عنوان الموضوع : مساهمة منطقة الهضاب في الحركة الإصلاحية الجزائرية من خلال شخصياتها - الجزائر
كاتب الموضوع : chichaki
مقدم من طرف منتديات ايمازيغن

مساهمة منطقة الهضاب في الحركة
الإصلاحية الجزائرية من خلال شخصياتها

بقلم: الأستاذ خثير زبير ذويبي / سطيف

بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، محمد بن عبد الله، أمّا بعد:أيتها السيدات الفضليات، أيها السادة الكِرام، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.ها أنا أعود إلى مدينة عين أزال مرة أخرى، وبعد ثمانية وثلاثين سنة خلت، حيث كانت انطلاقتي في المسيرة التعليمية من مدرسة ( الكاء ) بحي بومسطور التي عُيّنت بها في 6نوفمبر 1970، والتي كانت تابعة إداريا لمدرسة البنات التي كان يُديرها آنذاك أستاذنا الفاضل حمودة منصور.فهذه المدينة المجاهدة، كانت ولازالت مفخرة الجزائر برمتها، نظرا لما قدّمته من تضحيات قبل وأثناء الثورة التحريرية، وإلى اليوم. فمدينة عين أزال ستظل مفخرة الجزائر، إلى الأبد.وإذا كنت قد ذكرت التضحيات الجسام لهذه البلدة الطيبة، فلأنها واحدة من تلك البلدات الطيبات الأخريات للجزائر الغالية، هذه البلدات التي أنجبت رجالا صاغوا التاريخ بأناملهم، فصنوعه، قبل أن يصنعهم. وركبوا المخاطر، في سبيل العلم وبناء الوطن، في وقت السلم، كما ركبوا المخاطر في سبيل تحرير الأرض من الغزاة، في وقت الحرب. فما من بلدة إلاّ ولها ما لها، من النماذج البطولية، ولها ما لها من الرجال الصناديد، وعين أزال واحدة منها، لم يُعوزها أبطال، كما لم يُعوزها علماء.وما دمنا بصدد ذكر العلماء، فقد حاولت أن أُبرز الدور البارز لعلماء الهضاب في الحركة الإصلاحية الجزائرية، وأعني بذلك علماء ولاية سطيف، من شمالها إلى جنوبها، ومن شرقها إلى غربها. وقد تعمدت هذه المداخلة المتواضعة، لإيفاء الحق لهؤلاء الرجال أولا، ولإطلاع الأجيال القادمة على ماضيهم التليد ثانيا.وأستسمحكم على اقتصار المداخلة على البعض دون البعض الآخر، لأن العدد كبير ولا يسمح الوقت بذلك. كما أني حاولت أن أُلامس جهات الولاية الأربعة. لتجد كل منطقة نفسها ضمن دائرة الحركة الإصلاحية، بعون الله تعالى. وإليكم بعض هؤلاء المصلحين: 1 ـ الشيخ الدراجي الراشدي العيادي بن رابح بن الأطرش: من أولاد رشيد بعين أزال، ولد في مطلع القرن التاسع عشر، ونشأ في بيئة أصيلة متمسكة بدينها، ولغتها، تُحفّظ أبناءها القرآن الكريم منذ نعومة أظافرهم، وتدفعهم إلى السفر والتَّرحال من أجل طلب العلم والمعرفة.انتقل الشيخ الدراجي العيادي مبكرا إلى زاوية الشيخ الحداد، فحفظ القرآن الكريم، ثم تفرّغ لطلب العلوم الشرعية، من فقه وأصول وتفسير. ولمّا أنس فيه شيوخه الكفاءة العلمية، وصلاح النفس والإخلاص في العمل، كلّفوه بالتدريس في الزاوية التي تعلّم بها. وبعد أن قضى ردحا من الوقت بتلك الزاوية دارسا ومدرّسا، عاد إلى موطنه الأصلي، بأولاد رشيد، فعمل مدرسا، ومرشدا، وموجها لأبناء وطنه. ولما ذاع صيته، وعلا شأنه، سمع به الخاص والعام ، استقدمه الشيخ الصديق حمادوش إلى زاوية قجال للتدريس بها. فاستقرّ بقجال وتزوج هناك، حيث بني له بيت بمحاذاة المسجد، فأنجب بنين وبنات، تجلتْ فيهم جميعا الصفات الكريمة التي تحلى بها والدهم الشيخ الدراجي. ولا زال أهل قجال كلهم يذكر هذا الشيخ الجليل ويسميه باسمه من خلال نسبة أولاده إليه، حيث أصبحت المنطقة التي يسكنا أبناؤه وأحفاده تسمى إلى اليوم، بـ ( أولاد الشيخ الدراجي ). وهم من أطيب الناس، واسأل مَن شئت يخبرك عن ( الطُّلبة) كما يسميهم البعض الآخر. كان الشيخ الدراجي عيادي شيخ علم، ورجل دعوة وإصلاح يعلّم بالزاوية المذكورة، ويرافق الناس إلى الأسواق، يعلمهم أحكام البيع والشراء، ويأمره بالمعروف، وينهاهم عن المنكر، وينهاهم عن الغش والربا حتى اشتهر أمره، وذاع صيته في مدينة سطيف وما حولها.فاجتمع حوله الناس، وأتوه من كل حدب وصوب، يسترشدونه، ويستشيرونه. حتى ضاق به ذرعا مرابوا الأسواق، وسدنة الغش، وتجار المضاربة، فشكوا أمره إلى القضاء الفرنسي، فحاولوا إيقافه، فهددته الشرطة الفرنسية عدة مرات، فلم يأبه بهم، وظل يواصل رسالته في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكرحتى انتقل إلى رحمة الله . وللعلم فإن ذرية الشيخ الدراجي العيادي ، ما تزال على ما كانت عليه، فمنهم المعلمون ومنهم الأئمة، ومنهم رجال الإصلاح وجمع الكلمة، حتى أن كل الناس ترغب في التقرب منهم، من أجل التزاوج، أخذا وعطاء. وعلى سبيل التمثيل لا الحصر نذكر الشيخ الصديق العيادي الذي أمّ الناس بالمسجد العتيق ردحا من الوقت، قبل أ يُعيّن إماما بالعاصر بالقرب من عين أرنات. إلى أن وافته المنية. وكذلك الشيخ رابح عيادي الذي أمّ الناس وعلّم القرآن بزاوية بن حمادوش حتى انتقل إلى جوار ربه، وكذلك آخرون.3 ـ سعد بن قطوش السطيفي: المنتمي إلى عائلة القطاطشة بقصر الأبطال بدائرة عين ولمان ولاية سطيف، حيث تعلم في الأزهر الشريف بمصر، كما علّم بالزيتونة بتونس ، ومن تلامذته بالزيتونة العلاّمة عبد الحميد بن باديس. وسعد بن قطوش أول من نادى بتحديث طرائق الدراسة وكذا المنهجية الدراسية لجامع الزيتونة . ومن تلا مذته أيضا : الشيخ الفقيه محمد العربي القروي، مؤلف كتاب : (الخلاصة الفقهية على مذهب السادة المالكية) للمقري. والذي قام بتقديم إهداء الكتاب لأستاذه سعد بن قطوش. (انظر إهداء الكتاب). 4 ـ رابح مدوربن لخضر السطيفي، من قرية ملول جنوب سطيف ، ولد سنة 1908 . تعلم القرآن وبعض العلوم الشرعية بمسقط رأسه ثم التحق سنة1929 بجامع الزيتونة بتونس، وتخرج منه سنة 1935 بشهادة التطويع. كان عضوا شرفيا بجمعية العلماء المسلمين الجزائريين . وقد ألقى خطبة بنادي الترقي بالعاصمة الجزائرية سنة 1935 بمناسبة المؤتمر التأسيسي للجمعية.( انظر سجل جمعية العلماء المسلمين لسنة 1935 ). ثم التحق بالإمامة والتدريس بمسجد المحطة( أب ذر الغفاري حاليا). تخرجت على يديه أجيال كان لها الدور البارز في تحرير وبناء الوطن، من بينهم السيد الوزير السابق للشؤون الدينية عبد الحفيظ أمقران، وغيره كثير وكثير جدا.( انظر كتاب من أعلام سطيف ـ الشيخ رابح مدور، للمؤلف . ذويبي خثير الزبير). وهو مرجع في الفقه المالكي.وفي الختام ، أقول لكم: معذرة إن أنا قصّرت في ذكر عظيم أعمال الرجال فأعمالهم تحتاج إلى أسفار وأسفار، لأنها عبارة عن موسوعات كاملة. والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.


بقلم: الأستاذ ذويبي خثيرالزبير يوم الاثنين 7أفريل2015م




©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©