عنوان الموضوع : الذكرى للمنفلوطى,قصه الذكرى مترجمه للمنفلوطى,من قصه العبرات (الذكرى)للكاتب الكبي
كاتب الموضوع : madiha
مقدم من طرف منتديات ايمازيغن

الذكرى للمنفلوطى ,قصه الذكرى مترجمه للمنفلوطى ,من قصه العبرات (الذكرى) للكاتب الكبير المنفلوطى





اَلذِّكْرَى

" مُتَرْجَمَة "

وَقَفَ أَبُو عَبْد اَللَّه آخَر مُلُوك غَرْنَاطَة بَعْد اِنْكِسَاره أَمَام جُيُوش اَلْمَلِك فردينايد
وَالْمَلِكَة إيزابلا عَلَى شَاطِئ اَلْخَلِيج اَلرُّومِيّ تَحْت ذَيْل جَبَل طَارِق قَبْل نُزُوله إِلَى
اَلسَّفِينَة اَلْمُعَدَّة لِحَمْلِهِ إِلَى أَفْرِيقْيَا وَقَدْ وَقَفَ حَوْله نِسَاؤُهُ وَأَوْلَاده وَعُظَمَاء
قَوْمه مِنْ بَنِي اَلْأَحْمَر فَأَلْقَى عَلَى مِلْكه اَلذَّاهِب نَظْرَة طَوِيلَة لَمْ يَسْتَرْجِعهَا إِلَّا
مُبَلَّلَة بِالدَّمْعِ ثُمَّ أَدْنَى رِدَاءَهُ مَنْ وَجَّهَهُ وَأَنْشَأَ يَبْكِي بُكَاء مُرًّا وينشج نَشِيجًا
مُحْزِنًا حَتَّى بَكَى مِنْ حَوْله لِبُكَائِهِ وَأَصْبَحَ شَاطِئ اَلْبَحْر كَأَنَّهُ مَنَاحَة قَائِمَة تَتَرَدَّد
فِيهَا اَلزَّفَرَات وَيَسْتَبِق اَلْعَبَرَات فَإِنَّهُ لِوَاقِف مَوْقِفه هَذَا وَقَدْ ذُهِلَ عَنْ نَفْسه
وَمَوْقِفه إِذْ أَحَسَّ هَاتِفًا يَهْتِف بِاسْمِهِ بِصَوْت كَأَنَّمَا يَنْحَدِر إِلَيْهِ مِنْ عَلْيَاء اَلسَّمَاء
فَرَفَعَ رَأْسه فَإِذَا شَيْخ نَاسِك مُتَّكِئ عَلَى عَصَاهُ وَاقِف عَلَى بَاب مَغَارَة مِنْ مَغَارَات
اَلْجَبَل اَلْمُشْرِف عَلَيْهِ يَنْظُر إِلَيْهِ وَيَقُول :
نَعِمَ لَك أَنْ نَبْكِي أَيُّهَا اَلْمَلِك اَلسَّاقِط عَلَى مِلْكك بُكَاء اَلنِّسَاء فَإِنَّك لَمْ تَحْتَفِظ بِهِ
اِحْتِفَاظ اَلرِّجَال .
إِنَّك ضَحِكْت بِالْأَمْسِ كَثِيرًا فَابْكِ اَلْيَوْم بِمِقْدَار مَا ضَحَّكَتْ بِالْأَمْسِ فَالسُّرُور نَهَار
اَلْحَيَاة وَالْحُزْن لَيْلهَا وَلَا يَلْبَث اَلنَّهَار اَلسَّاطِع أَنْ يُعْقِبهُ اَللَّيْل اَلْقَاتِم .
لَوْ أَنَّ مَا ذَهَبَ مِنْ يَدك مِنْ مِلْكك ذَهَبَ بِصَدْمَة مِنْ صَدَمَات اَلْقَدْر أَوْ نَازِلَة مِنْ نَوَازِل
اَلْقَضَاء مِنْ حَيْثُ لَا حَوْل لَك فِي ذَلِكَ وَلَا حِيلَة لَهَانَ أَمْره عَلَيْك أَمَّا وَقَدْ أَضَعْته
بِيَدِك إِلَى عَدْوك بِاخْتِيَارِك فَابْكِ عَلَيْهِ بُكَاء اَلنَّادِم المتفجع اَلَّذِي لَا
يَجِد لَهُ عَنْ مُصَابه عَزَاء وَلَا سَلْوَى .
لَا يَظْلِم اَللَّه عَبَدَا مِنْ عِبَاده وَلَا يُرِيد بِأَحَد مِنْ اَلنَّاس فِي شَأْن مِنْ اَلشُّؤُون
شَرًّا وَلَا ضيرا وَلَكِنَّ اَلنَّاس يَأْبَوْنَ إِلَّا أَنْ يَقِفُوا عَلَى حَافَّة اَلْهُوَّة اَلضَّعِيفَة
فَتُزَلْ بِهِمْ اقدامهم وَيَمْشُوا تَحْت اَلصَّخْرَة اَلْبَارِزَة اَلْمُشْرِفَة فَتُسْقِط عَلَى رُءُوسهمْ .
لَمْ تُقْنِع بِمَا قَسَّمَ اَللَّه لَك مِنْ اَلزُّرْق فَأَبَيْت إِلَّا اَلْمَلِك وَالسُّلْطَان فَنَازَعْت عَمّك
اَلْأَمْر وَاسْتَعَنْت عَلَيْهِ بَعَّدُوك وَعَدُّوهُ فَتَنَاوَلَ رَأْسَيْكُمَا مَعًا وَمَا زَالَ يَضْرِب أَحَدهمَا
بِالْآخَرِ حَتَّى سَالَ تَحْت قَدَمَيْكُمَا قليب مِنْ اَلدَّم فَغَرِقْتُمَا فِيهِ مَعًا .
لِي فَوْق هَذِهِ اَلصَّخْرَة يَا بَنِي اَلْأَحْمَر سَبْعَة أَعْوَام أَنْتَظِر فِيهَا هَذَا اَلْمَصِير اَلَّذِي
صِرْتُمْ إِلَيْهِ وَأَتَرَقَّب اَلسَّاعَة اَلَّتِي أَرَى فِيهَا آخِر مِلْك مَلِكًا يَرْحَل عَنْ هَذِهِ اَلدِّيَار
رِحْلَة لَا رَجْعَة مِنْ بَعْدهَا لِأَنِّي أَعْلَم أَنَّ اَلْمَلِك اَلَّذِي يَتَوَلَّى أَمْره اَلْجَاهِلُونَ
اَلْأَغْبِيَاء لَا دَوَام لَهُ وَلَا بَقَاء .
اِتَّخَذَ بَعْضكُمْ بَعْضًا عَدُوًّا وَأَصْبَحَ كُلّ وَاحِد مِنْكُمْ حَرْبًا عَلَى صَاحِبه فَسُقْتُمْ اَلْمُسْلِمِينَ
إِلَى مَيَادِين اَلْقِتَال يَضْرِب بَعْضهمْ وُجُوه بَعْض وَالْعَدُوّ رَابِض مِنْ وَرَائِكُمْ يَتَرَبَّص بِكُمْ
اَلدَّوَائِر وَيَرَى أَنَّ كُلًّا مِنْكُمْ قَائِد قُوَّاده يَنْبَعِث بَيْن يَدَيْهِ لِقَتَّال أَعْدَائِهِ
وَالْمُنَاضِلَة عَلَى مِلْكه حَتَّى رَآكُمْ تَتَهَافَتُونَ عَلَى أَنْفُسكُمْ ضَعْفًا وَوَهْنًا فاقتحمكم
فَمَا هِيَ إِلَّا جَوْلَة أَوْ جَوْلَتَانِ حَتَّى ظَفَر بِكُمْ مَعًا .
سَتَقِفُونَ غَدًا بَيْن يَدَيْ اَللَّه يَا مُلُوك اَلْإِسْلَام وَسَيَسْأَلُكُمْ عَنْ اَلْإِسْلَام إِلَى
أَضَعْتُمُوهُ وَهَبَطْتُمْ بِهِ مِنْ عَلْيَاء مَجْده حَتَّى أَلْصَقْتُمْ أَنْفه بالرغام وَعَنْ اَلْمُسْلِمِينَ
اَلَّذِينَ بِالْإِغْوَاءِ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى أَعْدَائِهِمْ لِيَعِيشُوا بَيْنهمْ عَيْش اَلْبَائِسِينَ
اَلْمُسْتَضْعَفِينَ عَنْ مُدُن اَلْإِسْلَام وَأَمْصَاره اَلَّتِي اِشْتَرَاهَا آبَاؤُكُمْ بِدِمَائِهِمْ وَأَرْوَاحهمْ
ثُمَّ تَرَكُوهَا فِي أَيْدِيكُمْ لِتَذُودُوا عَنْهَا وَتَحْمُوا ذمارها فَلَمْ تُحَرِّكُوا فِي شَأْنهَا
سَاكِنًا حَتَّى غَلَبَكُمْ أَعْدَاؤُكُمْ عَلَيْهَا فَأَصْبَحْتُمْ تَعِيشُونَ فِيهَا عَيْش اَلْأَذِلَّاء وَتَطْرُدُونَ
مِنْهَا كَمَا يَطْرُد اَلْغُرَبَاء فَمَاذَا يَكُون جَوَابكُمْ إِنْ سُئِلْتُمْ عَنْ هَذَا كُلّه غَدًا ?
هَا هِيَ اَلنَّوَاقِيس تَرِنّ فِي شُرُفَات اَلْمَآذِن بَدَل اَلْأَذَان وَهَا هِيَ اَلْمَسَاجِد تَطَأ نِعَال
اَلصَّلِيبِيِّينَ فِي تُرْبَتهَا مَوَاقِع جِبَاه اَلْمُسْلِمِينَ وَهَا هُوَ اَلْمُسْلِم يَفِرّ بِدِينِهِ مِنْ مَكَان
إِلَى مَكَان وَيَلُوذ بأكناف اَلْهِضَاب وَالشِّعَاب لَا يَسْتَطِيع أَنْ يُؤَدِّي شَعِيره مِنْ شَعَائِر
دِينه إِلَّا فِي غَار كَهَذَا اَلْغَار اَلَّذِي أَعِيش فِيهِ :
لَيْتَ اَلْمُسْلِمِينَ عَاشُوا دَهْرهمْ فَوْضَى لَا نِظَام لَهُمْ وَلَا مَلِك وَلَا سُلْطَان كَمَا يَعِيش
اَلْمُشَرَّدُونَ فِي آفَاق اَلْبِلَاد فَقَدْ كَانَ ذَلِكَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْ أَنْ يَتَوَلَّى أَمْرهمْ رِجَال
مَثَلكُمْ طَامِعُونَ مُسْتَبِدُّونَ يَلُفُّونَ عَلَى أَعْنَاقهمْ جَمِيعًا غِلًّا وَاحِدًا يَسُوقُونَهُمْ بِهِ
إِلَى مَوَارِد اَلتَّلَف وَالْهَلَاك مِنْ حَيْثُ لَا يَسْتَطِيعُونَ ذَوْدًا عَنْ أَنْفُسهمْ وَمَا تَفْعَل
اَلْفَوْضَى وَبِأُمَّة مَا يَفْعَل بِهَا اَلِاسْتِبْدَاد .
يَسْأَلكُمْ اَللَّه يَا بَنِي اَلْأَحْمَر عَنِّي وَعَنْ أَوْلَادِي اَلَّذِينَ اِنْتَزَعْتُمُوهُمْ مِنْ يَدِي
اِنْتِزَاعًا أَحْوَج مَا كُنْت إِلَيْهِمْ وسقتوهم إِلَى مَيَادِين اَلْقِتَال لِيُقَاتِلُوا إِخْوَانهمْ
اَلْمُسْلِمِينَ قِتَالًا لَا شَرَف فِيهِ وَلَا فَخَار حَتَّى مَاتُوا جَمِيعًا مَوْت اَلْأَذِلَّاء
اَلْأَدْنِيَاء فَلَا أَنْتُمْ تَرَكْتُمُوهُمْ بِجَانِبِي آنَس بِهِمْ فِي وَحْشَتِي وَأَلْجَأ إِلَى مَعُونَتهمْ
فِي شَيْخُوخَتِي وَلَا أَنْتُمْ ذَهَبْتُمْ بِهِمْ إِلَى مَيْدَان قِتَال شَرِيف فأتعزى
عَنْهُمْ مِنْ بَعْدهمْ
بِأَنَّهُمْ مَاتُوا فِدَاء دِينهمْ وَوَطَنهمْ
يتبــــــــــع











©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©