عنوان الموضوع : طريق السعادة لمن أردها. تشريع اسلامي
كاتب الموضوع : chahinez
مقدم من طرف منتديات ايمازيغن


الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على نبيه المصطفى بعد :
إخواني الأفاضل أخواتي الفضليات، لاشك أن السعادة هي مطلب كل خلق الله، أبرار كانوا أم فجار، أخيار كانوا أم أشرار ولكل سبيله في طلبها، لكن بين سبيل الأبرار والفجار من الفرق الشاسع في طلب هذا المبتغى كما بين السماء والأرض، وقد جرب الناس كل الطرق الموصلة إلى السعادة في ظنهم، ولم يجد السعادة على حقيقتها وبما تحمله من معاني رفيعة إلا من ارادها من طريق الحق المبين، وكاجتهاد مني لنفع إخواني وإرادة للخير بهم ولهم ، أحببت في هذه العجالة الدلالة على ركائزها و أسسها التي تنبي عليها، فان وفقت فمن الله ذى الجلال و الإكرام وان كانت الأخرى فمن نفسي ومن الشيطان.
قال الشيخ المجدد محمد بن عبد الوهاب في متنه القواعد الأربعة وذلك في مقدمته، قال رحمه الله رحمة واسعة، (جعلك الله ممن اذا أعطي شكر واذا أبتلي صبر واذا أذنب استغفر فان هِؤلاء الثلاثة عنوان السعادة)، وصدق رحمه الله فيما قال إذ أن أحوال العبد لا تخرج عن هذه الثلاث، فإما عطاء و إكرام من ذي المنن و الإنعام يوجب في نفوس المؤمنين الصادقين الشكران مما يعلي لهم الشأن و يورثهم مزيد نعم وإحسان من الله الشكور المنان، فان لم تكن المنحة المباشرة والتي يعبر عليها بالعطاء فهي المنحة التي تعقب الابتلاء يبتلى به العبد فيصبر ويسلم لأمر الله ويرضى به، ومن رضي فله الرضى ومن سخط فله السخط، وان لم تكن الأولى و الثانية فهي الثالثة وهي أن يذنب العبد ذنبا بسبب غلبة الهوى والغفلة عن الطاعات التي هي بمثابة الحصن لصاحبها من كل شر وسوء، فاذا أذنب فاستغفر وتاب وأناب فتح له مولاه من أبواب الخير والفضل منه ما يرفع به مرتبته في الدنيا و الآخرة، ويُبَوَؤَهُ منزلةً قل أن يُبوأهَا أحدٌ، بل قد يكون بسببها من السابقين الذين هم ثلة من الأولين وقليل من الآخرين، أليست هته هي السعادة بعينها لما يحصل له ابتدءا من حرقة الندم على المعصية التي قد اقترفتها جوارحه وباءت بها نفسه، فتتحول تلك الحرقة إلى نار متقدة في أطراف الصدر وأرجاء النفس فيأتي التوفيق من الباري، لسلوك الماء الجاري والنور الهادي والذي يطفئ في النفس حرقتها ويضئ فيها ظلمتها فما هي إلا لحظات حتى يشرق في النفس نور الإيمان فينقشع الظلام وتمتلئ الذات رضا بما أتاها الله من ورع وتقوى بعد التقصير والسهو والنسيان حتى إن عدو الله إبليس ليندم كأشد الندم على تلك المعصية التي أوقعه فيها فتحولت بلطف الله ورحمته إلى منحة ربانية كان بها السبيل إلى الهدى أسلك من ذي قبل و صارت به الهمة في طلب العقبى أنشط من ذي سابق فتلك هي حكمة الله ورحمته في تقدير المعصية على عباده فهل من سالك لهذ الطريق المستقيم والسبيل القويم في الفهم عن رب العالمين مراده بما يبتلي به عباده من ضراء وسراء وتقدير للعصيان و ما يتورد عن ذلك من صبر وشكر و إنابة واستغفار.



©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©