عنوان الموضوع : الشذوذ الجنسي.. مشكلة لها علاج - طريقة العلاج
كاتب الموضوع : inzou07
مقدم من طرف منتديات ايمازيغن

الشذوذ الجنسي.. مشكلة لها علاج


الشذوذ كان ولا يزال سلوكًا غير مألوف يخالف الفطرة التي فطر الله الناس عليها والتي هي زواج رجل بامرأة تحل له شرعًا، ويتخذ الشذوذ الجنسي صورًا متعددة منها العلاقة الجنسية بين رجل ورجل وهو ما يسمى باللواط أو بين امرأة وامرأة ويسمى بالسحاق، انتشر الشذوذ الجنسي في المجتمعات الغربية انتشارًا كبيرًا ولاقى صدى واسعًا فيما بينها حتى إن البعض اعتبره أنه شيء موروث غير إرادي، ولم يَعُد الشواذ يستحيون من التبجح بأنهم يمارسونه علنًا، ووصل الأمر إلى درجة إعلانهم عن إقامة حفلات زواج علانية فيما بينهم، بل وأصبح للشواذ جمعيتهم الخاصة التي تروّج لهم وتدافع عنهم حتى أصبح هذا الانحراف السلوكي أحد ملامح الثقافة العربية، إلا أن الخطر الداهم يكمن في الخوف من أن يتم بث سموم هذا الانحراف السلوكي إلى المجتمعات العربية، خاصة مع التحايل الذي استخدمه البعض للترويج له والدفاع عنه.
طابع خاص


والتعامل مع الشواذ له طابع خاص، ومنهج عملي علمي يجب اتباعه، خاصة مع اختلاف النظرة إليه بين المجتمعات العربية والغربية، وهو ما أكده الحوار الجاد حول الشذوذ الجنسي والذي شهدته مؤخرًا مستشفى المروة للطب النفسي بالإسكندرية بمصر، وحضره الدكتور "طارق ملوخية" أستاذ مساعد الطب النفسي بكلية الطب جامعة الإسكندرية، والدكتور أحمد الشريف استشاري الطب النفسي، حيث تم التطرق حول كيفية التعامل مع الشذوذ الجنسي، خاصة أن التقسيمة الأمريكية للطب النفسي في طبعتها الرابعة والذي سبقها جدل طويل في أروقة الكونجرس الأمريكي للطب النفسي قد أخرجت الشذوذ الجنسي من كونه انحرافًا جنسيًّا؛ ليصبح نوعًا من الاختلاف بين البشر في الممارسة، وبالتالي أصبح مدخل التعامل مع الشاذ جنسيًّا رجلاً أو امرأة هو تقليل الضغوط النفسية عليه، وذلك حتى يقبل نفسه في مواجهة رفض المجتمع له مع استمراره في سلوكه الشاذ طالما أنه راضٍ عنه، أي أن الشذوذ الجنسي قد خرج من الانحرافات الجنسية؛ ليبقى فقط كمشكلة في حالة عدم اتساق الشاذ مع نفسه وعدم قدرته على التكيف مع الواقع، ومكمن الخطورة في ذلك والتي تتطلب ضرورة عقد المزيد من الندوات والمناظرات واللقاءات الفكرية هي مواجهة محاولات البعض لفرض الرؤية الأمريكية الغربية على مجتمعاتنا العربية والإسلامية ذات الثقافة المغايرة تحت ادعاء أن هذا هو آخر ما توصل إليه العلم والتعامل معه على أنه حقيقة علمية تتجاوز الثقافة، بل وتهيمن عليها...
وقدّم الدكتور "أحمد الشريف" بصفته دارسًا وممارسًا للطب النفسي في أمريكا عرضًا تاريخيًّا لتطور التعامل مع الشذوذ الجنسي حتى الوصول لهذه النتيجة على أساس أنهم اعتبروا أنه لا علاج للشذوذ الجنسي، وبالتالي بدلاً من مقاومته وعلاجه فليتم الاعتراف به كاختلاف طبيعي وكاختيار شخصي ليس من حق أحد التدخل فيه...
لوبي الشواذ
والحقيقة أن النصر الذي حققه "لوبي الشواذ جنسيًّا" وفرض رأيهم على هذه الهيئة العلمية الأمريكية رغم رفض المجتمع الأمريكي الرافض للشذوذ الجنسي، حيث يعتبره مدعاة لاحتقار صاحبه وعدم السماح له بتولي المناصب نصر مؤقت؛ لأنه ينتهج لغة وخطابًا يمكن بسهولة الرد عليه وتفنيده.
فمسألة فصل العلم عن الأخلاق أو عن السياق الثقافي الذي يطبق فيه هذا العلم أصبح مبدأ مرفوضًا، بل وغير واقعي على الإطلاق وتمثل قضية التعامل مع الشذوذ الجنسي إحدى تجليات هذه المسألة، كذلك فإنه في إطار سياقنا الثقافي المرتكز على تعاليم ديننا الإسلامي يعتبر الشذوذ الجنسي بكل درجاته انحرافًا أخلاقيًّا وسلوكيًّا يحتاج من صاحبه ألا يجهر به، وأن يطلب المساعدة للتخلص منه وهو أمر واجب في حق من يعاني من هذا الانحراف حتى ولو كان على مستوى الفكر والمشاعر والخيال؛ لأنه يمكن أن يتطور في أي لحظة إلى ارتكاب الإثم نفسه الذي يقع في دائرة الكبائر، ويستدعي توقيع العقوبة على صاحبه.
دور المجتمع
ولا يتوقف دور المجتمع على توفير المساعدة لمن يطلبها، بل يجب عليه مواجهة الانحراف الأخلاقي واستئصاله، وذلك بنشر التوعية بهدف سد كل الطرق المؤدية لاكتساب هذا السلوك المنحرف وأيضًا التأكيد على اعتباره انحرافًا أخلاقيًّا غير مقبول اجتماعيًّا أن يتعايش معه صاحبه، كونه مشكلة شخصية أو حرية لا يتدخل فيها أحد؛ لأن ضرر هذا الانحراف يقع على المجتمع بأسره، خاصة أن الدراسات قد أثبتت أن كثيرًا ممن ينتهجون هذا الانحراف السلوكي قد سقطوا ضحايا له ولمن قام به من قبل، وهذا ما يفسر حديث الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه "إذا وجدتم من يفعل فعل قوم لوط فاقتلوه".. (وهنا الحديث موجّه في إقامة الحد إلى الجهات التنفيذية في تنفيذ الحدود وليس الأفراد).. وجاء هذا الحديث النبوي؛ ليمنع من شرّ هذا الفعل وهو يتحدث هنا عمن يستمرئ الفعل حتى يتم اكتشاف أمره؛ لذا كان ولا بد من أن يحمي المجتمع نفسه من هؤلاء الذين أشاعوا الفاحشة، أما من تاب والتوبة هنا يشترط لصحتها اتخاذ الإجراءات الصحيحة في الإقلاع عن الذنب وطلب المساعدة من أهل الاختصاص من خلال برنامج علاج سلوكي للتخلص من الأفكار والمشاعر والميل والفعل كل حسب درجته ووضعه، وبالتالي فمن يطلب المساعدة والعلاج يكون حق على المجتمع مساعدته بكل السبل؛ لأنه بلغة الشرع هو سائر في طريق التوبة لمن وقع في الخطيئة.
وصفة العلاج
ولكن ما هو المطلوب من أهل العلم من أجل الحد من تلك الظاهرة؟ انطلاقًا من الرؤية الحضارية والثقافية المبنية على موقف الشرع من الشذوذ الجنسي، يكون مطلوبًا من أهل العلم وهم في هذه الحالة هم الأطباء النفسيين تقديم العون لهؤلاء المحتاجين للمساعدة، وبالتالي فإننا نبدأ بفرض نظري وهو أن هذا الانحراف السلوكي له علاج عندنا، وأن المطلوب منا هو تصميم البرنامج الخاص بهذا العلاج وهو ما أثبتت التجارب العلمية فعاليته وإيجابيته وتعافي العديد من المرضى من هذا السلوك الانحرافي، وهو ما يعني أن الشذوذ مشكلة لها حل وعلاج، ولو كان مرضًا لا فكاك فيه أو اختيارًا طبيعيًّا هو من فطرة البشر ما كان الله لينزل فيه عقوبة شديدة للفاعل؛ لأن عدل الله سبحانه يأبى ألا تقع عقوبة على من لا يستطيع رد ما وقع به.
ذرائع وهمية
والحديث عن فشل العلاج للشذوذ الجنسي واتخاذه ذريعة لإخراج الشذوذ من دائرة الانحراف الجنسي واعتباره نوعًا من الاختلاف البشري كلام غير علمي؛ لأنه يجري في غير السياق الثقافي، بمعنى أن سبب فشل العلاج هو أن الدوافع التي تدعو الشاذ جنسيًّا في مجتمعنا لطلب العلاج غير موجودة في المجتمعات الأخرى التي لا تؤمن بحرمة الشذوذ الجنسي واعتباره انحرافًا أخلاقيًّا وسلوكيًّا يجب التخلص منه، وبالتالي فإنهم يعتبرون الآثار النفسية الناتجة عن تخلص الإنسان من هذا الشذوذ آثارًا خطيرة يصبح الإبقاء فيها على الشذوذ أخف من تحمل الإنسان إحساسه بالقلق والاكتئاب وهو يواجه هذه المشكلة، أي أن المقارنة أو تعميم نتائج الدراسات التي أجريت والجزم بأن الشذوذ الجنسي ليس له علاج أو أن الذي يتغير هو السلوك، أما الميل فإنه لا يتغير فإنه يخرج عن التدقيق العلمي؛ لأنه يعمم نتيجة دون ثبات العوامل المؤثرة في التجربة العلمية.
السياق الثقافي
ولا تكمن المشكلة في البرنامج السلوكي الذي طبقناه مع هؤلاء الشاذين ونجح.. ولكن في اختلاف السياق الثقافي، بمعنى أن التساؤل الذي طرح عند عرض البرنامج.. هل هذا برنامج للمتدينين فقط؟.. هل هذا برنامج للمسلمين فقط، فكيف نعالج غير المتدينين أو العلمانيين؟.. فكانت الإجابة أنه برنامج سلوكي عام لكل من يطلب المساعدة؛ لأنه يؤمن أن ما يمارسه خطيئة أو خطأ أو سلوك اجتماعي مرفوض، والفارق بين المفهوم الأمريكي ونظيره العربي أن "التقسيمة الأمريكية" متسقة مع سياقها الثقافي فقد وضعت هؤلاء فقط، أي الذين يطلبون المساعدة في إطار المشاكل النفسية وتفضل معظم الاتجاهات العلاجية عنهم، بينما في مجتمعاتنا هو دور يقوم به المجتمع ويدفع فيه أفراده لطلب المساعدة في اتجاه التخلص من هذا الانحراف وليس التعايش أو التكيف معه.. طريقتان للعلاج مختلفتان لاختلاف السياق الثقافي الذي نبع منه كل طريق، وطريقتنا في العلاج تصلح عندهم لمن أراد، بينما لا تصلح طريقتهم عندنا؛ لأنها خارج منظومتنا تمامًا؛ لأنها ليست في مساحة الاختيار لمن آمن بالله ورسوله..
كما تجب الإشارة إلى أنه لا يوجد ما يسمّى بالطب النفسي الذي يتعامل مع المريض الذي جاء يطلب المساعدة ويقتصر دوره عند ذلك، باعتبار هذا أمرًا يختص بالمهنة، فالطبيب النفسي ينطبق عليه ما ينطبق على كل فرد في المجتمع المسلم، وهو أن له دورًا عامًّا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهو لا ينفك عن دوره الخاص في علاج المرض؛ لأن بعض الأمراض لن يتم شفاؤها إلا في إطار مجتمع صحيح معافى.


لأي سؤال يرجى ادراجه في بمشاركة .



©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©