عنوان الموضوع : هل أمر جمال عبد الناصر بتصفية شعباني ؟
كاتب الموضوع : salima
مقدم من طرف منتديات ايمازيغن

هل أمر جمال عبد الناصر بتصفية شعباني ؟




كان الرائد شريف خير الدين من أقرب المقربين إلى العقيد محمد شعباني مما كلفه الاعتقال بتهمة دعمه في ”حركته التمردية”، وتأتي أهمية حوار ”الشروق” معه، كونه كان من بين آخر من تحدث إليه وسمعه دقائق قبل تنفيذ حكم الإعدام فيه.


  • وفي نفس الحوار لم يخف الرائد خير الدين تأييده لمحاكمة الرئيس الأسبق احمد بنبلة بتهمة تصفية شعباني، كما اتهم العقيد أحمدبن شريف بلعب ”دور قذر” في العملية.
  • شعباني كان ضمن المجموعة التي أوصلت بن بلة إلى سدّة الحكم، فكيف انقلبت الموازين؟
  • لما استدعينا إلى ملتقى تلمسان، اجتمعنا بإطارات الولاية السادسة واتخذنا موقفا لمناصرة مرشح من بين السجناء، لأن الخلاف كان مستفحلا بين مجموعة الداخل والخارج والحكومة المؤقتة، وقلنا حينها بأن مرشح الزعماء المسجونين قد يكون بعيدا عن الصراعات التي أفرزتها الثورة، وذهب شعباني ممثلا للولاية السادسة فأيّد ترشيح أحمدبنبلة بعد أن تمّ الاتفاق عليه كرئيس للجزائر المستقلة.
  • ولما اندلعت ما يسمى بحرب الولايات، كان شعباني ومن بوسعادة في طليعة الجيش الذي زحف على العاصمة من أجل تثبيت النظام الذي كان على رأسه بنبلة. وفي سبيل ذلك، وقعت معارك، ومع الأسف، سقطت أرواح واستطاع شعباني أن يصل إلى البليدة بجيشه، وهنا بدأ الخلاف بين شعباني في البداية وهواري بومدين، الذي لامه على استباقه الدخول إلى البليدة، وكانت هذه الحادثة بمثابة الشرارة الأولى للخلاف بين بومدين وشعباني، ضف إلى ذلك وجود حزازات بين قادة الداخل والخارج، فقادة الداخل إبان الثورة يحظون بتقدير الشعب عامة والجنود خاصة، أما قادة الخارج فليست لهم نفس الشعبية، وبومدين من مجموعة الخارج، في حين شعباني من قادة الداخل، وهذا ما مكنه من تحقيق نجاحات في طريقه نحو العاصمة، وهناك تباين أخر بين الفئتين، فقادة الداخل ومنهم شعباني كانوا عسكريين لا يعرفون المراوغات السياسية وتتميز تصرفاتهم وأحاديثهم بالصرامة والجدية دون لفّ ولا دوران.
  • وبدأت بعض الخلافات تطفو على السطح بين شعباني وبومدين في عديد من المواقف.. وحينها كان بنبلة يغذي تلك الخلافات، فينقل لبومدين كلاما جارحا عن شعباني، والعكس كذلك.
  • ضف إلى ذلك، فإن بنبلة كان يخاف من شعبية والكفاءات التي يمتاز بها شعباني، ومما أتذكره، لما زار شعباني القاهرة واجتمع مع عبد الناصر، الذي حذّر بنبلة من شعباني، هذا الكلام قاله لي شعباني شخصيا. وعلى سبيل التذكير، حين ذهب شعباني إلى مصر والتقى بالفلسطينيين، صرّح لوسائل الإعلام ”على الفلسطينيين أن يحرّروا أرضهم بأنفسهم وأن لا ينتظروا الثوّار الجزائريين والعرب لتحريرهم”.وهناك طرف آخر كان له ضلع في تأجيج الخلاف ويكن حقدا كبيرا لشعباني وهو أحمدبن الشريف.
  • فلما أسندت قيادة الدرك لأحمدبن الشريف، أحضر هذا الأخير ضباطا من فرنسا لتدريب قوات الدرك وكان ذلك بموافقة بومدين طبعا، وأعلن شعباني معارضته لذلك بشدة، إذ قال بأنه من غير المعقول أن الجراح لم تندمل، والجثث لم تدفن ونستعين بهؤلاء السفاحين؛ واستغرب شعباني عدم اللجوء إلى الكفاءات العسكرية من البلدان العربية المستقلة، أو الدول الاشتراكية التي كانت صديقة للجزائر واحتدم الخلاف حول هذه النقطة إلى أبعد الحدود، وأصبح ضباط فرنسا وأعوانهم طرفا في صف المعادين لشعباني.
  • كيف تمّ القبض عليك؟
  • كنت حينها في محافظة المدية في اجتماع، فجاءني أشخاص قالوا بأن الرئيس بحاجة إليّ وعليّ الذهاب معهم فورا إليه، فانطلقت معهم ولما وصلنا إلى البليدة، اقتادوني إلى مخفر الشرطة وهناك تمّ تقييدي، ونفس الأمر بالنسبة لقادة الولاية السادسة، ثم اقتادوني إلى مركز الشرطة بحي السيدة الإفريقية ولم أكن أعرف سبب اعتقالي، وإن كنت على دراية بأن الخلاف قائم بين بنبلة وشعباني وبومدين، ثم تمّ اقتيادي إلى مركز بين حيدرة والابيار، كان فيه مستشفى الأمراض العقلية، ووجدت هناك خبزي، بن التومي، الوزير السابق للعدل، عبد الرحمان فارس، جغابة، الساسي، أحمد طالب الإبراهيمي، الطاهر لعجال، عبادو، أؤكد بأنه بأنه لم يلق القبض حينها على شعباني، ولما اعتقل تمّ تحويلنا إلى سجن سيدي الهواري بوهران.
  • في هذا السجن، تمّ وضع كل واحد في زنزانة على انفراد ومارسوا ضدنا أبشع أنواع التعذيب المعنوي، فالأكل ربع وجبة لكل واحد يوميا، وهي وجبات تصلح لكل شيء إلا للإطعام، فضلا عن ذلك فإن التحقيق في كل وقت من أول الليل إلى آخره، وأطراف النهار، وأحيانا يستدعونك إلى مكتب التحقيق ولما تصل يسألونك مثلا: كم سنك؟ ثم تعود، ليتم استدعاؤك بعد ساعة أو أقل، ليسألوك سؤالا أجوف. وللعلم، فإن السجن كان تحت الأرض، ناهيك عن الرطوبة والبرد، فيكفي أني لما دخلت السجن، كان وزني 27 كلم ولما خرجت بعد 3 أشهر كان وزني 05 كلغ.
  • كنتم تستطيعون التحدث مع شعباني قبل إعدامه.. ماذا قال لكم؟
  • كان الوقت آخر الليل، وكانت المحكمة حينها قد نطقت بالحكم، وقبل اقتياده مباشرة من قاعة المحكمة إلى تنفيذ الحكم طلب شعباني لقائي، فنقلوني إلى قاعة المحكمة، حيث وجدته وحيدا، قابلته لمدة 02 دقيقة، ومما قاله لي أن أحمدبن شريف هو من بين المتحمسين لإعدامي، وأن أحمد دراية هو الوحيد الذي وقف إلى جانبي، كما قال لي بأن فرنسا هي التي حاكمتني اليوم وليست الجزائر.
  • ومما قاله لي، أن هيئة المحكمة طلبت من بنبلة العفو عن شعباني وتخفيف عقوبة الإعدام، وهذا يؤكد ما صرّح به الشاذلي بن جديد مؤخرا، وأضاف شعباني بأن بنبلة رفض هذا الطلب، والغريب أن بنبلة وبعد إعدام شعباني ذهب إلى والدته وقال لها بأنه ليس مسؤولا عن تصفيته، وكأنه رئيس دائرة أو ”شانبيط”، ولم يكن المسؤول الأول عن البلاد آنذاك، فشعباني كان أشجع منه، ومما قاله لي لحظات قبل إعدامه: لقد تحملت مسؤولياتي كاملة كضابط في جيش التحرير ولقد برأت ساحة جميع المسجونين، كما أوصاني خيرا بأمه وأخيه عبد الرحمان. والغريب أنني لما خرجت من السجن وجدت أمه دون كهرباء، لأنها لم تستطع تسديد الفاتورة، وكنا نجمع الأموال ليتمكن أخوه من مزاولة دراسته. وهناك كلام قاله لي شعباني لن أبوح به الآن.




©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©