عنوان الموضوع : إلغاء الإنكشارية تاريخ الجزائر
كاتب الموضوع : salima
مقدم من طرف منتديات ايمازيغن

فسدت طبيعة الإنكشاريين وتغيرت أخلاقهم ، وتبدلت مهمتهم وأصبحوا مصدراً للبلاء للدولة والشعوب التابعة لها، وصاروا يتدخلون في شؤون الدولة وتعلقت أفئدتهم بشهوة السلطة وانغمسوا في الملذات والمحرمات وشق عليهم أن ينفروا في برودة الشتاء وفرضوا ال****ا السلطانية ومالوا إلى النهب والسلب حين غزو البلاد وتركوا الغاية التي من أجلها وجدوا وغرقوا في شرب الخمور وأصبحت الهزائم تأتي من قبلهم بسبب تركهم للشريعة والعقيدة والمبادئ وبعدهم عن أسباب النصر الحقيقية، وقاموا بخلع وقتل السلاطين من أمثال عثمان الثاني، واستمر الإنكشاريون في عهد السلطان مراد الرابع سنوات عشر سائرين في طريق الظلال سادرين في غيهم وطغيانهم، فهم الذين نصَّبوه فأصبح الأمر والنهي لهم، وهم الذين قاموا بقتل السلطان إبراهيم الأول خنقاً حينما حاول التخلص منهم، وهم الذين أربكوا الدولة إذ وضعوها في حالة من الفوضى بقتلهم السلاطين وتولية أولادهم الصغار السن من بعدهم كالسلطان محمد الرابع، فقام الإفرنج باحتلال أجزاء من البلاد، فاضطر الصدر الأعظم والعلماء إلى عزله. ثم ثارت الانكشارية في عهد السلطان سليم الثاني ودخلت جيوش الأعداء بعضاً من أراضي الدولة واحتلتها. وخلع الانكشارية السلاطين مصطفى الثاني، أحمد الثالث، مصطفى الرابع، إلى أن قيض الله للسلطان محمود الثاني عام 1241هـ للتخلص منهم.
فجمع السلطان مجموعة من أعيان الدولة وكبار ضباط الانكشارية في بيت المفتي، وقام الصدر الأعظم سليم أحمد باشا خطيباً فبين الحالة التي وصلت إليها الانكشارية من الضعف والانحطاط وبين ضرورة إدخال النظم العسكرية الحديثة، فأقتنع الحاضرون ثم أفتى المفتي بجواز العمل للقضاء على المتمردين. وقد أعلن الموافقة كل من حضر من ضباط الانكشارية من حيث الظاهر وأبطنوا خلاف ذلك ولما شعروا بقرب ضياع امتيازاتهم وبوضع حداً لتصرفاتهم أخذوا يستعدون للثورة واستجاب لهم بعض العوام. وفي 8 ذي القعدة عام 1241هـ بدأ بعض الانكشاريين بالتحرش بالجنود أثناء أدائهم تدريباتهم ثم بدؤوا في عصيانهم فجمع السلطان العلماء وأخبرهم بنية المتمردين فشجعوه على استئصالهم فأصدر الأوامر للمدفعية حتى تستعد لقتالهم ملوحاً باللين والتساهل في الوقت نفسه خوفاً من تزايد لهيب شرورهم. وفي صباح 9 ذي القعدة تقدم السلطان ووراءه جنود المدفعية وتبعهم العلماء والطلبة إلى ساحة (آت ميداني) حيث اجتمع العصاة هناك يثيرون الشغب وقيل إن السلطان سار معه شيخ الإسلام قاضي زادة طاهر أفندي والصدر الأعظم سليم باشا أمام الجموع التي كانت تزيد على 60.000 نفس ثم أحاطت المدفعية بالميدان واحتلت المرتفعات ووجهت قذائفها على الانكشارية فحاولوا الهجوم على المدافع ولكنها صبت حممها فوق رؤوسهم فاحتموا بثكناتهم هروباً من الموت، فأحرقت وهدمت فوقهم وكذلك تكايا البكتاشية، وبذلك انتصر عليهم. وفي اليوم التالي صدر مرسوم سلطاني قضى بإلغاء فئتهم وملابسهم واصطلاحاتهم واسمهم من جميع بلاد الدولة وإعدام من بقي منهم هارباً إلى الولايات أو نفيه، ثم قلد حسين باشا الذي كانت له اليد الطولى في إبادتهم قائداً عاماً (سرعسكر) وبدأ بعدها نظام الجيش الجديد.

ثم أصبح السلطان محمود بعد ذلك حراً في تطوير جيشه، فترسم خطى الحضارة الغربية فأستبدل الطربوش الرومي بالعمامة ، وتزيا بالزي الأوروبي ، وأمر أن يكون هو الزي الرسمي لكل موظفي الدولة العسكريين منهم والمدنيين، وأسس وساماً دعاه وسام الافتخار فكان أول من فعل ذلك من سلاطين آل عثمان.
وما قام به السلطان محمود من استبدال العمامة بالطربوش وفرض اللباس الأوروبي على كافة المجموعات العسكرية يدل على شعوره العميق بالهزيمة النفسية وسوف نتعرض لأسبابها إن شاء الله تعالى.


©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©