عنوان الموضوع : كوابيس واشباح 3- من الروايات
كاتب الموضوع : kouka
مقدم من طرف منتديات ايمازيغن

كوابيس واشباح الجزء 3

أحلامنا عالم مدهش، حديقة غناء نزورها كل ليلة، تارة نقتطف منها الورود أحلاما سعيدة، وحينا تدمينا أشواكها كوابيس مزعجة .. ذلك دأبنا كلما غشانا النوم، ومادام في العمر بقية؛ وقد كتبنا في مقال سابق، بأن للناس في تأويل الأحلام اعتقادات ومذاهب، فمنهم من لا يكترث لها كثيرا، ولا يظنها إلا من اختلاط العقل وغياب الوعي والذهن، ومنهم من يوليها عظيم اهتمامه، فيجتهد في معرفة معانيها وفك رموزها وطلاسمها، ملتمسا فيها معاني ورسائل قد تؤثر في مصيره ومستقبله؛ وصدقا أقول .. هناك من القصص والحكايات في هذا الشأن ما يضاهي الخيال غرابة، تطرقنا لبعضها سابقا و وعدناكم بالمزيد، وها نحن نوفي الوعد في هذا المقال راجين أن ينال إعجابكم وعنايتكم.

في صباح يوم ما من عام 1977 استيقظت الممرضة الأمريكية، ريمي جوا، من نومها وقد علت محياها مسحة واضحة من الكآبة والوجوم، وحين سألها زوجها عن سبب انزعاجها، أخبرته بأن صديقتها، تريزيتا باسا، قد زارتها في الحلم. وعبثا حاول زوجها التسلية عنها قائلا بأنها مجرد أضغاث أحلام، إلا أن ريمي لم تقتنع بهذا الكلام أبدا، آمنت بأن ما شاهدته في حلمها لم يكن مجرد صدفة أو كابوس عابر، وأيقنت بأن صديقتها وزميلتها الراحلة، التي عثرت الشرطة عليها مقتولة في شقتها قبل أسبوعين فقط، تحاول إيصال رسالة معينة إليها.

في الليالي التالية تكررت مشاهدات ريمي لصديقتها في الحلم، وأخذت تلك الأحلام تصبح أكثر وضوحا وتفصيلا، بدت كأنها لقطات من شريط سينمائي تظهر فيه تريزيتا وهي تقف وسط شقتها عارية تماما تغطي جسدها بعض الحروق وسكين كبيرة مغروسة في صدرها، وكانت تتحدث إلى رجل ما يرتدي بزة عمل عرفت ريمي بأنه رجل أسود البشرة من لون يديه، لكنها لم تستطع رؤية وجهه لأنه كان يقف وقد أعطاها ظهره، ثم فجأة تتوقف تريزيتا عن الكلام مع الرجل وتضع يديها على كتفه ثم تديره على مهل ليواجه ريمي، وما أن يستدير الرجل حتى تتعرف عليه ريمي في الحال، انه عامل الصيانة في المستشفى الذي تعمل فيه ويدعى ألين شويري، وفي هذه اللحظة بالذات تنشب النار فجأة في أرجاء المكان ويعلو صراخ تريزيتا فتستيقظ ريمي من نومها فزعة وهي ترتجف خوفا، وفي اليوم التالي أخبرها زوجها بأنه سمعها تهذي وتتكلم خلال الليل قائلة : "أنا تريزيتا باس .. أريد منك أبلاغ الشرطة .. قاتلي يدعى ألين .. سرق مجوهراتي .. وقدم بعضا منها لصديقته".


صورة الممرضة تريزيتا وصورة قاتلها ألين
أخيرا يقرر الزوجان اللجوء إلى الشرطة فتتصل ريمي بهم وتخبرهم بتفاصيل حلمها الغريب، بالطبع لم يأخذوا كلامها على محمل الجد في البداية، بيد أن وصفها الدقيق لما بدت عليه تريزيتا أثناء الحلم أسترعى انتباه بعض المحققين، إذ كان وصفها مطابقا تماما لما بدت عليه جثتها حينما عثرت عليها الشرطة في مسرح الجريمة، كانت عارية تماما تغطي جسدها بعض الحروق وقد غرست في صدرها سكين كبيرة. لذلك ومن باب الفضول قام أحد المحققين بزيارة ألين شويري في شقته لمجرد الاستفسار منه عن علاقته بتريزيتا؛ وقد بدا ألين مصدوما من هذه الزيارة المفاجئة، راح يتلعثم ويتلكأ في كلامه، وأعترف ضمنا بزيارته لتريزيتا في شقتها يوم مقتلها من أجل تصليح جهاز تلفازها، لكنه أنكر أية علاقة له بملابسات موتها.

ارتباك ألين واعترافه بزيارته لشقة القتيلة ليلة مقتلها، كل هذا جعل الشكوك تحوم حوله، فراح المخبرون يراقبونه على مدار الساعة، وقام المحققون بزيارة صديقته، لأن تريزيتا أخبرت ريمي في الحلم بأن ألين قدم بعضا من المجوهرات المسروقة كهدية لصديقته، وسرعان ما اعترفت تلك الصديقة بأن ألين أهداها بالفعل خاتما مرصعا بالجواهر قبل فترة قصيرة، وقد تبين بأن ذلك الخاتم كان من ضمن المجوهرات المسروقة من شقة تريزيتا.

وبمحاصرته بالأدلة الدامغة التي تدينه اعترف ألين أخيرا بارتكابه لجريمة القتل، وأخبر المحققين بأن تريزيتا باس – 49 عاما – استدعته إلى شقتها يوم وقوع الجريمة لتصليح تلفازها فهاجمها على حين غرة وقام باغتصابها أولا قبل أن يقتلها طعنا بالسكين، ثم أقدم على سرقة أموالها ومجوهراتها وأضرم النار في الشقة لأبعاد الشبهة الجنائية عن الحادث، لكن تشاء الأقدار أن تخمد النيران من تلقاء نفسها من دون ألحاق ضرر كبير بمسرح الجريمة.

في عام 1979 تمت محاكمة ألين شويري بتهمة قتل الممرضة تريزيتا باس، وقد أثارت قصة الحلم دهشة وذهول وحيرة جميع من كانوا في المحكمة، وأعتبره البعض دليلا على عدالة السماء، لكن عدالة الإنسان جاءت للأسف مخيبة لجميع الآمال، فألين شويري لم يحصل سوى على حكم إدانة مخفف بالسجن لأربعة عشر عاما فقط.

ظهرت في الحلم لترشدهم إلى جثتها !


عثروا على الجثة داخل خزان معالجة مياه الصرف الصحي
لمدة ستة أشهر، لم يتوقف أطفال "نيمفا ديجايا" للحظة عن التفكير في أمهم المفقودة والسؤال عن مصيرها الغامض، لم يستطيعوا أبدا تصديق ما يقوله أبوهم "فيرمن" عن رحيلها وفرارها من المنزل .. مستحيل .. أمهم الحنون التي ضحت طوال حياتها بالغالي والنفيس من أجل أطفالها الثمانية، كيف يعقل أن تهجرهم .. محال أن تفعل ذلك .. لكن الأب فيرمن أصر على قصته، أخبر الجميع بأن زوجته هجرته ورحلت إلى المجهول، هكذا فجأة ومن دون أية مقدمات، وفي الواقع لم يكن الأمر مفاجئا أو مستبعدا بالنسبة لبعض الجيران والأقارب ممن يعرفون العائلة جيدا، فنيمفا عانت لسنوات طويلة من التصرفات الخرقاء لزوجها السكير الذي دأب على إيذاءها وضربها، وقد تأزمت الأمور بين الزوجين كثيرا في الآونة الأخيرة بعد أن اكتشفت نيمفا قيام زوجها باغتصاب شقيقتها الصغرى، فأصرت على مساندة شقيقتها في رفع دعوى قضائية ضده.

التساؤلات حول اختفاء نيمفا وعلامات الاستفهام الكثيرة حول مصيرها الغامض تزايدت باضطراد بعد موت أصغر أبناءها جراء تعرضه لحادث دهس بالسيارة، فكيف يعقل أن يموت أحد أبناءها ولا تعود إلى المنزل ؟ .. لابد أن عارضا أو مكروها ما قد أصابها فمنعها من الحضور، لكن ما طبيعة هذا العارض .. لا أحد يعلم ..

وفي تلك الفترة بالذات، راود احد الجيران، ويدعى الياندرو أموي، حلم في غاية الغرابة، رأى خلاله نيمفا وهي تقوده إلى خزان معالجة مياه الصرف الصحي القريب من منزله وتطلب منه فتحه بإصرار.

في البدء لم يعر الياندرو الحلم اهتماما كبيرا وسرعان ما نسيه، لكن بعد مرور أيام قليلة فقط اتصلت به ابنة نيمفا الكبرى وأخبرته بأنها شاهدت أمها في الحلم وهي تقودها إلى خزان الصرف الصحي القريب من منزله وتطلب منها فتحه!.
وقد أصيب الاثنان بالصدمة والذهول لتطابق حلميهما، فقرر الياندرو فتح الخزان وتفتيشه بمساعدة بعض جيران وأقارب نيمفا، وكم كانت دهشة الجميع كبيرة حين عثروا على جثة بشرية متحللة داخل الخزان، وفي الحال تعرف أحد أبناء نيمفا على الجثة، فالثوب الذي كانت تلبسه هو نفس الثوب الذي كانت أمه ترتديه ليلة اختفاءها .. أنها جثة نيمفا بالتأكيد، وطبعا توجهت جميع أصابع الاتهام في مقتلها إلى زوجها فيرمن الذي سرعان ما ألقت الشرطة القبض عليه وهو يقبع الآن في احد السجون الفلبينية بانتظار القصاص العادل.


قد تكوني مهتمة بالمواضيع التالية ايضاً:





©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©