجاتٍ سافراتٍ شبه عاريات والحقيقة أنهن تعرين من كل حياء شرعي وفطري وإنساني.
المنظمون لمسابقات ملكات الجمال هم أناسٌ هانت في نظرهم المروءة واهتزت في نفوسهم معايير الأخلاق فهم يتكئون على المكتسبات الجمالية والمعطيات الإغرائية للمرأة لتحقيق مكاسب لهم عبر احتساب نقاط التفوق والجمال لدى المتسابقات طبقاً لأطوال قياسية للجسم والصدر والطول والعرض وخفة الدم وطريقة التقصع والدلع على خشبة المسرح، وعلى هؤلاء الذين تولوا بث هذه المسابقات المشبوهة أن يُدركوا حجم الهدم الذي ينشرونه في عقول شبابنا وبناتنا، والأجدر بالقائمين على القنوات الناقلة لذاك الإسفاف ألا يقلدوا الغرباء أو المفسدين من أهل الأرض تقليداً أعمى فقد آن الأوان لأن يمدوا يد الإصلاح والتهذيب إلى البرامج المبتذلة ليقيموها على سواء السبيل.
إن المهرجانات الصاخبة هنا وهناك، التي تقام لانتخاب مَلِكات جمال تحت مسميات غريبة وعجيبة هي بدعة من أشد البدع خطراً على الدين والأخلاق، وهي حرام بيِّن لما فيها من كشفٍ للعورات وتحريض على الفتنة عبر استعراض أجساد الأنثى، ملامح متجمدة تحت صقيع الابتذال وحضور هش زائف يلجم إجابات اللحظة ويحرث الشفاه بتساؤلات حادة موغلة بالألم، كيف يهزأون بقيمة المرأة ويستخفون بإنسانيتها ويستبيحون حرمتها وينتهكون عالمها المكنون ؟ وكأن المرأة مجرد لوحة تستمتع بها الأعين النازحة من دوائر الحياء ممن تطربهم مناظر الإغراء وتسحرهم لوحات الغرام وتسلب عقولهم مواقف الهوى، ونحمد الله أن ديننا الحنيف لا ينظر لهذه المسابقات بعين الرضا أو القبول فهي حرامٌ بينٌ وأمرٌ لا يُقره الدين ولا تُقره أخلاق الفطرة، لذا فالمرأة المسلمة عليها أن تفخر بأن دينها الحنيف قد صانها ونأى بها من أن تُمتهن فحفظ لها جسدها وكيانها كله وجعلها موطناً للصون والحصانة ورمزاً للعفة والوقار فحصّنها من قلوبٍ مريضةٍ كما كفاها أذى الخبثاء وصرف عنها كلَ سوءٍ وأبقاها في حصن الفضيلة والشرف لتعيش في ظل دينها بكرامةٍ وعزةٍ تملأ أوقاتها بالحب والخير وتجعل الحنان يُرفرف على مملكتها والدفء والأمان يُظللان أسرتها فتغرد عصافير السعادة في أركان بيتها.
على المرأة العربية أن تدرك أن كتاب جمالها يجب ألاَّ يتخطى تاريخها الجميل وصفحاتها المضيئة لتعتلي عرش الجمال كي تبرز أنوثتها بمفهومها الأصيل عبر طريقة محتشمة تؤكد جدارتها وتميزها مما يتيح لها التعبير عن ذاتها لتفتح نوافذها على العالم والحياة، لتفوح بعبير متميز راق، وأنتِ سيدتي عليكِ أن تعززي جمالكِ بتنمية ثقتكِ بنفسكِ التي تشمل تقديركِ لذاتكِ واحترامكِ لمبادئكِ وإجلالك لقيمكِ العربية الأصيلة وتجنبكِ لكل ما يسيء لكرامتكِ وهذا كله يُضفي على جمالك سحراً أخاذاً يتعمق ويزداد مع تعاقب الأيام، أدركي معنى المسؤولية واحملي سماتنا وثقافتنا وعبّري عن هويتنا وحضارتنا الشرقية الممتدة عبر العصور.




©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©