عنوان الموضوع : سلسلة الصفات< الصـــــــــــدق >الشيخ عبد الله أحمد القطان شريعة اسلامية
كاتب الموضوع : imilla
مقدم من طرف منتديات ايمازيغن

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته


سلسلة الصفات


اولا: < الصـــــــــــدق >

صِفَـــــــــة الصِّدق، صفةٌ لصيقةٌ بجميع الأنبياء، لأن الصادق يُأخذ عنه ويُسمع له، والكاذب لا يُؤخــذ عنه ولا يُسمع لــه,,,,

قال تعالى:{ واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقـاً نبياً }
قال تعالى:{ واذكر في الكتاب إدريس إنه كان صديقـاً نبياً }

قال تعالى:{ واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صـادق الوعد وكان رسولاً نبياً }


أربعين سنةً قبل بعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم،وكان آنذاك مشهوراً في قريش بالصادق الأمين، يقف النبي علي جبل الصفا وهو ينادي ويصدع ليبلغ الناس دعوة الله، (ينادي يا بني فهر يا بني عدُّي وفي بطون قريش، فكان الذي لا يستطيع أن يأتي يرسل رسولاً فقال النبي ):أرأيتم لو أخبرتكم أن خلف هذا الجبل خيل تريد أن تغير عليكم أكنتم مصـِّدقي...!!
قالوا ما جَّربنا عليك كذباً قط، فقال: إني نذيرٌ لكم بين يدي عذابٍ شديد, فقال أبو لهب؛ تبًّا لك سائر اليوم؛ ألهذا جمعتنا.!!) انظر..!! لم يقل أبو لهب كذبت يا محمد لأنه ما جَّرب عليه كذباً قط..! أمَّا النبي بين أصحابه فيوصف بالصادق المصدوق.
قال تعالى:{ الله لا إله إلا هو ليجمعَّكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه ومن أصــدق من الله حديثا }
قال تعالى:{ والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جناتٍ تجــري من تحتهم الأنهـــار خالدين فيها أبداً وعد الله حقَّاً ومن أصــدق من الله قيلا }
هناك معاني إسلامية عظيمة مشتقةً من الصدق مثال: الصديـق,, ومعنى الصديق هو الذي يصْدق في معاشرته لك فلا يخونك أبـداً، ومشتق منها أيضاً كلمة الصَّدقـة؛ لأن الصدقة دليل صدقك مع الله بشكل عملِّي.


[ أَحَاديثُ نَبَويَّةِ فِي الِّصْــدقِ,,]

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم( إن الصـدق يهدي إلى البرَّ، وإن البر يهدي إلى الجنة، وإن الرجل ليصـدق ويتحرى الصـدق حتى يكتب عند الله صديقـا، وإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا ).

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم( اضمنوا لـي ستاً من أنفسكـم أضمن لكـم الجنة: اصدقـوا إذا حَّدثتـم، وأوفوا إذا عاهدتُّم، وأدوا إذا ائتمنتم، وحفظوا فروجكم، وغضوا أبصاركم، وكفوا أيديكم )

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم( من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة )

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم( كبرت خيانةً أن تحِّدث أخاك حديثاً هو لك به مصـدق، وأنت له به كاذب )

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم( إن الصـدق طمأنينةً، والكذب ريبةً )

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم( آية المنافق ثلاث: إذا حدَّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمـن خـان )

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم( إذا كذب العبد تباعد عنه الملك ميلاً من نتن ما جاء به )

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم( من علامات الساعة كثرة الكذب )

وروي عن بعض أصحاب الرسول عليه السلام قالوا: ما كان خلق أبقض إلى النبي من الكذب؛ ولقد كان الرجل يُحْدِثْ الكذبة عند النبي فيتغّيَر؛ فما زال النبي في نفسه حتى يعلم أنه أحدث منهما توبة. نستنبط من ذلك أمرين:
الأول/ أنك إذا كذبت فعلم أَّن النبي قد تغَّير قلبه منك الآن.
الثاني/ أعلم إذا كذبت فهي في صحيفتك حتى تحدث توبة تمحى هذه الكذبة.
قال العلماء: من يستديم على الكذب يأتي بكبيرةٍ من الكبائر,,,, لأنـه بالكـذب يصبح المعروف منكـراً والخير شراً والحقَّ باطلاً.
أن استدامة الكذب يؤدي لا محالة إلي النفاق، قال تعالى:{ ليجـزي الصادقيـن بصدقهـم ويعـذب المنافقين } سياق الجملة/ ويعذب الكاذبين.!! بعد كلمة الصادقين، لكن ذكر المنافقين لأنه تمادى بالكذب حتى صار منافقاً؛ لذلك الإيمان أساسه الصدق؛ والنفاق أساسُهُ الكذب.
لذلك لا ينفع إيمانٌ وكذبٌ في قلب مسلمٍ أبداً؛ انظر كيف يصف الله أحوال المكذبين يوم القيامة وما حَّل بهم،
يقول سبحانه{ ويوم القيامة تـرى الذين كذبوا على اللـه وجوههـم مسوده أليـس في جهنَّم مثوىً للمتكبرين }
والله ينادي يوم القيامة ويقول:{ هذا يوم يَنْفَعُ الصادقيـن صدقهـم } ربما لـم ينفعـك الصـدق بالدنيـا ولكن تأكَّد وتيقَّن أن صدقك سينفعك يوم القيامة كما وعد الله:{ ومن أصـدق من الله قيلا }
يخبر الله عن الأنبياء فيقول سبحانه:{ وإذ أخـذنـا مـن النبيين ميثاقهـم ومنّـِك ومـن نــوحٍ وإبراهيم وموسى وعيسى وأخذنا منهم ميثاقاً غليظاً0 ليسأل الصادقيـن عن صدقهم } انظر: إذاً الأنبياء سيسألون عن صدقهـم؛ فكيف بالكاذبين عن كذبهـم.!!! تخَّيل معـي سيـد الخلـق سيُسْأل عن صدقِهِ؛ فكيف أَنتَّ.!!

[ أَنْوَاعُ الِّصْـــــــدقِ,,]

ثلاثـةَ أنـواع: 1) صـــــــــدق النيــــــة...
2) صـــــــــدق اللســان...
3) صـــــــــدق العمــــل...

أولاً: صــــْـدق الَّنيــــة..
لا بَّد أن تقوم بكِّل عمل من أعمال حياتك لوجه الله تعالى بنيةٍ صادقةٍ، فَبنِّيةِ تتحول العادة إلى عبادة، مثال: رجـل يبَّر والداه لأنهما والداه فقط.!! وآخـر يبُّرهمـا لأنه يستشعر أن دخـول الجنة بِبِّرهمـا ورحمتهما.
قال رسول الله صلى الله عليه وسَّلم( من طلب الشهادة بصـدقٍ بَّلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه ) تخيل أنك تأتي يوم القيامة في زمرة الشهداء ومع حمزة بن عبد المطلب سيد الشهداء وعمر وعثمان وعلي وغيرهم، وأَنْتِّ مع الشهيدات وأولهما سميَّة أم عمَّار رحمها الله ورضي عنها.
قال تعالى:{ فَإِذَا عزموا الأمر فلو صدقــوا الله لكان خيراً لهم }
قال رسول الله صلى الله عليه وسَّلم( الدنيا لأربعة نفر: الأول عنده مال وهو طائعٌ لله وينفقه في سبيل الله، والثاني ليس عنده شيء فيقول لو عندي مثل فلان لفعلت مثلما فعل!!... يقول الرسول فهما فـي الأجر سواء ) هذه نتيجة الصادق مع الله بالنية.

ثانياً: صِـــــْدق اللِّسـان..
1.صدق اللسان في القرآن:-
قال رسول الله صلى الله عليه وسَّلم( من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار )
فلا يجوز أن تفسر القرآن على مزاجك أو تأويله على فهمك، فتأتي على آية الحجاب مثلاً فتقول؛ هذه خاصةٌ لزوجات الرسول فقط.!!!

2.صدق اللسان في الحديث:-
قال رسول الله صلى الله عليه وسَّلم( من كذب علَّي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار )
فإذا حدثت عن النبي فقل/[ أو كما قال عليه الصلاة والسلام’ بمعنى أن تنسب الخطأ إلى نفسك وتوِّثق النقل السليم عن النبي في تبليغه.
قال رسول الله صلى الله عليه وسَّلم( من روى حديثاً وهو يرى أَّنه كذب فهو أحد الكذابين )

3.صدق اللسان في التجارة:-
قال رسول الله صلى الله عليه وسَّلم( التاجر الصـدوق الأمين مع النبيين والصديقيـن والشهداء )
قال رسول الله صلى الله عليه وسَّلم( يا معشر التجار؛ فرفعوا رؤوسهم.. فقال: إَّن التجار يبعثـون يوم القيامة فَّجاراً؛ إلا من اتقى وَبَّر وصــدق )
قال رسول الله صلى الله عليه وسَّلم( البِّيعان بالخيار ما لم يتفَّرقا، فإن صدقـا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كذبا وكتما، فعسى أن يربحا ربحاً ما، ويمحق بركةَ بيعهما )

4.صدق اللسان في الشهادة:-
قال رسول الله صلى الله عليه وسَّلم( ألا أنبئكم بأكبر الكبائر.!! قالوا بلى يا رسول الله: قال الشرك بالله وعقوق الوالدين وقتل النفس، وكان متكأً فجلس فقال: ألا وقول الزور وشهادة الزور– ثلاثا - حتى قلنا ليته سكت) على قدر ما يتضَّرر الناس من الكذبة، يكون الوزر والإثم.
لقد رأى رسول الله عليه السلام رؤيا في المنام أَّن رجلاً يفتح فمه ويشَّقه شقَّين؛ فقلت من هذا...؟ فجاء رجلين فقالا: إن هذا الكذاب، يكذب الكذبة فتُحمل عنه فتبلغ الآفـاق؛ فيصنع به هكذا إلى يوم القيامة.

5.صدق اللسان في الزواج:-
لقد تزَّوج رسول الله صلى الله عليه وسَّلم من امرأةٍ فيها عِلَّةٌ فقال...( لقد دَّلستم عليَّ..!!)

6.صدق اللسان مع الأطفال:-
نظر النبيُّ إلى امرأةٍ تنادي طفلها وتشير إلى أَّن في يدها شيءً له.!
فقال النبي ماذا تعطيه.؟ فقالت تمرٌ، فقال)( أما إنك لو لم يكن معك ما تعطيه إياه لكتبت عليك كذبةٌ )

7.صدقٌ في الحديث والمزاح:-
قال رسول الله صلى الله عليه وسَّلم( ويلٌ للذي يحِّدثُ بالحديث ليضحك به القوم فيكذب؛ ويلٌ له ثَّم ويلٌ له)
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمزح ولا يقول إلا صدقاً.
قال رسول الله صلى الله عليه وسَّلم( أنا زعيمٌ- أي ضامن- ببيتٍ في وسط الجنة، لمن ترك الكذبَ وإن كان مازحاً)

ثالثا: صِـــْدقُ العَمَــل..
قال تعالى:{ وقل ربي أدخلني مدخل صــدقٍ وأخرجني مخرج صــدقٍ واجعل لى من لدنـك سلطاناً نصيرا }
قال تعالى:{ من المؤمنين رجالٌ صدقـــوا ما عاهدوا الله عليه }

[ نَمَاذجْ الصَّادقِينَ مَعَ اللَّه ,,]

1)الصحابي الجليل عمير بن الحمام الأنصاري... سمع رسول الله يقول أثناء معركة بـدر( والـذي نفس محمدٍ بيده لا يقاتلهـم اليوم رجلٌ فيقتل صابراً محتسباً مقبلاً غير مدبر إلا أدخله الله الجنة) وفي رواية( قوموا إلى جنةٍ عرضها السموات والأرض) فيقول عمير: يا رسول الله؛ جنةٌ عرضها السموات والأرض.!! قال: نعم، قال: بـخٍ بـخٍ، فقال رسول الله؛ ما حملك على قولك بـخٍ بـخٍ؟ قـال: لا والله يا رسول الله إلا رجاءَ أن أكون من أهلها، قال: فإنك من أهلها، فأخرج تمرات من قرنه فجعل يأكل ثم قال: لئن أنا حييت حتى آكل تمراتي هذه إنها لحياةٌ طويلة؛ فرمى بما كان معه من التمر ثم قاتلهم حتى قتل.مسلم

2)غزوة خيبر وزَّع النبي الغنائم فأرسل لرجلٍ نصيبه، فقال الرجل ما هذا.؟ فقالوا نصيبك. فجاء إلى الرسول فقال: ما هذا.؟ فقال نصيبك. فقال: ما على هذا اتبعتك ولكن اتبعتك على سهمٍ ها هنا – ويشير إلى نحره فيقول الرسول( إن تصـدق الله يصدقـك)...
فكانت معركةً أخرى فسقط الرجل شهيداً وقد أصابه السهم حيث أشار، فأتوا به إلى النبي فتعجب.! فقال أهو هو.!! قالوا نعم يا رسول الله قال( صـدق الله فصدقـه الله).

3)عبدا لله بن جحش في غزوة أحد يدعو ربه ويقول: [ اللهم إني أسألك رجلاً من الكفار شديد القوة أُقاتلهُ ويقاتلني فأقتله ، ثم ترزقني رجل من الكفار أقاتله ويقاتلني فأقتله ، وترزقني رجلاً شديداً من الكفار أقاتله فيقتلني ؛ ويبقر بطني، ويقطع أُذني، ويجدع أنفي، فآتيك هكذا يوم القيامة ، فتقول لي يا رب؛ لم فعلت ذلك يا عبدا لله ...؟ فأقول يا رب لأجلك؛ فتقول لي صدقـت ]..
فيأتي يوم أحد.. يقول سعد بن معاذ؛ فوجدت عجباً..! وجدت عبد الله قد بقرت بطنه وقطعت أذنـه وجدعت أنفه وبجواره اثنين من الكفار قتلى.

4) جاء رجل إلى النبي أسود الوجه نتن الرائحة رثَّ الثياب، يوم خيبر فقال: يا رسول الله كنت كافراً مع اليهود وأسلمت؛ هل إذا قاتلت اليهود أدخل الجنة.؟ فقال النبي نعم. فقاتل فقتل شهيداً. وبعـد المعركة قال النبي احملوه إلى خبائي، فنظر إليه وقال: كنت نتن الرائحة قد حَّسن الله رائحتك، كنت أسود الوجه قد بَّيض الله وجهك، أرى بجواره الآن زوجتين من الحور العين تنفضان عنه التراب يقولان، قرَّب الله من قَّربك، وقتل الله من قتلك.

5)علي بن أبي طالب يدعو بصدق ويقول[ اللهم ارزقني شهادةً في سبيلك بعد عمرٍ طويل في سبيلك] فعاش طويلاً ومات شهيداً.

6)عمر بن الخطاب يدعو ويقول[ اللهم رزقني شهادةً في بلد نبيك ] وبصدقه يموت شهيداً فالمدينة، ويدفـن بقرب صاحبيه.

7)سئل صلاح الدين الأيوبي لم لا تضحك.؟
فقال: كيف أضحك والمسجـد الأقصـى أسير، وما رُئِيَ ضاحكاً إلا يوم فتح المسجـد الأقصـى.

أخيراً: لا بُّد من الصدق بالنية واللسان والعمل، فإذا قمت بهما جميعاً فقد استكملت الصـدق كلـه، فالذي يستكمل صور الصدق الثلاثة يسمى صديق كأبي بكر الصديق؛ ودرجاتهم بالجنة بعد الأنبياء
قال تعالى:{ ومن يطع اللـه ورسوله فؤلائك مع الذين أنعم اللـه عليهم من النبييـن والصديقيـن والشهداء والصالحين وحسن أولائك رفيقا }

[مَا هِي أَسْبِابُ الكَذِبَ..؟]

المنفعة الشخصية/ مَّر النبي علي أبي جهل وصاحبه وهما جالسين، فدعاهما للإسلام فقال أبو جهل: أنت كاذب لست بصادق، فتركه الرسول ومضى. فقال أبو جهل: أمـا إنـي لأعلم أنه صادق، ولكن يمنعني أن أُؤمن به أننا كَّنا- يعني قبيلته- وبنو عبد مناف- يعني قبيلة رسول الله، فرســي رهـان... أي نسابق بعضنا البعض بالنفوذ والجاه والمنافع؛ يقولون منَّا كذا فنقول مَّنا كذا؛ حتى قالوا مَّنا نبي فأَّنا لنا بها.

حب إيذاء الآخرين/ إن الإنسان يضمر في قلبه الحقد والحسد واحتقار الناس، لذلك يحب أن يكذب عليهم ضاناً أنه سينتصر عليهم.

حب الكذب لذاته/ سئل رسول الله أيكون المؤمن جباناً.. ( فقال نعم: قالوا أيكون المؤمـن بخيلاً..قال نعم: قالوا أيكون المؤمن كذاباً..قال لا).

[هل يجوز الكذب..؟]

يقول العلماء يجوز الكذب في ثلاث حالات :
1)في الحـرب ..
2)عند الإصلاح بين الناس ...
3)الكـذب مع الزوجــة ....


(والحمد لله رب العالمين)

الشيخ عبد الله أحمد القطان





©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©