عنوان الموضوع : اين قلبي ..حديث من الروح الى الروح- في الشريعة الاسلامية
كاتب الموضوع : chahinez
مقدم من طرف منتديات ايمازيغن


أين قلبي ؟ حديث من الروح إلى الروحـ



الحمد لله غافر الذنب و قابل التوب , شديد العقاب ذي الطول .. لا إله إلا هو إليه المصير

و الصلاة و السلام على البشير النذير و السراج المنير إمام التائبين و سيد المُستغفرين و الناس أجمعين القائل :

( يا أيها الناس توبوا إلى الله و استغفروه فإني أتوب في يوم مئة مرة )

رواه مسلم

إخوة الإيمان .. السلام عليكم و رحمة الله و بركاته


يحكى أن أهل قرية كانوا يعانون من حفرة كبيرة حيث لا يكاد يمر يوم إلا و يسقط فيها أحد أبناء القرية

اجتمع أهالي القرية لمناقشة وضعها فقال كبيرهم :

عليكم أن تختاروا أحد الأمور الثلاثة :

إما ان تشتروا سيارة إسعاف و تضعوها بجانب الحفرة أو أن تبنوا مستشفى بجانبها

أو أن تدفنوا الحفرة و تحفروا بدلا منها واحدة بجانب المستشفى

أحباءنا في الله .. ما أجمل أن يرتع النظر و يبهج القلب بمرأى الرياحين

و لكم ريحانتنا أتت تستقي منكم لتلمع نَضْرة و بهاء

و لكنها ريحانة ندت عن مثيلاتها بحديث مع أرواحكم

جاءت بشوق لقلوبكم تزهر فيها روح الحياة فتكسرعنها الأشواك الآسنة

بهذه القصة الرمزية كمدخل لنا ,,

و تلك الحفرة هي التي ترويها لكم ريحانتنا

و العبرة منها لقلوبكم الواعية .. يدلكم عليها ما سنخوض في الحديث عنه بإذن الله و أي حديث

و هل أجمل في الدنيا من سعادة الأرواح و ابتهاج القلوب و هناء الضمائر

فانضموا الينا يا كرام .. لقصتنا تفصيل و كلام .. فيها من العبر و الأحكام ما يمحي التعاسة و الآلام ..

و ينسي الأرق و الأوهام .. و ينير الدرب و يبيد الظلام ...

تحدثنا عن حفرة كانت مشكلة .. فقُدِّمَت لها حلول باطلة .. لا يستوعبها عقل و لا يقبلها منطق سليم

و ما كان عكس السليم الا السقيم .. أجل .. فهو سقم حال دون التذكر و التدبر .. و حجب الألباب عن التفكر

وُصِف بالعجيب و المثير و من هنا أتينا لكم بالتقرير



مرض خطير .. اِنتشر في كل أرجاء المعمورة .. و إمكانية العدوى به أوصلته بلاغة الخطورة

ما صعَّبَ اِكتشافَه مراكزه المستورة .. و ما عسَّر علاجَه غياب المريض عن الصورة


داء عُضال .. لم يترك لأعضاء الجسم مجال

كلها تأثّرت لضعفه .. و تدهورت لفشله .. و تدمّرت لتلفه

لم تعَد تطيق الاستمرار بدونه .. فلا جهاز آخر يتحمّلُ عبءَ شؤونِه


وباء فتاك.. ينتقل بتدميره من خلية الى أُخرى .. حتى يفتك بالنسيج كلِّه

و أيُّ نسيج .. ؟

إِنّه القلب .. منبع الحياة .. موطن المشاعر .. محراب الأمل و التفاؤل



لعلكم بعد وصفنا الدقيق لهذا المرض الخبيث قد تعرفتم عليه

و أخذتم فكرة عن أخطاره و نبذة عن أضراره

نـــــــــعــــــم ....... إنّه

الغفلة ... سرطان القلوب

فهي ما إن تدخل قلب اِمرئ إلّا عشعشت في جوفه

و بدأت تفرز السموم للقضاء على رجائه و خوفه

فتنهشه نهشا و تغير من عاداته و عُرفه

تصلِّبُه بعد أن كان لينا .... و تظلمه بعد ان كان نيِّرا

تنتنُه بعد أن كان زاكيا ... و تُبْهِتُه بعد أن كان باهيا

هي الغفلة ........ تقطع عنا الأخبار و حروفها كشفت الأسرار

فالغين : غياب عن التفريق بين العدو و الصديق

الفاء : فرار من الواقع و هيام في عالم ضائع

اللام : لهو و لعب و بعد عن آداء الواجب


بعدما كشفنا الأسرار تعالوا لتفصيل الأفكار و عرض المساوئ و الأضرار


فـالغفلة هي السهو و غيبة الشيئ عن بال الانسان و عدم تذكره له إهمالا و إعراضا عنه

لقلة التحفظ و التيقظ و هي فقد الشعور بما حقه الشعور به

قد نغفل عن أشياء في حياتنا فننساها أو نتناساها و لا ضير ..

لكن المصيبة الكبرى و المشكلة العظمى أن نغفل عن خالقنا .. أن نتناسى أوامره و نتجاهل نواهيه ..

أن نفتر عن ذكره و نتماطل عن عبادته

فقد قال سبحانه :
(( اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ (1) مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ (2) لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ .. ))

- الأنبياء -

فهذا هو حال بعض الناس لا ينجع فيهم تذكير، ولا يرعون إلى نذير، قد قرب حسابهم،

ومجازاتهم على أعمالهم الصالحة والطالحة، والحال أنهم في غفلة معرضون، أي: غفلة عما خلقوا له،

وإعراض عما زجروا عنه . كأنهم للدنيا خلقوا، وللتمتع بها وُلدوا، وأن الله تعالى لا يزال يجدد لهم التذكير و الوعظ

ولا يزالون في غفلتهم وإعراضهم .. يتخبطون في الدنيا و تلطمهم أمواج الغفلة لا يدرون لأي شاطئ ستلقي بهم ..

شاطئ الأمان أم الأحزان




الغفلة أيها الكرام أنواع و درجات و مراتب

فقد نجد بعضنا غافلا عن سبب خلقه و ايجاده في هذه الدنيا .. أي

الغفلة عن الغاية التي من أجلها خلق الله عباده

نعم فهذا واقع .. قد نجد من لا يدري و لا يعقل الغاية التي من أجلها ربنا جل و علا خلق الارض و السماوات

و أرسل الرسل و أنزل الكتب و بعث هذه الأمة جمعاء ..

و قد لا يأْبه حتى بالسؤال و البحث عن الجواب فنجده تائه الوعي شارد الذهن عن الأمر

ما اهمه و ما شغل باله و سكن مشاعره ..

حب الدنيا .. كسب المال .. الربح .. الجاه .. الشهرة ... و غير ذلك من الملهيات المهلكات عافانا الله جميعا

نجد بعض الناس يركضون .. يشقون و يتعبون .. بل يمرضون و يتألمون و يتحسرون على ما قد يضيع

من عمرهم في غير رضى أنفسهم و شهواتهم

الا نرى باعيننا هذا من حولنا يا رعاكم الله .. بالله عليكم .. ألا نرى اليوم اصحاب الأعمال و رواد البورصات

بل و التجار الكبار منهم و الصغار.. يتسابقون لجني الدرهم و الدينار .. و ما غير ذلك يفنون فيه الاعمار

و هم يتمتعون و يتلذذون و بالاموال و الخيرات ينعمون لم يعتبروا من قصة قارون و ما رواه السابقون

فقد روي عن شاعر قال " جئت .. لا أعلم من اين و لكني أتيت .. و لقد أبصرت قدامي طريقا

فمشيت ..وسابقى سائرا ان شئت هذا ام ابيت .. كيف جئت .. كيف أبصرت طريقي لست أدري .. "

و لا حول و لا قوة الا بالله مصرف القلوب و مقلبها

فسبحان ربي القائل :
(( و ما خلقت الجن و الانس الا لعبدون ))


أجل .. عبادته سبحانه وحده لا شريك له فهو خلقنا و ما جعل لنا من وظيفة الا طاعته و عبادته لا اله الا هو

أنعم علينا بالصحة و القوة و الأموال و الارزاق , إعانة لنا على ذلك , منة و كرما منه جل و علا

أفنغفل عنه و نتناساه سبحانه !؟ .. ربنا الرحيم الودود .. العزيز الكريم

أفنجعل الخضوع و الإنابة اليه و الخشوع و البكاء بين يديه آخر شيئ قد يخطر على بالنا !؟

قد نعتقد أن الله قد أحيانا للعيش و الدراسة ثم العمل و المال و الزواج و الأولاد

ثم ماذا .. بالله عليكم ماذا بعد هذا كله ؟ .. ماذا ؟

أين الله سبحانه في حياتنا .. كم جزءا نجعله لله تبارك و تعالى في قلوبنا .. كم ؟

لاشيئ !؟ .. القليل .. الثمن .. الربع !؟ .. كم بالله علينا .. كم ؟

هل نرضى لأنفسنا أن نحيى حياة الأنعام ؟ كما وصف رب العالمين صنفا من الناس في القرآن الكريم

فقال عز من قائل :
(( وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ))
-محمد-


و قال أيضا
(( لَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ
لا يَسْمَعُونَ بِهَا
أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُون))
-الأعراف 179-َ



أفلا يُعتبر اهمالنا و جهلنا بالغاية التي من أجلها ابتعثنا الله سبحانه في هذه الدنيا كفرا و إجحافا بحقه سبحانه و بحق أنفسنا ؟

و من الأمثلة و العبر الكثير و المثير للتعجب و التحسر

فقد حكى أستاذ جامعي عن شاب في ربيع عمره .. وقف في المدرج و كله ثقة و جرأة قائلا " إن كان الله موجودا فليُمتني بعد دقيقة "

و همَّ يعد الثواني .. مضت ستون ثانية .. لم يحصل شيئ .. صُعِقً الحاضرون من كلامه و من جرأته على الله سبحانه

و انفضوا و هم في حيرة من أنفسهم و علامات الذهول بادية على وجوههم ..

انصرف كل من الحاضرين بمن فيهم ذلك الشاب و لما وصل لبيته استعد لتناول الغداء ذهب ليغسل وجهه

و أثناء ذلك دخلت قطرات من الماء في أذنيه فسقط ميتا ..

أتعلمون ما قيل إخوة الإيمان عن ميتته تلك ؟ ... قيل أنها ميتة الحمير أكرمكم الله .. حيث أن الحمار لو دخل الماء في أذنيه مات

لا حول و لا قوة الا بالله

و في نفس السياق روى صدقة بن إبراهيم البكري عن أبي الهندي فقال : كان أبو الهندي يشرب معنا

وكان إذا سكر يتقلب تقلباً قبيحاً في نومه، فكنا كثيراً ما نشد رجليه لئلا يسقط، فسكرنا ليلة في سطح

وشددنا رجله بحبل طويل فتقلب فسقط من السطح فأمسكه الحبل و بقي معلقاً منكساً، فأصبحنا فوجدناه ميتاً،

فمررت على قبره بعد حين فوجدت عليه مكتوباً

اجعلوا إن مت يوماً كفني ... ورق الكرم وقبري المعصره
إنني أرجو من الله غداً ... بعد شرب الراح حسن المغفره

وكان الفتيان يجيئون إلى قبره فيشربون ويصبون القدح إذا وصل إليه على قبره.

وكان من شعره ..

إذا صليت خمساً كل يوم ... فإن الله يغفر لي فسوقي
ولم أشرك برب الناس شيئاً ... فقد أمسكت بالحبل الوثيق
وجاهدت العدو ونلت مالاً ... يبلغني إلى البيت العتيق
فهذا الحق ليس به خفاء ... دعوني من بنيات الطريق

أنظروا أيها الكرام لأي مآل قد توصل غفلة القلب عن الرب

اللهم لا تكلنا الى أنفسنا طرفة عين ..




قد تكوني مهتمة بالمواضيع التالية ايضاً:





©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©