عنوان الموضوع : خير الدين بربارويس وأخيه عروج سيدا البحر المتوسط في القرن الماضي تاريخ الجزائر
كاتب الموضوع : hamida
مقدم من طرف منتديات ايمازيغن


بسم الله الرحمن الرحيم
(1)
سيدا البحر المتوسط في القرن السادس عشر الميلادي
خير الدين بربروس وأخيه عروج
إن دراسة التاريخ العربي الإسلامي تثير إعجاب الدارس لدرجة أنها تثير الاستغراب والدهشة بالنسبة لكل حيثياته ، وهي صفة لا نجدها إطلاقاً في تاريخ الأمم عبر التاريخ ، إنها صفة إعجاز فيه له وليست لغيره ، فأنت عندما تدرس تاريخ أي أمة من الأمم دراسة وعلى درجة عالية من الموضوعية تلاحظ التشابه فيما تدرس فالحياة الإنسانية مهما تنوعت فعناصر التشابه موجودة بين البشر ، وهذا أمر لا يثير الاستغراب و يتوضح بجلاء في ثوابت أسس قيام الحضارة الإنسانية أي كانت أو زوالها ، فالحضارات الإنسانية عبر التاريخ الإنسانية قامت ثم زالت زوالاً لم يبق منها إلا آثارها في البناء والعلوم أما ما يميز الحضارة العربية الإسلامية فهو البقاء والديمومة وذلك يشمل آثارها وأصحابها على الرغم من أن الكوارث التي تعرضت كانت كافية للقضاء عليها ومحو وآثارها ، ومما يزيد الأمر استغرابا ودهشة تتابع هذه الكوارث وبقاء هذه الحضارة والأمثلة ليست بخافية على أحد ، فالكوارث الداخلية ثم الغزو التدميري الخارجي كالغزو الفرنجي الذي لم يكد يتخلص منه حتى كانت كارثة التتار والغزوات الصليبية الجديدة كل هذه الكوارث وغيرها نضيف إليها أهدافها المشتركة للقضاء وبلا هوادة على العرب والمسلمين وحضارتهم إلى درجة الإبادة بل سحقها لو استطاعوا0
ومع ذلك فتاريخنا لازال يتدفق وكأنه نهر كأضخم نهر عرفته الإنسانية لم يهرم ولن يعرف الهرم ولم يعكر نقاء مائه إلا فترات يقوم أصحابه هم أنفسهم بتعكير صفوه ولكنهم وفجأة يصحون فتراهم يحجمون عن سوء أفعالهم ليعود النهر لصفائه ونقاوته ، فالخلاف بين سيدنا علي وسيدنا معاوية رضي الله عنهما كاد أن يودي بالأمة فكان الحسين رضي الله عنه بقعة الضوء فيها وعادة وحدة الأمة إلى سابق عهدها وكذلك كان عبد الرحمن الداخل والمنصور ابن أبي عامر وعماد الدين الزنكي وابنه نور الدين وغيرهم بقع ضوء في هذا التاريخ وذلك حينما ييئس الناس من واقع ويصلون إلى درجة يظنون فيها أن هذه الكارثة هي النهاية حينها يأتي نصر الله متمثلاً في بقع ضوء تبدو صغيرة وقد لا يكترث بها تعيد للأمة قوتها وحيويتها وتثبت للدنيا بأن هذه الأمة وهذا التاريخ باق حتى يرث الله الأرض ومن عليها ، وكذلك لقد كان دعم الدولة العثمانية وما قدمته بقعة ضوء في تاريخ هذه الأمة فكان دعمها للخير الدين بربروس وأخيه عروج اللذين مثّلا أوسع بقعة للضوء فوق مياه البحر المتوسط في العقد الأول وحتى منتصف القرن السادس عشر الميلادي ، ليمثل جهادهما علامة فارقة لجهاد العرب والمسلمين في وجه أعداء الأمة والراغبين في زوالها نعم لقد أثبت هذان الأخوان وأمثالهما من المجاهدين أن هذه الأمة هم أمة السلم وهي أمة الجهاد لإحقاق الحق ودفع الظلم وهذه الثوابت وتلك الصفات هي صفات أمة حق لها أن لا تعرف الزوال وأن لا تعرف الموت بل لا يريد الله لها أن تموت 0
البحر المتوسط
لابد من التعريف بهذا البحر الذي كان ساحة للعمليات العامة التي قام بها هذا الأخوان رحمهما الله تعالى ، تبلغ



(2)
مساحة هذا البحر 2966000 كم2 وأقصى طول بين الساحل السوري ومضيق جبل طارق وهو همزة الوصل بين قارات العالم القديم أوربة من الشمال وأفريقية من الجنوب وأسيا من الغرب وعليه قامت أهم حضارات الدنيا وتتصارع القوى الكبرى قديماً وحديثاً للسيطرة عليه ولقد زادت قناة السويس من أهميته حيث اختصرت أكثر من أربعة آلاف كيلومتر بالدوران حول رأس الرجاء الصالح للوصول للهند درة التاج البريطاني سابقاً بوصل البحر المتوسط بالبحر الأحمر بعد حفر قناة السويس ، وللعلم إن هذا البحر هو أكثر بحار الدنيا كثافة حيث تقدر الكثافة البشرية عليه 016ر0 ن/كم2 وفوق مياه هذا البحر جرت كل العمليات العسكرية البحرية التي قام بها الأخوان خير الدين وأخاه عروج بجهد شخصي في بداية الأمر ورداً على محاولات الأسبان والبرتغاليون الذين أخرجوا العرب من الأندلس ومن ثم بدعم من قبل الدولة العثمانية في عهدي السلطان سليم الأول سـليـم الأول وسليمان القانوي وقد كان السلطان سليم الذي كان ذو شخصية قوية ، وهو عسكري بفطرته ، رأى السلطان سليم أن دولته قد أصبحت أقوى الدول الإسلامية آنذاك ؛ لذا عليه أن يقوم بالمهمة الملقاة على عائقه في توحيد أبناء الأمة المسلمة للوقف في وجه الهجمات الأوربية للتخفيف عن المسلمين في الغرب والشر.
وسعى لضم الدول العربية أما السلطان سليمان القانوني ونشأ محباً للعلم والأدب والعلماء والأدباء والفقهاء ، واشتهر منذ شبابه بالجدية والوقار، وتولى الخلافة بعد وفاة أبيه عام 926 وعمره 26 عاماً ، وكان متأنياً في جميع أموره ولا يتعجل في الأعمال التي يريد تنفيذها بل كان يفكر بعمق ثم يقرر وإذا اتخذ قراراً لا يرجع عنه، وفي عهده بلغت الدولة أوج قوتها واتساعها.
تعريف بالأخوين خير الدين بربروس وأخيه عروج
كان من آثار التهجير الجماعي للعرب والمسلمين من الأندلس ونزوح أعداد كبيرة منهم إلىالشمال الأفريقي والأفعال غير الإنسانية التي فعلها من قام بإخراج العرب المسلمين من الأندلس إلى أن وصل الحد محاسبة الأندلسيين على أسلوب تكفين موتاهم وحتى لون الكفن يجب أن لا يكون أبيضاً وإلا تعرض أهل الميت كلهم للموت مع التمثيل بهم قبل موتهم ، والأرقام المسجلة بين سنة 1609 – و – 1611 م لأمثال هذه الحالات في الوثائق الرسمية الأسبانية بلغت 50000 ألف إنسان ، وهذا التهجير أدى إلى حدوث العديد من المشكلات الاجتماعية والاقتصادية في ولايات الشمالالأفريقي 0 وكان النازحون يمثلون كل أشكال المجتمع الاندلسي ومنهم أعداد وفيرةمن البحارة ، الذين بدؤوا البحث عن الوسائل الملائمة لاستقرارهم ، إلا أن بعضالعوامل التي توفرت دفعت بأعداد من هؤلاء البحارة إلى طريق الجهاد ضد القوىالفرنجية في البحر المتوسط ، ويأتي في مقدمة هذه الأسباب الدافع الديني بسبب الصراعالذي جرى في الأندلس وأدى إلى إخراج العرب والمسلمين منها ومتابعة الأسبان والبرتغالللمسلمين في الشمال والأفريقي 0وقد ظلت حركات الجهاد الإسلامي ضد الأسبانوالبرتغاليين غير منظمة حتى ظهور الأخوان خير الدين وعروج بربروس اللذين استطاعا تجميعالقوات الإسلامية في الجزائر وتوجيها نحو الهدف المشترك لصد أعداء العرب والإسلام عنالتوسع في موانئ ومدن الشمال الأفريقي.وقد اعتمدت هذه القوة الإسلاميةالجديدة في جهادها أسلوب الكر و الفر في البحر بسبب عدم قدرتها في الدخول في حربنظامية ضد القوى الفرنجية من الأسبان والبرتغاليين وفرسان القديس يوحنا ، وقد حققهؤلاء المجاهدين نجاحاً أثار قلق القوى المعادية ، ثم رأى الأخوان بنظر ثاقب أن يدخلواتحت سيادة الدولة العثمانية لتوحيد جهود

(3)
العرب المسلمين ضد القوى الحاقدة.
وقدحاول المؤرخون الأوروبيون التشكيك في طبيعة الحركة الجهادية في البحر المتوسطووصفوا دورها بالقرصنة وكذلك شككوا في أصل أهم قادتها وهما خير الدين وأخوه عروجالأمر الذي يفرض ضرورة إلقاء الضوء على دور الأخوين وأصلهما ، وأثر هذه الحركة علىالدور الفرنجي في البحر المتوسط في زمن السلطان سليم والسلطان سليمانالقانوني عام 926 هـ (1520 م).
أصل الأخوين عروج وخير الدين :
أكثر المؤرخين يرجع أصل الأخوين المجاهدين خضر ولقبه خير الدين ولحيته شقراء أعطته لقب ( بارباروس) وعرف أيضاً بخير الدين البحري في المصادر العثمانية ، أما أخوه عروج الذي قتل سنة 924/هـ وكان قائد الحملات التي كان يشنها على الإسبان وكان أسبق من أخيه في العمليات العسكرية الموجه ضد الأسبان ولقد مارس الغزو والجهاد في البحر منذ حداثته ومعه أخوه الياس .
وفي إحدى المعارك ضد فرسان جزيرة (ردوس) الذين كانوا يتعرضون للسفن الإسلامية ويمارسون أعمال السلب والنهب فتصدى لهم مع أخيه الياس في معركة استشهد فيها أخوه الياس وأسر عروج وسجن في جزيرة (ردوس) ، ثم تمكن من الهرب من سجنه والوصول إلى إيطاليا ومنها توجه إلى مصر وتمكن من مقابلة السلطان قانصوه الغوري ، سلطان مصر وعرض عليه العمل عنده ، فسلمه سفينة وكان السلطان يقوم بإنشاء أسطول بحري ليرسله إلى الهند . جمع عروج في سفينته مجموعة من البحارة وأخذ يهاجم الجزر الفرنجية ، ومن خلال العديد من المعارك تمكن من الاستيلاء على ثلاث سفن حربية اتخذ بعد ذلك (جربة) مركزا له وبدأ بممارسة الجهاد في المياه المغربية . وأخذ عروج يتعرض للسفن الفرنجية ويتغلب عليها وشاعت بطولته وانتشر اسمه في سواحل شمال إفريقية وحصل على سمعة طيبة لنقله بين سنتي1510 - 1504 م عددا كبيرا من الأندلسيين إلى شمال إفريقية ثم استلم خير الدين القيادة بعد وفاته وبالنسب لأصلهم من الأتراك المسلمين ووالدهما أيضاً يعقوب بن يوسف من بقايا الفاتحين المسلمينالأتراك للأندلس الذين استقروا في جزيرة مدللي إحدى جزر الأرخبيل . وأمهم سيدة مسلمة أندلسيةكان لها الأثر على أولادها في تحويل نشاطهم شطر بلاد الأندلس التي كانت تئن في ذلكالوقت من بطش الأسبان والبرتغاليين.
وكان لعروج وخير الدين أخوان مجاهدان آخ هو إسحاق. والواقع يؤكد أن كل ما ذكر عن الدور الذي لعباه الأخوان يؤكد حرصهما على الجهادفي سبيل الله ومقاومة أطماع أسبانيا والبرتغال في الممالك الإسلامية في شماليأفريقيا ، لقد أبدع الأخوان خير الدين برباروس وأخيه عروج في الجهاد البحري ضد الفرنجة وأصبح لحركة الجهاد البحريفي القرن السادس عشر مراكز مهمة في شرشال ووهران والجزائر ودلي وبجاية وغيرها في

(4)
أعقاب طرد العرب المسلمين من الأندلس ، وقد قويت بفعل انضمام المسلمين الفارين من الأندلسوالعارفين بالملاحة وفنونها والمدربين على صناعة السفن.
وقد أطلق الأوربيون اسم القرصنة على كل هذه العمليات التي أصبحت معروفة ومنتشرة في البحر المتوسط مازجين في ذلك كل العمليات التي كانت ذات بنية عسكرية جهادية والعمليات الأخرى وهي عمليات السلب والنهب وهي التي مارسها أوربيون وغير أوربيين كذلك مارستها الدول كأسبانية والبرتغال وامتدة حتى البحر العربي
والخليج العربي أيضا وهذا ما دفع العثمانيين لتسريع التوجه إلى هذه المناطق الإسلامية للدفاع عنها ضد الطامعين الجدد وحماية السواحل الإسلامية 0
لكن التحول الذي جرى في العمليات العسكرية في البحر المتوسط ضد الأسبانوالبرتغاليين كان نتيجة لدور الأخوين ومن خلال تنظيم هذه العمليات وقيادتها حيث استطاعا تجميعالقوات الإسلامية في الجزائر وتوجيها نحو الهدف المشترك لصد أعداء العرب والإسلام عنالتوسع في موانئ ومدن الشمال الأفريقي.وقد اعتمدت هذه القوة الإسلاميةالجديدة في جهادها أسلوب الكر و الفر في البحر بسبب عدم قدرتها في الدخول في حربنظامية ضد القوى المسيحية من الأسبان والبرتغاليين وفرسان القديس يوحنا ، وقد حققهؤلاء المجاهدين نجاحاً أثار قلق القوى المعادية ، ثم رأى الأخوان بنظرهم الثاقب أن يدخلواتحت سيادة الدولة العثمانية لتوحيد جهود العرب والمسلمين ضد الفرنجة الحاقدين.
جهاد الأخوين في الجهاد ضد الفرنجة
يؤكد المؤرخون اتجاه الأخوان عروج وخير الدين إلىالجهاد البحري منذ الصغر ، حيث كان نشاطهما في البداية موجه إلى بحر الأرخبيل المحيط بمسقطرأسهما حوالي سنة 1510م ، لكن ضراوة الصراع بين القوى الإفرنجية في بلاد الأندلس وفيشمالي أفريقيا وبين المسلمين هناك ، والذي اشتد ضراوة في مطلع القرن السادس عشر ، قداستقطب الأخوين لينقلا نشاطهما إلى مناطق أخرى وهي سواحل المغرب العربي الشمالية وبخاصة بعد أن تمكن الأسبانوالبرتغاليون من الاستيلاء على العديد من هذه المراكز والموانئ البحرية في شماليأفريقيا . وقد حقق الأخوان العديد من الانتصارات على القراصنة المسيحيينالأمر الذي أثار إعجاب القوى الإسلامية الضعيفة في هذه المناطق ، لذلك نرى أن السلطان -الحفصي- محمد الحسن منح لهم حق الاستقرار في جزيرة جربة التونسية لكن الأسبان لم يرق لهم ذلك فقاموا بهجموم أسباني متواصل اضطر السلطان لقبول الحماية الأسبانية بالضغط والقوة ، وما يلفت النظر استنجاد أهالي هذه البلاد بهما ضد الأسبان ، وهو دليل على حب أهل البلاد لهم وثقتهم بهم من خلال الأثر الذي تركته أعمالهم الجهادية ، مما أسهم في وجود قاعدة شعبيةلهما مكنتهما من حكم الجزائر وبعض المناطق المجاورة. ويرى بعض المؤرخين أن دخول -عروج- وأخيه الجزائر وحكمهما لها لم يكن بناءً على رغبة السكان ، ويستند هؤلاء إلىوجود بعض القوى التي ظلت تترقب الفرص لطرد الأخوين والأتراك والمؤيدين لهما ، لكنالبعض الآخر يرون أن وصول -عروج- وأخيه كان بناءاً على استدعاء من سكانها لنجدتهممن الهجوم الأسباني الشرس ، وأن القوى البسيطة التي قاومت وجودهما كانت تتمثل فيبعض الحكام الذين أبعدوا عن الحكم /








©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©